الرئيسية / الرئيسية / تقرير: “مشروع بيغاسوس”.. تسريب خطير يكشف تجسس دول على الصحافيين والمعارضين

تقرير: “مشروع بيغاسوس”.. تسريب خطير يكشف تجسس دول على الصحافيين والمعارضين

الشرق اليوم- كشف تحقيق استقصائي لتحالف من المؤسسات الإعلامية عن اختراق حكومات لهواتف صحافيين ونشطاء وحقوقيين مستخدمين برنامج طورته شركة إسرائيلية متخصصة في تقنيات التجسس.

وأظهر التحقيق الذي يحمل عنوان “مشروع بيغاسوس” وجود 37 محاولة اختراق ناجحة لهواتف ذكية تعود ملكيتها لصحافيين ونشطاء حقوقيين ومديرين تنفيذيين وامرأتين مقربتين من الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

ويأتي اسم “بيغاسوس” نسبة إلى الشركة التي أسست في العام 2011 في شمال تل أبيب، وتسوّق برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي، إذا اخترق الهاتف الذكي، يسمح بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى مكالمات مالكه، بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

وطبقا للتحقيق، استخدمت الحكومات المتهمة بالتسلل إلى أجهزة النشطاء والمعارضين والصحافيين، برنامج “بيغاسوس” التابعة لمجموعة “إن إس أو“، وهي شركة إسرائيلية متخصصة في بيع برامج التجسس لملاحقة الإرهابيين والمجرمين.

يأتي هذا التحقيق الذي نشره تحالف من المؤسسات الإعلامية العالمية، بما فيها صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية و”الغارديان” البريطانية، بالتعاون مع منظمة العفو الدولية التي عملت على تحليل البيانات عبر مختبر الأمن التابع لها، بالإضافة إلى “فوربدن ستوريز” وهي منظمة صحافية غير ربحية تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها.

وظهرت الهواتف التي تأكدت اختراقها ضمن قائمة تضم أكثر من 50 ألف رقم أغلبها تتركز في بلدان معروفة بالمشاركة في مراقبة مواطنيها، كما يقول التحقيق.

والأرقام المسربة غير منسوبة لأشخاص، لكن التحالف المكون من 17 مؤسسة إعلامية عالمية تمكن من تحديد قائمة من ألف شخص في 50 دولة بأربع قارات مختلفة.

شكوى في باريس

وكشف التحقيق وجود أشخاص من العوائل المالكة العربية ضمن المستهدفين، بالإضافة إلى 65 رجل أعمال و85 ناشطا في مجال حقوق الإنسان و189 صحافيا، فضلا عن أكثر من 600 سياسي ومسؤول حكومي.

وشملت قائمة السياسيين المستهدفين رؤساء دول، بالإضافة إلى رؤساء حكومات ووزراء ودبلوماسيين وضباط عسكريون وأمنيون، وفقا لتحقيق التحالف الإعلامي.

يشير التحالف إلى أن من بين الصحافيين الذين تظهر أرقامهم في القائمة التي يعود تاريخها للعام 2016، صحافيون يعملون في مؤسسات إخبارية دولية مثل “سي إن إن” ووكالة “أسوشيتد برس” وصحيفتي”وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” الأميركيتين، و”لوموند” الفرنسية، و”فاينينشال تايمز” البريطانية، وشبكة “الجزيرة” في قطر، بالإضافة إلى “فويس أوف أميركا”.

وبالتعاون مع مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، حلل التحالف الإعلامي عددا من البيانات للأرقام المستهدفة عبر برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي.

ويظهر تحليل البيانات الاشتباه بالتجسس على 67 هاتفا ذكيا، من بينهم 23 حالة تعرضت لاختراق ناجح، إضافة إلى 14 هاتف ظهرت عليه علامات محاولة الاختراق، فيما لم يحسم التحليل الهواتف الـ 30 المتبقية بسبب استبدال الهواتف في الغالب.

من جهته، قال مؤسس موقع ميديابار الإخباري، إدوي بلينيل، في تغريدة إن التجسّس على رقم هاتفه ورقم زميلته ليناييغ بريدو يقود “مباشرةً إلى الأجهزة المغربيّة، في إطار قمع الصحافة المستقلة والحراك الاجتماعي”.

وأعلن الموقع الاثنين أنه تقدّم بشكوى في باريس.

ومن جانهبا، نددت الحكومة المغربية، الاثنين، بما وصفتها “الادعاءات الزائفة” حول استخدام أجهزتها الأمنية برنامج “بيغاسوس” للتجسس على هواتف صحافيين وفق ما أظهره تحقيق نشرته عدة وسائل إعلام دولية، مشيرة إلى استعدادها لتقديم أدلة “واقعية علمية”.

وقالت الحكومة في بيان إنها “ترفض هذه الادعاءات الزائفة، وتندد بها جملة وتفصيلا”، مؤكدة أنه “لم يسبق لها أن اقتنت برمجيات معلوماتية لاختراق أجهزة الاتصال، ولا للسلطات العمومية أن قامت بأعمال من هذا القبيل”.

وأكد البيان أن المغرب “دولة حق وقانون تضمن فيها سرية الاتصالات الشخصية بقوة الدستور”.

وفي يونيو من العام الماضي، أفادت منظمة العفو بأن السلطات المغربية استخدمت برنامج “بيغاسوس” لزرع برنامج خبيث في الهاتف الخلوي التابع للصحافي عمر الراضي الذي يحاكم في قضيتين إحداهما بتهمتي “المس بسلامة الدولة” والتخابر مع “عملاء دولة أجنبية”.

وفي ديسمبر 2020، أفاد “سيتيزن لاب” التابع لجامعة تورونتو الكندية باختراق أجهزة الاتصالات النقالة التابعة لعشرات الصحافيين في شبكة الجزيرة القطرية بواسطة برنامج مراقبة متطوّر.

وكان تطبيق واتساب تقدم بشكوى عام 2019 ضد “إن إس أو” متهما إياها بتوفير تكنولوجيا لاختراق هواتف ذكية يملكها مئات الصحافيين والحقوقيين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني.

من هي الدول؟

ومن قائمة الـ 50 ألف رقم، كان العدد الأكبر من الأرقام في المكسيك، حيث كان على القائمة أكثر من 15 ألف رقم مكسيكي، بمن فيهم سياسيين وممثلي النقابات والصحافيين وغيرهم من منتقدي الحكومة، بحسب التحقيق.

يشير التحقيق أيضا إلى أن نسبة كبيرة من الأرقام كانت لدول موجودة في الشرق الأوسط منها السعودية، قطر، البحرين واليمن والمغرب.

وتعد السعودية والبحرين من ضمن المستفيدين من تقنيات مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية التي تملك عشرات العملاء، بما في ذلك 60 وكالة استخبارات وهيئات عسكرية وجهات إنفاذ القانون تابعين لـ 40 دولة، طبقا لما نقلته صحيفة “واشنطن بوست”.

كما رصدت أرقام في الهند تعود لهواتف صحافيين ونشطاء وسياسيين ومسؤولين حكوميين ورجال أعمال، بالإضافة إلى دول أخرى مثل أذربيجان وكازخستان وباكستان.

ومن بين الدول الأخرى الموجودة في القائمة، فرنسا والمجر، علاوة على 10 أرقام تابعة للولايات المتحدة يقول التحقيق إنهم لأميركين يعملون خارج البلاد كانت هواتفهم مرتبطة بشبكات خلوية غير أميركية باستثناء حالة واحدة لم يكشف التحقيق عنها.

وأفصح التحقيق بناء على تحليل مختبر الأمن التابعة لمنظمة العفو الدولية استهداف ناجح للتركية خديجة جنكيز، خطيبة الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي، بالإضافة إلى زوجته المصرية حنان العتر التي استهدف هاتفها في الأشهر التي سبقت مقتله بإسطنبول، دون تحديد ما إذا كان الاختراق ناجحا.

كذلك، تعرض هاتفان لاثنين من المسؤولين الأتراك المشاركين في التحقيق الخاص بمقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول العام 2018.

ومن ضمن القائمة، تم العثور على الصحافي المكسيكي الراحل، سيسيليو بينيدا بيرتو.

ولم يتحقق التحليل إذا ما كان هاتف الصحافي المستقل المعروف باهتمامه بقضايا الفساد والجريمة في المكسيك، تعرض لاختراق أم لا باعتبار أن هاتفه لم يتم العثور عليه مطلقا بعد قتله بالرصاص العام 2017 في مغسلة سيارات.

ما هو “بيغاسوس” وكيف تتم عملية الاختراق؟

أطلق برنامج “بيغاسوس” قبل 10 سنوات بعد تطويره من قبل عناصر مخابرات إسرائيليين متخصصين في الأمن السيبراني وذلك بهدف معلن يتمثل في ملاحقة التنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة التي تستغل التشفير العالي التي توفرها شركات التكنولوجيا العملاقة للتواصل دون مراقبة.

ويجب أن توافق وزارة الدفاع الإسرائيلية على أي صفقة بيع بين شركة “إن إس أو” مع أي حكومة أجنبية ترغب في الاستعانة بالتكنولوجيا المتطورة.

تعليقا على ذلك، يقول متحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي لواشنطن بوست، “كسياسة عامة، توافق دولة إسرائيل على تصدير المنتجات الإلكترونية حصريا إلى الهيئات الحكومية للاستخدام القانوني، ولغرض منع الجرائم ومكافحة الإرهاب والتحقيق فيها فقط بموجب شهادة للاستخدام النهائي”. 

وأضاف: “في الحالات التي يتم فيها استخدام العناصر المصدرة في انتهاك لتراخيص التصدير أو شهادات الاستخدام النهائي، يتم اتخاذ التدابير المناسبة”.

صُممت برنامج “بيغاسوس” لتفادي الدفاعات على الأجهزة الذكية المختلفة دون ترك أثار واضحة لعملية الهجوم. 
ولا يمكن لتدابير الخصوصية المألوفة مثل كلمات المرور القوية والتشفير بين طرفين أن تقدم حماية من اختراق “بيغاسوس” الذي يمكنه التسلل للهواتف الذكية دون أي تحذير للمستخدمين.

ويمكن للبرنامج الإسرائيلي قراءة كل البيانات الموجودة في الجهاز المستهدف، بالإضافة إلى سجلات الموقع والاتصالات وكلمات المرور وإمكانية تشغيل الكاميرات والميكروفونات للمراقبة.

ويستطيع المهاجم الذي يستخدم تقنية “بيغاسوس” التسلل للهواتف الذكية بطرق مختلفة، إذ يمكن إرسال رابط أو ملف ضار عبر رسالة نصية قصيرة أو عبر تطبيق واتساب أو عبر “آي مسج”، بحيث ينجح الاختراق حال فتح الرابط أو الملف الخبيث.

ولكن في السنوات الأخيرة، طورت شركات التجسس طرق الاختراق لتصل إلى ما يسمى بهجمات “النقر الصفري” عن طريق إرسال رسالة أو ملف إلى هاتف المستخدم لا تصدر أي إشعار، بحيث لا يحتاج المستخدمون حتى إلى لمس هواتفهم حتى تبدأ عملية التسلل.

بماذا ترد الشركة الإسرائيلية؟

قبل نشر التحقيق، ردت شركة “إن إس أو” الإسرائيلية على تحالف المؤسسات الإعلامية عبر بيان رسمي ونفت الاتهامات الموجهة لها، مشيرة إلى أن التحقيق احتوى على “أخطاء معيبة” ولم يستند على وثائق تدعم الادعاءات.

كما أشار بيان الشركة إلى أن التسريبات فسرت بمعلومات مضللة. وقالت إن قائمة الأرقام التي تضم 50 ألف رقم “مبالغ فيها”.
كما نفت “إن إس أو” التي تتخذ من تل أبيب مقرا لها، إمكانية وصولها إلى بيانات الأشخاص المستهدفين من قبل عملائها.

وبينما نفت أيضا استخدام تقنيتها ضد خاشقجي أو أقاربه، قالت الشركة أيضا إن برنامجها ساعد في منع الهجمات والتفجيرات وتفكيك العصابات التي تتاجر بالمخدرات والجنس والأطفال. 

وقالت إن المجموعة مهمتها الأساسية “إنقاذ الأرواح وستنفذ الشركة هذه المهمة بأمانة دون رادع، على الرغم من المحاولات المستمرة لتشويه سمعتها على أسس خاطئة”.

وتابع بيان الشركة الإسرائيلية: “لم تكن تقنيتنا مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالقتل الشنيع لجمال خاشقجي. وهذا يشمل الاستماع، والمراقبة، والتتبع، أو جمع المعلومات. لقد حققنا سابقا في هذا الادعاء، فور وقوع جريمة القتل البشعة”.

من جانبه، قال محامي مجموعة “إن إس أو”، توماس كلير، إن تحالف وسائل الإعلام “أخطأ على ما يبدو في تفسير بيانات المصدر الحاسمة التي اعتمد عليها وأخطأ في توصيفها”، موضحا أن التقارير الإعلامية احتوت على “افتراضات معيبة وأخطاء في الوقائع”.

يتابع كلير قوله: “لدى مجموعة إن إس أو سبب وجيه للاعتقاد بأن الآلاف من أرقام الهواتف ليست قائمة بالأرقام المستهدفة من قبل الحكومات التي تستخدم بيغاسوس، لكنها قد تكون جزءا من قائمة أكبر من الأرقام التي ربما تكون قد استخدمتها عملاء إن إس أو لأغراض أخرى”.

بعد النشر، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة “إن إس أو”، شاليف هوليو، عن قلقه في مقابلة هاتفية مع صحيفة “واشنطن بوست” حول بعض التفاصيل التي قرأها في تحقيق “مشروع بيغاسوس”.

واعترف هوليو بأن بعض عملاء الشركة أساءوا استخدام برنامج “بيغاسوس”.

ومع ذلك، استمر الخلاف حول أن القائمة العريضة التي تضم 50 ألف رقم هاتف لها علاقة بالشركة الإسرائيلية أو ببرنامج “بيغاسوس”.

قال هوليو: “الشركة تهتم بالصحافيين والنشطاء والمجتمع المدني بشكل عام. نحن نتفهم أنه في بعض الظروف قد يسيء عملاؤنا استخدام النظام، وفي بعض الحالات كما ورد في تقرير الشفافية والمسؤولية (الخاص بشركة إن إس أو)، أغلقنا الأنظمة للعملاء الذين أساءوا استخدام النظام”.

قال إنه في الأشهر الـ 12 الماضية، أنهت “إن إس أو” عقدين مع دولتين بسبب مزاعم بانتهاكات حقوق الإنسان، لكنه رفض ذكر أسماء الدول المعنية.

وتابع: “كل ادعاء بشأن إساءة استخدام النظام يخصني. إنه ينتهك الثقة التي نمنحها للعملاء. نحن نحقق في كل ادعاء”.

وقبل يومين أفاد تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” بأن إسرائيل سمحت بشكل سري لمجموعة شركات متخصصة في برمجيات التجسس، بالعمل لصالح الحكومة السعودية.

لكن تقرير الصحيفة الأميركية قال إنه بعد مقتل الصحافي السعودي خاشقجي، ألغت مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية عقودها مع السعودية، إلا الحكومة الإسرائيلية شجعتها وشركتين أخريين على مواصلة العمل مع المملكة.

ولم يحصل موقع قناة “الحرة” على رد من وزارة الدفاع الإسرائيلية. كما لم يستجب مركز التواصل الحكومي في السعودية لطلبات التعليق عبر البريد الإلكتروني.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

مبادئ حماس الأساسية لأي مفاوضات مع إسرائيل

الشرق اليوم- حدد القيادي في حركة “حماس” محمود مرداوي، المبادئ الأساسية الـ5 لأي مفاوضات مع …