الرئيسية / مقالات رأي / قمة بايدن – بوتين في جنيف: فرصة لتوضيح المواقف

قمة بايدن – بوتين في جنيف: فرصة لتوضيح المواقف

بقلم: هشام ملحم – النهار العربي

الشرق اليوم- قمة التوقعات المحدودة بين الرئيسين جوزف بايدن وفلاديمير بوتين في جنيف لم تخّيب المراقبين. بعد 4 ساعات من المفاوضات خلال جلستين، وصفها بايدن بأنها كانت “جيدة” و “وإيجابية”، الإنجاز الوحيد الذي تم الإعلان عنه هو إعادة السفيرين الروسي اناتولي انطونوف الى سفارته في واشنطن، والأمريكي جون ساليفان الى سفارته في موسكو، خلال أسبوع، وفقاً لمسؤول أمريكي. الرئيسان التقيا على وصف المفاوضات بأنها كانت بناءة وخلت من التشنج أو التهديدات، أو المواقف “العدائية” كما قال بوتين، ولكنها شملت “التأكيدات البسيطة” للمواقف الأساسية كما قال بايدن. جاء ذلك في مؤتمرين صحافيين منفردين، الأول عقده بوتين بعد انتهاء القمة، والثاني عقده بايدن، قبل عودتهما الى بلديهما. بوتين وصف بايدن بأنه “بناء… ومتوازن جداً كما توقعت، ويتمتع بخبرة واسعة”. وكان بايدن قد وصف بوتين قبل أيام بأنه “ذكي” و “قوي” و “خصم جدير”.

الرسالة التي أراد الأمريكيون إرسالها للعالم، هي أن القمة كانت جدية ورسمية للغاية، ولذلك لم يتخللها أي اجتماع منفرد بين الرئيسين، وخلت من أي مظاهر ودية مثل إعطاء الرئيسين المجال للتعرف أكثر على بعضهما البعض، خلال التقاط الصور او مثلاً المشي معاً لمراقبة الحدائق المحيطة بمقر الاجتماعات. وكان من اللافت أن بوتين قال: “الرئيس بايدن لم يدعوني لأكون ضيفه، وأنا لم أدعوه أيضاً” لأن مثل هذه الزيارات ” تتطلب التحضيرات الضرورية” في أشارة الى ان الظروف غير مناسبة الآن.

وجاء بايدن إلى قمة جنيف بعد حوالي أسبوع من المفاوضات الإيجابية مع حلفاء الولايات المتحدة في مجموعة الدول الصناعية السبع في بريطانيا، وأعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بلجيكا، عززت من موقعه التفاوضي مع بوتين، وهي مسألة تطرق اليها بايدن في مؤتمره لصحافي. وكان بايدن الذي بادر بدعوة بوتين الى قمة جنيف قد وقّتها بعد لقاءاته مع الحلفاء لبعث رسالة واضحة لبوتين أن واشنطن قد استعادت موقعها القيادي في مجموعة الدول السبع وحلف الناتو في تناقض صارخ مع موقف سلفه دونالد ترامب الذي التقى بوتين في قمة هلسينكي في تموز (يوليو) 2018 بعد انتقاده القوي لحلف الناتو وتشكيكه بجدواه. الأمريكيون رفضوا فكرة عقد مؤتمر صحافي مشترك لتفادي مشهد هلسينكي، وحرمان بوتين من الاستئثار بمعظم الوقت.

وعلى الرغم من أن الاجتماعات لم تؤد الى نتائج ملموسة باستثناء عودة السفيرين، إلا أن الرئيسين قالا إنها كانت ناجحة لمجرد أنهما التقيا وجهاً لوجه في فترة اعتبراها علناً، بأنها الاسوأ منذ نهاية الحرب الباردة. بايدن قال: “لقد قمت بما أردت أن أقوم به”، وتحديداً توجيه تحذيرات واضحة بشأن عدم اجتياز خطوط حمراء تشمل انتهاكات روسية جديدة مثل شن الهجمات الالكترونية، وإنْ شدد بايدن الى أن هذه الخطوط الحمراء لا ترقى الى مستوى “التهديدات”. وكشف بايدن أنه سلّم بوتين قائمة تتضمن اسماء 16 منشأة أميركية  هامة موضحاً انه إذا تعرض أي منها لهجوم الكتروني (هجوم سايبيري) “فإن لدينا قدرات الكترونية كبيرة” وأن الولايات المتحدة في هذه الحالة سوف ترد “بطريقة الكترونية”.

وهذه هي المرة الأولى التي يتعهد فيها رئيس أمريكي علناً بالرد بالمثل على أي هجمات الكترونية روسية. في السابق كانت واشنطن تتردد بالرد بالمثل على الهجمات الإلكترونية الروسية لأنها كانت تريد تفادي الدخول في هجمات الكترونية متبادلة لأن اقتصادها وشبكاتها المالية متطورة أكثر من تلك الموجودة في روسيا وحمايتها تتطلب استعدادات وتحصينات إضافية، بخاصة أن معظم المرافق المالية والاقتصادية واللوجستية الأمريكية (من شركات وأسواق مالية وخطوط أنابيب ومحطات الكهرباء) يملكها القطاع الخاص. ولاحقاً قال مسؤولون أمريكيون أن القائمة الأمريكية بالمحظورات التي قدمت للروس، تشمل قطاعات الخدمات المالية والمواصلات والصناعات العسكرية والقطاع الزراعي والأغذية. واتفق الطرفان على مواصلة المباحثات بشأن الهجمات الإلكترونية من خلال تنظيم اجتماعات للخبراء للتوصل الى تحديد القطاعات التي يجب أن لا تطاولها الهجمات الالكترونية.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …