الرئيسية / مقالات رأي / الحل ليس في أستانا

الحل ليس في أستانا

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – مع انطلاق الجولة السادسة عشرة من مفاوضات مسار أستانا أمس، والتي تتواصل اليوم في العاصمة الكازاخية نور سلطان، فالسؤال الذي يتجدد مع كل جولة هو، ماذا حقق هذا المسار ولماذا يتواصل؟

الحقيقة أنه طوال الاجتماعات الـ 15 السابقة، كانت الحصيلة متواضعة سياسياً وأمنياً، ولم تقدم حلاً يمكن الاعتداد به كي يكون «خميرة» للتسوية السياسية التي طال انتظارها، إذ جلّ ما تحقق هو الاتفاق على «منطقة خفض التصعيد» في إدلب، التي تتعرض للخرق الدائم من قبل الجماعات المسلحة، وخصوصاً من جانب «جبهة النصرة» والمنظمات المسلحة التي لا تزال حتى الآن تماطل في تنفيذ ما يتعلق بها لجهة فتح الطريق «إم 4» التي تربط إدلب بدمشق واللاذقية وبقية المناطق السورية، وعدم الضغط على هذه الجماعات للانسحاب لمسافة ستة كيلومترات بعيداً عن الطريق.

لعل السبب في أن يظل مسار أستانا يدير الأزمة ولا يحلها أن أطرافه الأساسيين (روسيا وتركيا وإيران) تربطهم علاقات سياسية واقتصادية وأمنية معقدة ومتشابكة، وأن كل طرف يحاول مراعاة مصالح الآخر، للحيلولة دون التصادم معه، رغم أن لكل منهم أجندة تختلف عن الآخر في ما يخص الملف السوري.

في هذه الجولة التي يشارك فيها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غير بيدرسون، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، الكسندر لافرنتييف، هناك جملة من القضايا التي ستكون على طاولة المفاوضات، وأهمها البحث عن وسيلة لاستمرار عمل المعابر الإنسانية ووصول المساعدات إلى السواد الأعظم من السوريين، حيث تشترط دمشق أن لا يكون معبر باب الهوى عند الحدود التركية، والخارج عن سيطرتها، هو المعبر الوحيد للمساعدات.

الحكومة السورية وعبر رئيس وفدها معاون وزير الخارجية أيمن سوسان، ترى أن بداية الحل تكون برفض أي تدخل خارجي بالشأن السوري، وخروج كل القوات الأجنبية والتأكيد على استقلال وسيادة سوريا، وأن مواجهة المنظمات الإرهابية والمتطرفة يجب أن تكون قاعدة لأي حل، وهو أمر لا يتفق مع وجهة نظر وفد المعارضة برئاسة أحمد طعمة، ولا مع وجهة نظر أنقرة، كما لا يتفق مع مواقف معظم الدول الغربية.

وقد كشفت اجتماعات اللجنة الدستورية التي عقدت في جنيف بمشاركة بيدرسون والمكلفة بوضع دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي، عن هوة عميقة بين دمشق والمعارضة حول شكل النظام الذي ستكون عليه سوريا في أية تسوية. حيث تصرّ بعض أطراف المعارضة، وخصوصاً ذات «الإخوانية» على رفض الدولة العلمانية.

روسيا التي أرسلت لافرنتييف إلى دمشق واجتمع بالرئيس الأسد قبيل اجتماع أستانا لإطلاعه على جهودها بالنسبة للمسار السياسي، تدرك أن هذا المسار يواجه عقبات كثيرة، لكنها متمسكة به لأنه يشكل آلية لمواصلة التواصل بين الدول الأعضاء يحول دون صدامها، ما يعني أن الحل لم ينضج بعد، وأنه قد يكون في مكان آخر.. ربما في الميدان.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …