الرئيسية / مقالات رأي / قنوات اتصال جديدة بين الكوريتين

قنوات اتصال جديدة بين الكوريتين

بقلم: علي قباجه – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – مرت العلاقات بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية مدعومة بحلف أمريكي غربي على مدى 70 عاماً من توقف الحرب بينهما، بفصول من الشد والجذب، فتارة اتسمت العلاقات بتوتر شديد، تطور إلى مناوشات عسكرية على الحدود، لكنها لم تتصاعد إلى حرب شاملة بينهما، وأخرى كان للدبلوماسية حيزاً؛ حيث تقاربت الدولتان أكثر من مرة، وفي الغالب يتم ذلك تحت المظلة الأمريكية التي تريد نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية بأي وسيلة كانت، مرة بالترهيب وأخرى بالترغيب.

وعلى الرغم من تحذير وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية في الأسابيع الماضية من استخدام اللغة العامية الخاصة بكوريا الجنوبية، أو اعتماد الموضة وتسريحات الشعر والموسيقى الصادرة منها، معلنة فرض عقوبات قاسية على من يتجاوز تصل أحياناً إلى الإعدام، وذلك في إطار «القضاء على أي نفوذ أجنبي»، فإن الكوريتين اتفقتا مؤخراً على تحسين علاقاتهما الثنائية، واتخاذ مجموعة من الإجراءات لتخفيف التوتر مع إعلان عودة قنوات الاتصال التي كانت مقطوعة بينهما منذ أكثر من عام، وتبادل الرسائل بين مسؤولي البلدين، والاتفاق على اتخاذ خطوة كبيرة نحو استعادة الثقة المتبادلة وتعزيز المصالحة.

هذا الإعلان يأتي في إطار سعي أمريكي وكوري جنوبي محموم، لإعادة الحوار مع الشمالية، باعتباره الحل الرئيسي في التوصل إلى تهدئة قد تفضي إلى إنهاء حالة التأهب بين الطرفين، وإقناع بيونج يانج بالتراجع عن تطوير ترسانتها النووية، أو إجراء تجارب على صواريخ بالستية عابرة، قد تهدد طوكيو وسيؤول والقوات الأمريكية في المنطقة، كما يعد الإعلان أول مؤشر إيجابي بعدما كانت المحادثات بين البلدين متعثّرة، منذ فشل ثلاث قمم عقدت عام 2018 في تحقيق أي تقارب دبلوماسي يذكر، إلى أن وصلت العلاقات إلى القطيعة في يونيو/حزيران 2020 بعد اتهام بيونج يانج، ناشطين من جارتها الجنوبية بإرسال منشورات مناهضة.

ومع تصاعد التوتر، فإن الرئيس الأمريكي بايدن، عاد إلى السير على خطى دونالد ترامب الذي تقارب مع كيم جونج أون، فالرئيس الديمقراطي الذي جاء ببرنامج صارم توعد من خلاله كوريا الشمالية موجهاً انتقادات لاذعة لسلفه حول طريقة تعامله مع الملف، يبدو أنه قد اقتنع أخيراً بأن أسلوب التهديد والوعيد لوحدهما لا يجديان نفعاً، خاصة مع تأكيد بيونج يانج استعدادها للحوار أو التصعيد إلى أبعد مدى في حال استدعى الأمر ذلك، لذا فإن مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى كوريا الشمالية سونج كيم خلال زيارته لكوريا الجنوبية قبل أيام، أبدى استعداده للقاء قيادة بيونج يانج «في أي مكان وزمان وبلا شروط مسبقة»، وأشار إلى آمال واشنطن في الحصول على رد إيجابي بالقول: «لا نزال نأمل أن تستجيب كوريا الشمالية بشكل إيجابي للتواصل معنا».

هذه الدعوات أثمرت بإعلان التقارب بين الكوريتين، الذي قد يكون مدخلاً للولايات المتحدة، للولوج من خلاله إلى تفاهم مع الشمالية، يضع حداً للاستفزازات المتبادلة، ويؤطر لعلاقات مستقبلية قد تنهي إنذار الحرب، لأنه في حال اندلاعها، فإن الجميع خاسر، خاصة أن كوريا الشمالية قادرة على الصمود والإيذاء إن تم التعرض لها.. لذا فإن واشنطن ليس أمامها إلا الحلول السلمية، لأن النقيض من ذلك لا يسر أحداً.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …