الرئيسية / مقالات رأي / Washington Post: غياب استراتيجية بايدن في سوريا

Washington Post: غياب استراتيجية بايدن في سوريا

By: Josh Rogen

الشرق اليوم- بعد مرور نصف عام على وجود إدارته في البيت الأبيض، لم يتوصل الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد إلى استراتيجية جديدة للاستجابة للصراع المروع في سوريا، الذي دخل عامه الحادي عشر، ففي الوقت الذي تتأرجح فيه الحكومة الأمريكية، فإن الوضع على الأرض قد بات يتدهور وهو ما تستغله موسكو وطهران ونظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ولكي نكون مُنصفين، فإن إدارة بايدن لم تتجاهل سوريا بشكل كامل، إذ إنه خلال الشهر الماضي، عمل الرئيس بنفسه على منع روسيا من قطع طريق المساعدات الإنسانية الأخير إلى إدلب، التي كان بها أكثر من 3 ملايين نازح داخلياً سيتضورون جوعاً لولا وصول هذه المساعدات، في هذا الأسبوع، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فرض عقوبات جديدة على ثمانية من سجون الأسد سيئة السمعة، والتي يقوم النظام فيها منذ ما يصل إلى عقد من الزمان بتعذيب عشرات الآلاف من المدنيين المحتجزين.

ولكن بالنسبة للسوريين الذين شجعتهم وعود بايدن وبلينيكن بقيادة جهد دولي جديد لحماية المدنيين وتقديم حل سياسي حقيقي للصراع، فإن هذه التحركات الأخيرة تبدو خاصة بأشياء معينة وغير كافية على الإطلاق، كما أنهم بالكاد يشعرون بالوجود الأمريكي على الأرض في بلادهم.

وقد أخبرني رئيس الدفاع المدني السوري المعروف باسم «الخوذ البيضاء» رائد الصالح، خلال مقابلة، أنه منذ حل قضية المساعدات الإنسانية في مجلس الأمن الدولي، سارع الجيشان السوري والروسي إلى تسريع أعمال العنف والعدوان ضد المدنيين في إدلب.

وقال الصالح: «لقد قدمت الإدارة الأمريكية الأمر على أنه انتصار، ولكن لا أحد يركز على التصعيد الذي يقوم به نظام الأسد وروسيا الآن، ولا نعرف ما هي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لسوريا، كما أننا لا نعتقد أن دمشق على قائمة أولوياتهم».

وأشار الصالح إلى أن الغارات الجوية التي تشنها روسيا ونظام الأسد قد قتلت ما لا يقل عن 21 طفلاً في جنوب إدلب خلال الأسبوعين الماضيين، كما قُتل عضوان من «الخوذ البيضاء» في الضربات التي استهدفت المسعفين، وفي غضون ذلك، فقد فرض الأسد حصارًا شديدًا لتجويع مدينة درعا جنوب سوريا، بعد أن كان الأهالي قد وافقوا على اتفاق هدنة مقابل ضمانات الحماية الروسية، ولكن موسكو تراجعت.

كما أخبرني العديد من أعضاء فريق بايدن أن الإدارة تركز على الوضع الإنساني في سوريا وترى أن مستويات العنف المنخفضة نسبيًا تستحق محاولة الحفاظ عليها، كما يشعر فريقه بالتفاؤل الحذر بوجود فرصة لمزيد من المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن دمشق، ولكن هؤلاء المسؤولين يعترفون بأنه لم يتم تحديد استراتيجيتهم الدبلوماسية بعد، وأنهم ينتظرون نتائج المراجعة السياسية الداخلية التي لاتزال جارية.

وقال لي مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، إن «سياستنا تجاه نظام الأسد لم تتغير، فلدينا نفس المخاوف بشأن افتقاره إلى الشرعية هناك، ولكن شعرنا أنه يتعين علينا التركيز أولاً على تخفيف المعاناة الإنسانية ثم العمل مع الشركاء والأمم المتحدة لمحاولة التوصل إلى حل سياسي، ولدينا مراجعة مستمرة للسياسة حول كيفية توافق كل هذه الأجزاء معًا».

ولم يعين بلينكن مبعوثًا خاصًا لسوريا بعد، وهو ما رآه معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة الطوارئ السورية، وهي منظمة أمريكية غير حكومية تدعم المعارضة السورية، يرسل إشارة واضحة إلى أن سوريا ليست أولوية للإدارة.

وقال مصطفى إنه إذا نجح النظام في استعادة إدلب من خلال ارتكاب جرائم حرب، فسيكون ذلك مدمرًا ليس فقط لهؤلاء المدنيين ولكن أيضًا للمساعي الأمريكية لإيجاد أي حل سياسي على الإطلاق، ففي حال سقطت إدلب، فلن يكون لدى الأسد أي سبب للتفاوض، وهذا يعنى ارتكاب المزيد من الفظائع، والمزيد من التطرف، والمزيد من اللاجئين، والمزيد من عدم الاستقرار، والصراع الذي لا نهاية له. وأضاف: «إدلب هي العقبة الأخيرة أمام تأمين سوريا وإيران وروسيا للنصر العسكري الذي يرغبون فيه، وإذا أعلنوا النصر هناك، فإن ذلك سيؤدى لترسيخ سوريا باعتبارها كوريا الشمالية جديد في الشرق الأوسط.

ويواجه فريق بايدن نفس السؤال الذي واجهه أسلاف الرئيس: ما هي الخيارات، بعيدًا عن التدخل العسكري، التي يمكن أن تغير حسابات موسكو والأسد؟ ففرض المزيد من العقوبات، التي تستهدف جميع السوريين المتورطين في جرائم الحرب والكيانات التي تساعدهم، سيكون مفيدًا ولكنه لن يكون كافيًا، إذ يجب على بايدن أن يوضح أن الأسد لن يمكنه العودة إلى وضعه السابق في المجتمع الدولي في فترة ما قبل الأزمة السورية.

وقال السفير المتجول الأمريكي السابق لشؤون «العدالة الجنائية الدولية»، ستيفن راب: «من الضروري ألا يكون هناك تطبيع للعلاقات مع الأسد، ويجب أن نثني الدول الأخرى عن فعل ذلك أيضًا، فالأسد لا يمكن أن ينعم بثمار النصر، وهذا يجب أن يكون موقفنا الثابت».

وبالتأكيد هناك تكاليف ومخاطر للعمل في سوريا تدرسها إدارة بايدن، بينما تمضي قدمًا في مراجعة سياساتها التي تبدو بلا نهاية، ولكن التقاعس عن العمل هو أيضًا قرار يأتي مصحوبًا بتكاليف ومخاطر خاصة به، كما أن الأمل في ألا يزداد الوضع سوءًا ليس استراتيجية.

نقلاً عن المصري اليوم

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …