الرئيسية / دراسات وتقارير / تقرير: الأهداف الأمريكية في سوريا

تقرير: الأهداف الأمريكية في سوريا

الشرق اليوم- حدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن،”ثلاثة أهداف” لبلاده في سوريا، خلال الجلسة المغلقة لمؤتمر روما أول من أمس؛ أولها -وهو “الأكثر إلحاحاً”- إقناع روسيا بـ”تمديد وتوسيع” القرار الدولي الخاص بالمساعدات الإنسانية “عبر الحدود”، ما يفسر قرار موسكو وواشنطن عقد اجتماع غير معلن في جنيف الأسبوع المقبل بين مسؤولين رفيعي المستوى من الطرفين، يرجح أن يضم ألكسندر لافرينييف مبعوث الرئيس الروسي، وبريت ماغورك مسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي.

وبحسب قول مسؤولين غربيين حضروا اجتماع روما، فإن دعوة الوزير بلينكن لمؤتمر روما كانت أول خطوة سياسية رفيعة يقوم بها فريق بايدن منذ تسلمه الحكم، ومنذ تلاشي “المجموعة الدولية لدعم سوريا” التي نتجت عن عملية فيينا نهاية 2015، وضمت أكثر من 20 دولة، بما فيها روسيا وإيران.

وشكل مؤتمر روما مناسبة لاستعادة واشنطن دورها القيادي في التنسيق مع حلفائها، وتوسيع “المجموعة المصغرة” التي ضمت سبع دول كبرى وعربية، إضافة إلى استعادة نوع من التشاور مع قطر وتركيا اللتين انضويتا مع روسيا في “مجموعة آستانة” أو “منصة الدوحة”، ومد جسور مع كتلتين رئيستين في الملف السوري، هما الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.

-إغاثة ملحة

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن بلينكن أبلغ الوزراء المشاركين في الجلسة المغلقة بأولويات أهداف سياسة أمريكا في سوريا حالياً، وهي ثلاث:

الهدف الأول “عاجل”، وهو يخص القرار الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود وتوسيع نطاقه، إذ إن الرئيس بايدن أثار -خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف في الـ16 من الشهر الماضي- ملف تمديد القرار الدولي الخاص الذي تنتهي فترة العمل به في 10 يوليو المقبل. وبالفعل، كان موقف إدارة بايدن واضحاً، وهو أن الموقف الروسي من هذا الموضوع سيكون حاسماً في قرارات إدارة بايدن في المرحلة المقبلة. وقال دبلوماسي غربي: إن “الرسالة الأمريكية هي: إذا استجابت روسيا لرغبة أمريكا، يمكن استئناف الحوار الثنائي وتوسيعه حول سوريا، واتخاذ إجراءات إيجابية أخرى؛ وإذا صوتت موسكو ضد تمديد القرار وتوسيعه (من معبر إلى ثلاثة معابر)، فإن الجمود هو مصير الملف السوري، وسط دعوات في واشنطن لتصعيد الضغوط، واستئناف فرض العقوبات”.

وفي هذا السياق، يأتي الحوار الأمريكي – الروسي في جنيف بعد أيام الذي سيكون الأول في زمن إدارة بايدن، في ضوء أن آخر لقاء عقده المسؤول الروسي كان مع المبعوث الأمريكي السابق جيمس جيفري في فيينا في يوليو الماضي، علماً بأنه لم يحضر الاجتماع الأمريكي – الروسي اللاحق في جنيف في أغسطس الماضي، لأنه كان مصاباً بـ”كورونا”. كما يشار أيضاً إلى أن فريشنين وماغورك أطلقا قبل سنوات هذا المسار الثنائي غير المعلن.

وكان القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، قد قال في إفادة صحافية علنية: “أعتقد أننا نرى هناك فرصة للعمل بشكل بناء مع روسيا بشأن هذه المسألة، المتمثلة في إيصال المساعدة الإنسانية إلى السوريين في جميع أنحاء البلاد، خصوصاً الآن، بعد انتشار وباء (كوفيد) وضرورة التعامل معه، حيث لم يتم إيصال أي مساعدة تقريباً لمحاربة (كوفيد) إلى شمال شرقي سوريا على وجه الخصوص. لذا، فهي مشكلة إنسانية متنامية، ولا أعتقد أن أي شخص يريد مفاقمتها”، فيما قال بايدن في روما: إنه “أثار هذه المسألة خلال لقائه ببوتين”، ذلك أن هذا الأمر “بالغ الأهمية” لواشنطن.

-“داعش” والهدنة

الهدف الثاني لأمريكا في سوريا هو التركيز على القضاء على “داعش”، وهو الأمر الذي يمثل السبب الوحيد لوجود أمريكا شرق الفرات. وعن ذلك، قال بلينكن: “يجب أن نبقى معاً ملتزمين بأهداف تحقيق الاستقرار (شرق سوريا)، كما فعلنا في حملتنا العسكرية التي أدت إلى النصر في ساحة المعركة”، مشيراً إلى ضرورة حل مشكلة عشرة آلاف “داعشي” في سجون “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث “تواصل الولايات المتحدة حث البلدان الأصلية، بما في ذلك شركاء التحالف، على استعادة مواطنيها وإعادة تأهيلهم ومقاضاتهم عند الاقتضاء”. وهنا، أكد بيان المؤتمر الدولي للتحالف ضد “داعش” وقوفه إلى “جانب الشعب السوري لدعم تسوية سياسية دائمة وفقاً للقرار (2254)”، مضيفاً: “لا بد من أن يبقى التحالف يقظاً إزاء تهديدات الإرهاب بكل أشكاله وتعبيراته لكي يؤسس على النجاح الذي حققه، ولا بد من أن يستمر في العمل بشكل مشترك ضد أي تهديد لهذا النجاح، وأن يتجنب الفراغ الأمني الذي قد يستغله (داعش)”.

أما الهدف الأمريكي الثالث، فيتعلق بضرورة “استمرار تنفيذ وقف النار على أرض الواقع” في سوريا، حيث أشار الوزير الأمريكي إلى أن وقف النار لم يمنع حصول انتهاكات حقوق الإنسان، واستمرار الاعتقالات، وعدم عودة اللاجئين.

-أهداف آجلة

وإلى جانب هذه الأهداف التي لم تعد تتضمن أهدافاً واسعة مثل “إخراج إيران”، كما كان الأمر في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وفريقه بقيادة وزير الخارجية مايك بومبيو، والمبعوث لسوريا جيمس جيفري، حدد الوزير الأمريكي هدفاً طويل الأجل، وهو الوصول إلى “حل سياسي”، بصفته الطريقة الوحيدة للمصالحة والسلام وإعمار سوريا. وهنا، لا بد من الإشارة إلى إضافة فقرة موسعة إلى البيان النهائي لمؤتمر روما، نصت على دعم جهود المبعوث الأممي غير بيدرسن لـ”تنفيذ القرار (2254) بجوانبه كافة، بما في ذلك استمرار دعم وقف إطلاق النار على مستوى البلاد بأسرها، وإيصال المساعدات من دون عوائق، وبشكل آمن، واللجنة الدستورية، وكذلك مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره”. كما أضيفت فقرة سياسية في آخر البيان، تضمنت تأكيد الوزراء على “وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وسنظل ملتزمين بمواصلة العمل بدأب للتوصل إلى حل سياسي موثوق به مستدام شامل، استناداً إلى القرار (2254)، وهو الحل الوحيد الذي سينهي الصراع السوري الذي فاق عقداً من الزمان، ويضمن أمن الشعب السوري، ويحقق تطلعاته”.

وأجمع الوزراء العرب في المؤتمر على أن “الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية وفق القرار (2254) والقرارات الدولية الأخرى”، مع تحذيرات من أن “غياب الإرادة الدولية الفاعلة في حل الأزمة أسهم في إتاحة الفرصة لتنفيذ بعض الأطراف مشاريع توسعية وطائفية وديمغرافية تستهدف تغيير هوية سوريا، وتنذر بطول أمد الأزمة السورية، وتأثيراتها الإقليمية والدولية”.

وكان لافتاً حديث أطراف عربية عن ضرورة تحقيق الاستقرار ومحاربة الإرهاب في جنوب سوريا، وإبعاد ميليشيات تابعة لإيران منها، إضافة إلى ضرورة عودة الدور العربي إلى سوريا، مع تأكيدات على أن عودة دمشق إلى الجامعة العربية تتطلب “توافقاً عربياً” غير موجود في الظرف الراهن، إضافة إلى أن وجود “قانون قيصر” الأمريكي يحد من إمكانات المساهمة في الإعمار، بحيث تبقى محصورة في الأمور الإنسانية والطبية ومواجهة “كورونا”، وفق الاستثناءات التي وفرها القانون الأمريكي، واستثناءات وزارة الخزانة في واشنطن.

وعليه، فإن الموقف الأمريكي الراهن هو عدم الخوض في اقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن لبدء مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، وتشكيل مجموعة اتصال دولية – إقليمية خاصة بسوريا، وحث الدول العربية على التريث في “التطبيع” مع دمشق، وتذكيرها بـعقوبات “قانون قيصر” وملف “المساءلة والمحاسبة”، وذلك بانتظار: أولاً اللقاء الروسي – الأمريكي في جنيف؛ ثانياً نتائج اجتماع “آستانة” في الـ7 من الشهر المقبل؛ ثالثاً التصويت في مجلس الأمن على قرار المساعدات قبل 10 يوليو المقبل.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

بايدن “الصامت أبدا” إزاء الحراك الرافض للحرب طالبا ورئيسا

الشرق اليوم– يلتزم الرئيس الأميركي جو بايدن الصمت بصورة شبه كاملة إزاء التعبئة الطلابية في …