الرئيسية / مقالات رأي / إيران بين بايدن وماكرون

إيران بين بايدن وماكرون

بقلم: رندة تقي الدين – النهار العربي

الشرق اليوم – الشرق الأوسط حضر على طاولة اللقاء الثنائي بين رئيسي الولايات المتحدة جو بايدن، وفرنسا إيمانويل ماكرون، من زاوية إيران وعودة الولايات المتحدة الى الملف النووي ودور تركيا في المتوسط وسياسة أردوغان في المنطقة.
الموضوعان تصدرا الجزء الذي يتعلق بالشرق الأوسط. فإدارة الرئيس بايدن مهتمة جداً بالإسراع في العودة الى الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست لمنع إيران من التوصل الى القنبلة الذرية. وقد رفعت إدارة بايدن بعض العقوبات التي كانت فرضتها على إيران منها على أموال كانت مجمدة في بنك كوري جنوبي أعيدت لإيران كي تتمكن من دفع قسطها لاستعادة حقها بالتصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بعدما تم تعليق هذا الحق إثر توقف إيران عن تسديد مستحقاتها للجمعية العمومية للأمم المتحدة بحوالي 16 مليون دولار.
كما أن إدارة بايدن رفعت العقوبات على ثلاثة مسؤولين إيرانيين وشركتين إيرانيتين مرتبطتين بصناعة النفط الإيرانية. فقد أبدت إدارة الرئيس بايدن ليونة بهذه الإجراءات لأنها مستعجلة للعودة الى الاتفاق النووي مع إيران. إلا أن إيران تريد رفع جميع العقوبات الأميريكية عنها قبل العودة الى الالتزام بالاتفاق مع الدول الست.
والاتفاق بين الدول الست مع إيران على الملف النووي كان هدفه الحد من قدرات تحويل الوقود النووي الإيراني الى سلاح نووي. بعد انسحاب سلف بايدن دونالد ترامب من الاتفاق عادت إيران الى تطوير هذه القدرات وعدم الالتزام بما كانت أقرته مع الدول الست في 2015. فماكرون وبايدن يعتبران أن عودة الولايات المتحدة إلى هذا الاتفاق ضرورية. فقال ماكرون عشية اجتماع قادة مجموعة السبع في كورنوال “إن النظام الإيراني يهدد المنطقة بسبب برنامجه النووي وإنه ينبغي استعادة الإطار المتعدد الأطراف الذي وحده يسمح لنا بضبط البرنامج النووي الإيراني بعد أن فقدناه. وعلينا أن نعزز هذه المراقبات ونطلب من إيران عدم تطوير السلاح النووي. ولكن التهديد الإيراني لا يقتصر على هذه النقطة. فتهديد إيران في المنطقة يتمثل في قدراتها الباليستية أيضاً بوجه جميع دول المنطقة. إذاً علينا في إطار حوار حازم أن نعيد إطلاقه للأخذ بعين الاعتبار قدرات إيران الباليستية ووضع حد لها. والنقطة الثالثة أن إيران عامل زعزعة استقرار عبر حلفائها ووكلائها والمنظمات غير الحكومية التي تعمل لحسابها أي الميليشيات التي يتم تمويلها في العراق وسوريا وعبر “حزب الله” الذي تموله وهو ذو وجهين، أحدهما سياسي فهو حزب ممثل في مجلس النواب ومحاور معترف به في الحياة السياسية اللبنانية وبنفس الوقت هو حركة إرهابية تقوم بزعزعة استقرار البلد بقوة. فإنه ينبغي الضغط بقوة على النظام وأعضائه مع ضغط قوي بالقيود عليهم وليس على الشعب مع إضافة قدرة تفاوضيه.
وفي الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأسبوع المقبل من المتوقع أن يتم انتخاب مرشح المرشد إبراهيم رئيسي المعروف بمواقفه المتشددة والمقرب من “الحرس الثوري” الذي يلوم الرئيس روحاني وفريقه على الاتفاق النووي الإيراني لأنه وضع حداً لقدرات إيران لتطوير النووي العسكري. فبايدن يريد العمل مع الأوروبيين وفي طليعتهم ماكرون وميركل وجونسون لإقناع إيران بالعودة الى التزاماتها وذلك إذا أمكن الأمر قبل الانتخابات الإيرانية الأسبوع المقبل. وكان التعليق الفرنسي حول مناقشة الموضوع الإيراني بين الرئيسين أن القرار الذي تم اتخاذه هو التنسيق العام بين الولايات المتحدة والأوروبيين في قمة كورنوال حول الملف الإيراني والحزم إزاء شروط إيران التي ترفضها الولايات المتحدة وهي رفع جميع العقوبات بما فيها التي ليست مرتبطة بالملف النووي الإيراني.
أما بالنسبة للدور التركي في المتوسط فيتطلع ماكرون إلى لقائه مع الرئيس التركي أردوغان الذي تربطه علاقة توتر مع الرئيس الفرنسي. ماكرون يقاوم توسع تركيا في المتوسط من المياه الأغريقية الى التواجد في ليبيا التي أرسلت إليها تركيا من سوريا مرتزقة إسلاميين متشددين. والأوروبيون يريدون التزام تركيا بقرارات مؤتمر برلين لكي تخرج القوات التركية والمرتزقة من ليبيا.
فكانت قمة كورنوال مناسبة لتأكيد التنسيق بين ماكرون والأوروبيين مع بايدن حول الملف الإيراني. هذا لا يعني أن الملف النووي الإيراني سيجد حلاً سريعاً خصوصاً أن علاقة بايدن بكل من روسيا والصين الدولتين العضوين في الاتفاق النووي الإيراني تتسم بالتوتر وغياب الثقة. فقد حاول بايدن خلال هذه القمة تجنيد الأوروبيين ضد التوسع الاقتصادي الصيني على أراضيهم في حين انه سيلتقي مع خصمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تدخل بالانتخابات الرئاسية الأميركية قبل أربع سنوات لصالح دونالد ترامب ضد هيلاري كلينتون التي تنتمي إلى حزب بايدن الديموقراطي. فهذا الأسبوع حاسم بالنسبة للملف النووي الإيراني مع موعد لقاء بايدن وبوتين في جنيف يوم الأربعاء وانتخابات الرئاسة الإيرانية في 18 حزيران (يونيو) وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بنيت الذي أعلن أنه من الخطأ العودة الى الاتفاق النووي الإيراني. والسؤال كيف أن حل هذا الملف أو جموده قد يؤثر في تطور الوضع السياسي المعطل في لبنان حيث “حزب الله” يمسك بزمام الأمور ويبني تحركاته حسب مصالح إيران؟

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …