الرئيسية / مقالات رأي / Le monde: البتكوين.. أهي عملة الجريمة أم الحرية؟

Le monde: البتكوين.. أهي عملة الجريمة أم الحرية؟

By: Arnaud Leparmentier

الشرق اليوم – تتصدر عملة بتكوين عناوين الصحف بسبب تقلب أسعارها واستخدامها من قبل المجرمين وجاذبيتها بالنسبة لبعض الدول، وهو ما يفسر تباين الآراء حولها.

إن إدارة “كولونيال بايبلاين” (Colonial Pipeline)، وهو خط أنابيب يضمن إمداد الساحل الشرقي للولايات المتحدة بالوقود، عثرت في السابع من مايو/أيار على رسالة تركتها مجموعة من قراصنة الإنترنت من أوروبا الشرقية يطالبون فيها بفدية قدرها 4.4 ملايين دولار لفتح خط الأنابيب الإستراتيجي.

ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، قرر الرئيس التنفيذي للشركة جوزيف بلونت، الرضوخ لابتزاز القراصنة وتحويل 75 “بتكوين” إلى رصيد القراصنة مقابل إتاحة الوصول إلى النظام، انطلاقا من هذه الحادثة، تبين أن استخدام عملة البتكوين كأموال جريمة حقيقة لا يمكن إنكارها. ومن جهته، حث مكتب التحقيقات الفدرالي لسنوات طويلة ضحايا عمليات الاختراق على عدم دفع فدية لكن يبدو أنه لا أحد يستجيب لهذا النداء بالنظر إلى أن تكلفة تعطل نظام الحاسوب قد تكون مرتفعة.

قبل اختزال استخدام البتكوين في الجريمة المنظمة، من الضروري تبني منظور مختلف، في التاسع من يونيو/حزيران، أقر برلمان السلفادور قانونا يعتبر البتكوين عملة تداول قانونية إلى جانب الدولار، ما يسمح بالإدماج المالي لآلاف الأشخاص الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، وفي فنزويلا، التي تسجل إقبالا ضعيفا على الادخار بسبب معدل التضخم الكبير، يوجد أكبر عدد من مستخدمي العملات المشفرة في العالم.

بالنسبة لهذه الفئة، توفر العملات المشفرة الحماية من الأخطاء المالية التي قد ترتكبها الحكومات، وتضمن الحق في الملكية، ووسيلة للعيش في ظروف طبيعية، ومن المؤكد أن تذبذب أسعار البتكوين يمثل عائقا، لكن هل هي أسوأ من البوليفار الفنزويلي الذي تشهد قيمته انخفاضا مستمرا؟

يمكن القول إن عملة البتكوين ليست أداة جريمة بل أداة حرية، وفي كلتا الحالتين، تنجز العملة المشفرة مهمتها المسندة إليها من طرف مؤسسيها التحرريين والمتمثلة في تحرير الأفراد من الدولة، وحرمانها من الامتياز الباهظ المتمثل في سك النقود، وإجراء المعاملات دون اللجوء إلى عملات مثل اليورو والدولار.

وبحسب تقرير موقع “تشاينأليسيس” (Chainalysis) السنوي، تكمن المشكلة في بلوغ حجم معاملات العملة المشفرة 10 مليارات دولار في عام 2020، وهو رقم كبير -رغم تسجيله انخفاضا حادا (21.4 مليارا عام 2019)- نتيجة الهوس العالمي بالعملات المشفرة، وهذا يعني أن هجوم الدول التي باتت سيادتها النقدية تحت التهديد على العملة الرقمية أمر لا مفر منه.

من الصعب تخيل كيف يمكن للحكومات القضاء على التكنولوجيا التي تقوم عليها العملة المشفرة، ولكن في لعبة الشرطة واللصوص قد يغير الخوف المواقف، لقد أحرز مكتب التحقيقات الفدرالي تقدما في قضية “كولونيال بايبلاين” إثر تمكنه من استعادة بعض البتكوين التي دُفعت كفدية بسبب تحويلها من حساب إلى آخر دون حذر، هذه الواقعة أثارت ارتباك تجار العملات المشفرة المقتنعين بأن نظامهم غير قابل للاختراق.

إن إستراتيجية الخنق فعالة في مكافحة الجريمة، أي منع تحويل عملات البتكوين إلى عملات تقليدية، وعلى هذا النحو، يظل أصحاب العملات المشفرة سجناء الفضاء الرقمي، مثل رجل مافيا لم يتمكن من تبييض أمواله أو محتال سبائكه مدفونة في خزنة.

وتحظر الصين على بنوكها إجراء معاملات باستخدام العملات الرقمية، وفي الولايات المتحدة، تطالب إدارة بايدن دافعي الضرائب بالإبلاغ عن جميع تحويلات العملة الرقمية التي تزيد قيمتها على 10 آلاف دولار.

ومن أجل نجاح إستراتيجية الخنق، من الضروري منع إنشاء نظام نقدي للعملات الرقمية يضمن ازدهار اقتصاد مستدام ذاتيا تكون فيه جميع السلع قابلة للشراء، في هذا الصدد، يعتبر إعلان رئيس شركة تيسلا، إيلون ماسك، في 12 مايو/أيار عن تخليه عن قبول مدفوعات بتكوين مقابل شراء سيارته الكهربائية أمرا بالغ الأهمية، وقد خاطرت شركة السيارات بأن تصبح الطريق السريع الذي تتدفق عبره عملات البتكوين.

يكمن الحل الحقيقي في التشكيك في قيمة عملة البتكوين وتقديرها الجنوني، علما بأن قيمتها لم تتجاوز 0.001 دولار عند إنشائها في عام 2009. خلال مقابلة على قناة “سي إن بي سي” (CNBC) في 11 مايو/أيار، صرح الملياردير الأميركي ستانلي دراكنميلر والرئيس التنفيذي لصندوق “دوكين كابيتال”: “لا يوجد أي حقبة تاريخية كانت فيها السياسة النقدية والمالية غير مرتبطة بالظروف الاقتصادية. إذا أرادوا القيام بكل هذا وتعريض عملتنا الاحتياطية للخطر، فهم يجازفون بانفجار فقاعة الأصول”.

تساءل رجل الأعمال الأميركي راي داليو، مؤسس أكبر صندوق تحوط في العالم “بريدج ووتر أسوشيتس” (Bridgewater Associates)، عما إذا كانت البتكوين عبارة عن تذاكر احتكار إلكترونية أفضل من الدولار؟ وقد أقر داليو في 24 مايو/أيار بأنه يفضل الاحتفاظ بعملة البتكوين بدلا من سندات الخزانة.

إن التاريخ حافل بالسوابق التي تثبت أنه لا يمكن الوثوق في الدول، مثل الإفلاس الوطني الفرنسي في 1720، وتصفية الديون التي خلّفها لويس الرابع عشر، والتضخم المفرط في جمهورية فايمار، وفي الوقت الحالي، يشتري المستثمرون ما يرون فيه وسيلة حماية من سياسة وزارة الخزانة والاحتياطي الفدرالي، مثل العقارات والأسهم والمواد الخام والبتكوين.

حتى مع إمكانية استخدامها في المعاملات، يبقى العيب الأساسي للبتكوين استحالة استخدامها كملاذ آمن، من جانبه، أوضح كبير الاقتصاديين في “ناتيكسيس” (Natixis)، باتريك أرتوس، أن العملة الرقمية موجودة بكميات محدودة وسعرها يشهد اضطرابات مفاجئة اعتمادا على الطلب وحده.

ترجمة: الجزيرة

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …