الرئيسية / مقالات رأي / قمة “بايدن بوتين” قضايا شائكة ونتائج متواضعة

قمة “بايدن بوتين” قضايا شائكة ونتائج متواضعة

بقلم: علي ابو حبلة – صحيفة “الدستور” الأردنية

الشرق اليوم – رغم انعقاد قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن، والروسي فلاديمير بوتين، الأخيرة وسط توترات حول أوكرانيا ومعاملة المعارض الروسي أليكسي نافالني، والهجمات الإلكترونية الأخيرة على الولايات المتحدة ومزاعم التدخل في الانتخابات الأميركية؛ فإنها تمخضت عن نتائج متواضعة قياسا بالتوقعات التي كان ينتظر أن تخرج منها قمة بوتين بايدن فيما يتعلق في العديد من الملفات المتعلقة في قضايا الشرق الأوسط منها ملف إيران النووي، وملف سوريا، والصراع الفلسطيني العربي وجميعها قضايا ذات اهتمام مشترك أمريكي روسي.
وكانت النتيجة الواضحة لقمة بوتين وبايدن بعد مباحثات دامت أقل من 4 ساعات، هي الاتفاق على إعادة السفراء إلى البلدين، بعد أزمة دبلوماسية استمرت 3 أشهر، وبالفعل، أعلنت الرئاسة الروسية «الكرملين»، صباح الخميس، عودة سفير موسكو لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنتونوف إلى واشنطن، في الأيام المقبلة.
وكانت العلاقات بين موسكو وواشنطن تدهورت في مارس/آذار الماضي، عندما قال بايدن إنه يعتقد أن بوتين «قاتل»، ما دفع روسيا لاستدعاء السفير أنتونوف من واشنطن للتشاور، واستدعت الولايات المتحدة سفيرها أيضا في أبريل/نيسان.
وبالإضافة إلى مسألة السفراء، حققت القمة نجاحا فيما يتعلق بالاتفاق على مباحثات مستقبلية في مسائل الأمن السيبراني والتحكم المستقبلي في الأسلحة النووية. وفي هذا الإطار، قالت «دير شبيجل»: «في بعض الأحيان، عليك الرضا بالقليل للغاية خاصة في ظل المناخ المتجمد بين واشنطن وموسكو»، مضيفة «على أية حال، لقد تم الوفاء بالتوقعات المنخفضة للغاية قبل القمة».
لكنها استدركت قائلة «هذا الوضع مفيد لبوتين الذي غادر روسيا لأول مرة منذ أزمة كورونا؛ فقد جاء للاستماع بهدوء والرد بهدوء، وعدم تقديم تنازلات»، مضيفة «سارت الأمور كما يريد» ، ونقلت المجلة عن مارك هيرتلينج، القائد العام السابق للجيش الأمريكي في أوروبا، قوله «في بعض الأحيان، لا تقدم اللقاءات الثنائية إشباعا فوريا».
وأضاف «في بعض الأحيان، تتطلب الإستراتيجية فقط تمهيد الطريق، ونقل الرسالة بقوة، والتحلي بالصبر، والتخطيط لنتائج أخرى». ووفق مراقبين ومحللين للنتائج ، فإن القمة بين بوتين وبايدن خففت حالة العداء عبر إعادة السفراء، لكنها لم تؤد الانفراجة في العلاقات بين البلدين، ولم تحسم الملفات العالقة، خاصة الصراع في أوكرانيا، وتعارض المواقف حول سياسات النظام، ووقف الهجمات السيبرانية.
ويذكر في هذا تدهور العلاقات بين موسكو وواشنطن منذ سنوات، لاسيما بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 من أوكرانيا وتدخلت في سوريا عام 2015 واتهامات الولايات المتحدة، التي نفتها موسكو، بالتدخل في انتخابات 2016 التي اتت بدونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وتبنى بايدن لهجة حازمة في الأيام الأخيرة حيال رجل الكرملين القوي، لإبراز التناقض بشكل أفضل مع تقلبات سلفه الجمهوري دونالد ترامب وغموضه، وقلل الجانبان من احتمال أن تسفر القمة عن نتائج كبيرة لكنهما يأملان في أن تؤدي المحادثات إلى علاقات أكثر استقرارا. من جانبه قال يوري أوشاكوف، مستشار بوتين للسياسة الخارجية «لست واثقا من إمكانية التوصل لأي اتفاق»، وأعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن الخطاب الأميركي بشأن ردع روسيا وجعلها تدفع ثمن تصرفاتها، لن يُلقي بظلال إيجابية على القمة في جنيف.
ولخص الكاتب في صحيفة ذا هيل «The Hill» الأميركية نيال ستانيدج، في تقرير له عن هذه القمة تلك النتائج وتتمحور في – العودة إلى البراغماتية، فكلا الرئيسين -حسب الكاتب – كانا حذرين في تقييمهما للاجتماع خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقبه، بايدن يشدد على أهمية «الاستقرار الإستراتيجي»، بينما لفت بوتين إلى أنه «ليس من المنطقي محاولة تخويف بعضنا البعض»، وكان الموضوع الأكثر إثارة للجدل في المؤتمر الصحفي، وقد أثاره بوتين ردا على سؤال حول حقوق الإنسان في روسيا، في ضوء انتقادات معاملة الكرملين لنافالني. كما أشار بوتين إلى الانتهاكات الأميركية في العراق وأفغانستان وغوانتانامو، وهو ما رد عليه بايدن بالقول إن أي مقارنة لما حدث في أميركا يوم السادس من يناير/كانون الثاني 2021 مع الاحتجاجات المشروعة ستكون مثيرة للسخرية. تمت الإشادة في أداء بايدن في قمة جنيف وتمت مقارنة سلفه ترامب عندما قابل بوتين في هلسنكي عام 2018. فعندما التقى ترامب بوتين في هلسنكي عام 2018، تعرض الرئيس الأميركي لانتقادات واسعة بسبب أدائه «الجبان». وبوجه عام، حصل بايدن على تقييمات إيجابية في هذا اللقاء لأنه ببساطة بقي ضمن المعايير القياسية، وفقا للإعلام الأمريكي.
لم يتم الخوض في تفاصيل القضايا المطروحة، القمة تميزت بجو إيجابي بين الزعيمين، لكن من غير الواضح ما إذا كانت مقدمة لأي تغيير حقيقي.وبعد الاجتماع، أصدر البيت الأبيض بيانًا أشار فيه إلى أن البلدين «يشرعان معًا في حوار ثنائي متكامل حول الاستقرار الاستراتيجي في المستقبل القريب وسيكون ذلك مدروسًا وقويًا».
غير أن هذا البيان برؤيا المحللين غامض، ويمكن التراجع عنه في أي لحظة عند حدوث أي شيء يثير الاحتكاكات، مثل الهجمات الإلكترونية الجديدة.

شاهد أيضاً

هل تنجح طهران خارج محور المقاومة؟

بقلم: عادل بن حمزة- النهار العربيالشرق اليوم– دخلت منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديداً من التصعيد …