الرئيسية / مقالات رأي / أفغانستان..صراع بعيد عن الحسم

أفغانستان..صراع بعيد عن الحسم

بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- لا مؤشر قريباً للمضي في تخفيض حدة التناحر المتفاقم في أفغانستان، فالبلد الواقع في قلب آسيا، أصبح مع اقتراب الولايات المتحدة من سحب آخر جنودها، بؤرة قتالية، بين حركة “طالبان” الساعية للعودة إلى السلطة بعدما نزعها منها الغزو الأمريكي قبل 20 عاماً، وبين القوات الأفغانية التي تواجه ضغطاً عسكرياً كبيراً إثر تعدد الجبهات، وفقدانها الكثير من الأراضي والمواقع الاستراتيجية والمعابر الحدودية، وما يزيد الأوضاع توتراً وفوضى هم اللاعبون الإقليميون والدوليون الذين يسعون إلى تعبئة الفراغ الذي تعتزم أمريكا تركه في أفغانستان.

السؤال المهم في ظل ضبابية الصراع المتفاقم.. هل ستتمكن “طالبان” من العودة إلى الحكم؟ إجابة هذا السؤال ستكون في الميدان، لكن هذه الحركة تدرك جيداً أنها لن تتمكن بسهولة من السيطرة على المدن الرئيسية، فسيطرتها إلى الآن مقتصرة على الأرياف فقط، وعلى الرغم من حصارها للعديد من المدن، فإن الجيش الأفغاني يتصدى لها بقوة كبيرة، فهو يمتلك عدداً كبيراً من الجنود المدربين جيداً، والعتاد والقوات الخاصة والجوية والمدرعة، إضافة إلى دعم استخباراتي وجوي أمريكي؛ لذا فإن القتال في حال لم يجنح الطرفان إلى المفاوضات قد يستمر لسنوات عديدة من دون حسم.

 ويبدو أن تحرك “طالبان” لحظة إعلان واشنطن والحلف الأطلسي انسحابهما قبل تاريخ 11 سبتمبر/أيلول المقبل، يهدف إلى تحسين شروط المفاوضات مع الحكومة الأفغانية؛ بحيث تتمكن من الاستحواذ على حصة الأسد في الحكم؛ وذلك بعد إضعاف الحكومة إلى حد بعيد؛ بحيث تصبح عاجزة عن فرض إرادتها بعد فقدان أوراق قوتها.

طموح “طالبان” في السلطة تعززه التوجهات الدولية التي ترى في الحركة قوة فاعلة؛ إذ استقبلت عواصم مهمة كبكين وموسكو وفوداً لها؛ بل إن الحركة تصرفت على أنها الحكومة، بعدما طمأنت هذه الدول بأن الاقتتال لن يصل إليها، ولن يمس أمنها انطلاقاً من مناطق سيطرتها. لكن تحرك الحركة المتمردة على المستوى الدولي، لا يعني القبول بها؛ إذ إن لهذه الدول بالدرجة الأولى مصالح تحاول المحافظة عليها، فالصين تريد تأمين حدودها، وروسيا تسعى إلى حماية حلفائها، ومنع المساس بهم.

المجتمع الدولي لا يزال مقتنعاً أنه لا حل عسكري في أفغانستان، فهو متمسك بالقرار الأممي (2513)، الذي يؤكد أن الأزمة ليس لها أي مسار سوى طاولة المفاوضات مهما طالت؛ لذا فإنه مع عدم رضا العالم عن تصرفات “طالبان” فإنها لن تستطيع السيطرة على البلاد، فالعالم أولاً لن يسمح بذلك، ثم إن الحركة أضعف من أن توحد كامل التراب الأفغاني، فقد عجزت عن هذه المهمة قبل 25 عاماً، ولن تقدر لاحقاً أيضاً لعوامل عدة، منها قوة الجيش، إضافة إلى العنصر القبائلي الذي يحد من تقدم الحركة بشكل كبير.

تفجر الصراع في أفغانستان لن يخلف إلا دماراً، وليس هناك أي طرف رابح فيها، مهما تقدم وحارب، لأن مصير البلاد مرتبط بوحدتها على الصعد كافة، فالأولى إسكات المدافع، وإخراج البلاد من حالة الحروب التي تعانيها منذ سنوات، والمضي في البناء وقطع التدخلات الخارجية التي لا ترى في بلاد الأفغان سوى كعكة تريد تقاسمها حسب ما تقتضيه مصالحها.. حسم المعركة سيطول؛ لذا فإنه لا خيار سوى الاتفاق على صيغة توافقية للعبور بالبلاد نحو بر الأمان.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …