الرئيسية / مقالات رأي / Project Syndicate: أين الصناديق السيادية الخضراء؟

Project Syndicate: أين الصناديق السيادية الخضراء؟

بقلم: هافارد هالاند

الشرق اليوم- لم يعد البقاء على هامش الجهود العالمية للتخفيف من آثار تغير المناخ خيارا، ولكن لا يكفي التركيز فقط على المخاطر المتعلقة بالمناخ مع تجاهل التأثير المناخي الأوسع للصندوق، وإذا كانت صناديق الثروة السيادية جادة وانضمت إلى تحالف مالكي الأصول الصفرية، فسيتعين عليها وضع أهداف أقوى للانبعاثات كل خمس سنوات.

يتبنى المستثمرون المؤسساتيون بشكل متزايد الجهود المبذولة لتحقيق الصافي الصفري لانبعاثات الغازات بحلول عام 2050، حيث يقوم البعض بالفعل بتنفيذ تدابير السندات التجارية ويدمجون العوامل المناخية في صنع القرار، وقد استقبل تحالف مالكي الأصول الصفرية الذي عقدته الأمم المتحدة (والذي يترأسه أحدنا) بالفعل 46 عضوا، من صناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين التي تمثل نحو 6.7 تريليونات دولار من الأصول الخاضعة للإدارة.

الخطوات التي ستتخذ خلال هذا العقد ستكون حاسمة فيما يتعلق بتحقيق هدف منتصف القرن، فمن بين أعضاء التحالف، أصدر 23 عضواً أهدافا لخفض الغازات الدفيئة لعام 2025، مما يعني أنهم ملتزمون بالعمل على الفور، والمطلوب من الأعضاء الخمسة الباقين تحديد أهداف هذا العام وسيعلنون أهدافاً مؤقتة مماثلة قريبا، كما يتم أيضا إنشاء مبادرات صافي الصفر في الصناعات المصرفية وإدارة الاستثمار، والتي تمثل 43 تريليون دولار و37 تريليون دولار في الأصول المدارة على التوالي، ومع ذلك فإن صناديق الثروة السيادية- التي تمثل الأصول المُدارة بنحو 10 تريليونات دولار- غائبة بشكل واضح، على الرغم من أن بعضها مملوك لحكومات تبنت أهدافا مناخية طموحة.

بموجب الاتفاقيات الدولية الحالية، يتم قياس انبعاثات الغازات الدفيئة على المستوى القطري، مما يقلل من التأثير المناخي المحتمل للبلدان التي لديها حيازات كبيرة من الأصول الأجنبية، فعلى سبيل المثال، يبلغ إجمالي حيازات الأصول في صندوق الثروة السيادية النرويجي ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد النرويجي، وتبلغ انبعاثات الكربون في محفظة الأسهم نحو ضعف إجمالي انبعاثات الدولة.

والنرويج ليست وحدها، فقد أظهر تقرير حديث صادر عن المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية أن الصناديق السيادية في جميع أنحاء العالم متخلفة عن الركب، وأفاد نحو ثلاثة أرباعهم بوجود أقل من 10 في المئة من ممتلكاتهم في الاستراتيجيات المتعلقة بالمناخ، في حين أن 14 في المئة فقط اتخذوا قرارات سحب الاستثمارات المتعلقة بالمناخ أو الأهداف البيئية، وفي حين أن 24 في المئة من صناديق الثروة السيادية تعتبر العمل المناخي جزءا من الحوكمة والإطار البيئي والاجتماعي، فإن 12 في المئة فقط لديها سياسة واضحة بشأن تغير المناخ.

ومن المؤكد أن المبادئ والممارسات المقبولة عموما الخاصة بـالحوكمة والبيئة (مبادئ سانتياغو) لا تحدد متطلبات الاستدامة لصناديق الثروة السيادية، لكن ينبغي على حكومات البلدان التي لديها صناديق سيادية أن تنظر إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في غلاسكو في نوفمبر القادم، باعتباره فرصة للالتزام الكامل ببرنامج الصافي الصفري.

هناك عدة أسباب تدفعهم للقيام بذلك: بالنسبة للمبتدئين، أصبحت أهداف صافي الصفر لعام 2050 توقعا رئيسا لجميع المستثمرين المؤسسيين الكبار، وإذا اختارت الحكومة عدم الالتزام بصندوق الثروة السيادية الخاص بها لتحقيق هذا الهدف، فستكون حرة في الاستفادة من الحصة المتزايدة من القطاع المالي الخاص الذي يتحول إلى اللون الأخضر بالفعل، وهو تناقض في التمويل المناخي إن وجد.

وعلاوة على ذلك، ليس من المنطقي بالنسبة إلى الحكومات التي تسعى إلى أن تكون متسقة في التزاماتها المناخية أن تفصل صناديق الثروة السيادية عن الأهداف المناخية الإجمالية، ولا ينبغي تفسير التركيز المحلي لاتفاقيات المناخ الدولية على أنه تصريح بحرية استخدام الانبعاثات المرتبطة بالاستثمارات الأجنبية، وبدلا من ذلك يجب على الحكومات أن تستخدم ثقلها المالي لصناديق الثروة السيادية لدفع العمل المناخي على المستوى الدولي.

أخيراً وليس آخراً، يمثل الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون أكبر فرصة استثمارية منذ عقود، وسيتطلب التحول من اللون “البني” إلى “الأخضر” تغييرات على مستوى ثورة صناعية أخرى؛ فأولئك الذين ينشئون أسواقا جديدة أو يدخلونها مبكرا سيحصدون عوائد هائلة.

وكواحد من الصناديق السيادية القليلة التي لديها هدف واضح لخفض الانبعاثات، بدأ صندوق التقاعد النيوزيلندي بالفعل في اغتنام هذه الفرص الجديدة، فبين عامي 2017 و2020، حققت المحفظة المعيارية المنخفضة الكربون للصندوق، والتي تضم 40 في المئة من إجمالي أصوله، عوائد أعلى بنسبة 0.6 في المئة من محفظتها المعيارية القياسية، وعلى النقيض من ذلك، فَقدَ صندوق الثروة السيادية النرويجي 126 مليار دولار من العائدات المحتملة خلال الفترة نفسها، لأنه استثمر في النفط والغاز بدلا من الأسهم الخضراء.

ونظراً لأن العديد من البلدان التي لديها صناديق ثروة سيادية كانت تعتمد تاريخيا بشكل كبير على قطاع النفط والغاز، فإن الانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري يعرضها لمخاطر اقتصادية أكبر، لكن يمكن للحكومات التخفيف من هذه المخاطر من خلال ملاءمة صناديق الثروة السيادية مع الأهداف المناخية، ومن شأن نهج المحفظة الإجمالية أن يمكّن هذه الحكومات من البدء بفصل النمو الاقتصادي المحلي عن عائدات صناديق الثروة السيادية، وبالتالي تعزيز متانة الاقتصاد ككل.

فيما يتعلق بالصناديق السيادية، كما هي الحال بالنسبة إلى المستثمرين المؤسساتيين الآخرين، لم يعد البقاء على هامش الجهود العالمية للتخفيف من آثار تغير المناخ خيارا، ولكن لا يكفي التركيز فقط على المخاطر المتعلقة بالمناخ مع تجاهل التأثير المناخي الأوسع للصندوق، وإذا كانت صناديق الثروة السيادية جادة وانضمت إلى تحالف مالكي الأصول الصفرية، فسيتعين عليها وضع أهداف أقوى للانبعاثات كل خمس سنوات، وتقديم تقارير سنوية (جنبا إلى جنب مع الإصلاحات المالية المعتادة) عن مدى تحقيقها، كما لا يُتوقع منها الاستثمار في الأصول الخضراء فقط ولكن أيضا- والأهم من ذلك- تطوير أصول مستدامة جديدة.

إن دولاً مثل فرنسا وأيرلندا ونيوزيلندا والنرويج وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة في وضع جيد لقيادة حركة صندوق الثروة السيادية العالمية نحو التزامات صافية صفرية في مؤتمر المناخ القادم (كوب 26)، وإذا فعلت ذلك، فقد تتبعها قريبا صناديق أخرى ذات فرق استثمارية كبيرة وعمليات متطورة، ويأمل المرء أن تكون الصناديق ذات الموارد الأقل وراءها.

تم إنشاء معظم صناديق الثروة السيادية كوسيلة ادخار للأجيال القادمة، ومن المنطقي أن تسهم هذه الأموال في الحفاظ على المناخ الذي ستعتمد عليه تلك الأجيال.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …