الرئيسية / مقالات رأي / خطة الدبلوماسية الأمريكية الناعمة

خطة الدبلوماسية الأمريكية الناعمة

بقلم: عبدالله السيد الهاشمي – الاتحاد الإماراتية

الشرق اليوم- استوقفتني يوم الجمعة الماضي مقابلة قناة «سكاي نيوز عربية» مع السيدة «دانا سترول»، نائبة مساعدة وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، التي وضحت خلالها بعض معالم السياسات الأميركية المختصة بشؤون الدفاع للشرق الأوسط، ولكنها أيضاً بيّنت بشكل غير مباشر ملامح لسياسات أميركية أخرى متعلقة بالشأن السياسي يمكن تحليلها لمعرفة الرؤية الأميركية غير المعلنة تجاه عدد من القضايا المهمة والمصيرية في الشرق الأوسط وعلى رأسها الملف الإيراني.

تعترف «سترول» بشكل صريح أن الولايات المتحدة ترصد وتتابع الميليشيات «الحوثية» المدعومة من إيران في اليمن، وأن الولايات المتحدة تعلم أيضاً أن «الحوثية» تقوم بالاعتداء على السعودية، وأن تلك النشاطات هي نشاطات إيرانية مستمرة تزعزع الاستقرار بهدف خلق الفوضى في اليمن وتهديد حلفاء أميركا، ولكن الدبلوماسية الأميركية التي تسعى للعودة للاتفاق النووي لا تضع هذا الاعتبار في جعبتها، ولا تورده ضمن مطالبها الرئيسية، وقد يدلل ذلك أن معرفة الولايات المتحدة بما تقوم به إيران في اليمن، منفصلة بشكل كامل عن شكل العلاقة السياسية التي تريدها أميركا مع إيران ومع الشرق الأوسط في المستقبل.

الأمر يتكرر مرة أخرى في تصريحات «سترول» بخصوص العراق، فهي تقول، إن الاعتداءات التي تعرضت لها القوات الأميركية في العراق مدبرة من إيران ومن الميليشيات المدعومة منها وأن «التحدي الأكبر للولايات المتحدة في المنطقة هو إيران ودعمها للإرهاب»، ولكن على أرض الواقع، وفي الشأن السياسي وليس العسكري، لا يبدو أن الولايات المتحدة تقوم بخطوات فعلية وعملية لتحجيم وردع الدور الإيراني، حتى على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي، ونذكر أن الرئيس الأميركي السابق «دونالد ترامب»، ومع تهديدات كوريا الشمالية مثلاً، لم يجد حرجاً في لقاء سياسي مع الرئيس الكوري الشمالي «كيم جونغ أون»، حتى بعد تبادل تصعيد التصريحات والتهديدات إلى مستويات عالية تفوق في حدتها التصريحات الحالية بين أميركا وإيران.

لا تطالب شعوب منطقة الشرق الأوسط الرئيس الأميركي مقابلة الرئيس أو المرشد الإيراني ووضع حد للإرهاب، الذي تعلم عنه الولايات المتحدة علم اليقين، أو أن تضع النقاط على الحروف بخصوص حقوق الإنسان التي تسلبها إيران في العراق واليمن وسوريا ولبنان، بل ما تراه شعوب هذه الدول العربية أن الأميركيين، وحين يتحدثون عن حقوق الإنسان يتجاهلون القضايا الكبرى، التي تهدد الإنسان في الشرق الأوسط والميليشيات الإيرانية المسلحة ك«الحوثية» و«حزب الله» و«الحشد الشعبي»، ويتمسكون بقضايا فرعية صغيرة تتعلق بمسائل وطنية في دول عربية تسيطر على أمنها وسيادتها كاعتقال ناشطة، أو حرية تعبير لخائن ومتاجر بوطنه وغيرها من الموضوعات ذات الطابع المحلي!

ما يثير الاستغراب أنه وخلال المقابلة حاول مذيع «سكاي نيوز عربية» معرفة الرأي الأميركي تجاه سيطرة «حزب الله» على القرار اللبناني، لكن «سترول» اعترضت فجأة، ورفضت الفكرة، وقالت «إن حزب الله لا يسيطر على لبنان»، فما الذي يعنيه ذلك؟ هل الأميركان لا يعلمون الحقيقة الواضحة كعيان الشمس، والتي يتبجح بها «حزب الله» نفسه عن قدراته العسكرية وتمويله ودوره كذراع إيراني في لبنان؟ أم أن أميركا ما عادت مهتمة بالشأن السياسي والتدخلات الإيرانية الواضحة على كافة الصعد بالدول العربية الأربع التي تُصرّح إيران أنها تحتلها، وأن الانسحاب العسكري من أفغانستان ومن الشرق الأوسط يبين خطتها الاستراتيجية لعدم التدخل العسكري والسياسي أيضاً للمساهمة في إعادة الأمن والاستقرار في المنطقة؟

يبدو أن «خطة الدبلوماسية الأميركية الناعمة» التي لم تتضح معالمها بعد تستند على فكرة أخرى غير واضحة أيضاً، ففي سوريا مثلاً تتحدث «سترول» أنه لا حل عسكرياً هناك، وقالت إننا نعمل مع أصدقائنا في المنطقة وفي أوروبا لإطلاق مسار سياسي يساعد في حل الأزمة الإنسانية، ويؤكد ذلك قولها أيضاً إن واشنطن تقوم بتفعيل تحالفاتها في الشرق الأوسط، وتعتبر أن الشراكة العسكرية مع عدد من الدول، هي حجر الأساس، وإن الولايات المتحدة ستقف دائماً إلى جانب إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسنحرص على توفير كل حاجاتها لتحقيق ذلك.

ما تحتاجه دول وشعوب المنطقة من الشريك والحليف الأميركي هو خطة واضحة المعالم، ليس لأربع سنوات فقط، بل «خطة مئوية» تشرح فيها الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط لتتمكن دول المنطقة وشعوبها من الموائمة مع خططها الاستراتيجية التي تضمن عودة السلام والأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط.

شاهد أيضاً

إما ردّ إسرائيلي أو تصعيد ضدّ لبنان

بقلم: علي حمادة- العربيةالشرق اليوم– كلما مر يوم وتأخر الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني تقلصت …