الرئيسية / مقالات رأي / مَنْ وما هو.. “المجتمع الدولي”

مَنْ وما هو.. “المجتمع الدولي”

بقلم: محمد خروب – الرأي الأردنية

الشرق اليوم- “المجتمع الدولي”.. مُصطلح تسمعه الشعوب العربية على مدار اليوم, إذا ما واظب المرء على متابعة أخبار الشاشات العربية وقراءة الصحف وما تعجّ به المواقع الإلكترونية, بل والمحطات الإذاعية التي غرِقت وأغرَقتنا في تقنية FM وانخرطت والإعلانات التجارية, وخصوصاً البث المباشر مع أي كان ولأي سبب كان.. تزجية للوقت ولِملء فراغ الساعات الطوال.

ما يستدعي التوقّف عند مفهوم هذا المصطلح الملتبس, الذي واظب عرب اليوم على استخدامه في كل مناسبة, بعد ان كانوا صدَّعوا رؤوسنا بمذكرات الاحتجاج والمناشدة لـ “الأُمم المتحدة”, التي راكمت أرشيفاً ضخماً من المراسلات العربية لأمينها العام ومجلس أمنها, المُولج حفظ الأمن الدولي والعمل على منع الحروب وتبريد الأزمات, وغيرها مما يحفل به ميثاق الأمم المتحدة من مواد وبنود, إذا ما قرأها المرء بتمعن فإنه يظن أن الذين صاغوه، إنما ارادوا أن يعم السلام والوئام ولغة الحوار بين الدول الأعضاء, وأن النصوص الجيدة كفيلة بتبريد الرؤوس الحامية, خاصة أن مآسي الحرب العالمية الثانية، كانت ماثلة للعيان.. لكن شيئاً من «أحلامهم» الطوباوية تلك لم يتحقق, وكان أن غدت المنظمة الدولية مُجرّد كيان هزيل ومنصة لإلقاء الخُطب واستعراض للقوة التي تستبطنها خطابات «الأقوياء» أصحاب حق الفيتو الخمسة في مجلس الأمن, حيث لا تُنفّذ من قراراته سوى تلك التي تتواءم مع مصالح الكبار, أما غيرها فيضاف إلى ارشيف القرارات التي تكاد تصل إلى أرقام فلكية, دونما احترام أو تقدير أو اهتمام بفرض عقوبات على مَنْ «لا» ينفذّها, إلاّ إذا أرادت واشنطن ذلك ويكون لها – من أسف وبدعم من فرنسا وبريطانيا ــ ما تريد وأزيَد.

هنا برز مصطلح «المجتمع الدولي» بعد أن تم «تنحية» الأمم المتحدة جانباً, التي رأى المعسكر الغربي, انها باتت تتوفر على «أغلبية» من دول العالم الثالث (بما فيها دول عدم الانحياز أيام عزِّها), تستطيع تمرير أي قرار تريد, لا ينسجم من إرادة واشنطن وباريس ولندن.

صحيح أن دول الغرب الاستعماري اختارت وصف نفسها بـ» العالم الحُرّ»، كمصطلح يعكس ثقافة استعلائية وفوقية بل وعنصرية, تحطّ من قيمة الآخرين وتروم فرض «قِيمها» على العالم..دوله والشعوب، دونما احترام لخصوصيتها الثقافية والحضارية، إلاّ أنها لم تُعارض مصطلح المجتمع الدولي أو تدعو لعدم استعماله, ما دامت تعرف أنها المقصودة به وهي القادرة – وحدها حتى الآن – على حسم أي مسألة أو ملف أو قضية شائكة, خدمة لمصالحها وليس إنتصاراً للقانون الدولي والعدالة وإشاعة السلام وثقافة الحوار, ضد منطق القوة والحرب والاحتكارات والتدخل العسكري والعقوبات خارج اطار الأمم المتحدة/مجلس الأمن.

ما يلفت الانتباه أن «المجتمع الدولي» الذي يناشده العرب كل يوم تقريباً, بعد أن باتوا في عين العواصف وانفجرت الأزمات في مُجتمعاتهم المُفخّخة, هو الفتور الأقرب إلى اللامبالاة, التي يُبديها إزاء القضايا والحقوق العربية وبخاصة في فلسطين, حيث القمع والإعدامات الميدانية للمواطنين الفلسطينيين, ومصادرة أرضه واستيطانها وتهويدها خاصة في القدس, حيث يتواصل «قلق» الأمين العام للأمم المتحدة (هل تذكرون بان كي مون؟)..وأيضاً «الأسف» المُتواصل للاتحاد الأوروبي, إزاء كل ما يحدث في فلسطين, ودائماً «دعوة» الولايات المتحدة «الطرفين» الفلسطيني والإسرائيلي إلى «ضبط النفس».

ولم يكن بن غوريون «عبيطاً» عندما قال تعقيباً على قرار للأمم المتحدة: ليس مُهماً ما يقوله «الغُوييم/الأغيار»..بل ما يفعله «اليهود».

فهل ثمَّة من لديه تعريف «آخر» لما يُوصف “المجتمع الدولي”؟

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …