الرئيسية / مقالات رأي / Trends: جماعة “الحوثي” والتهديد المستمر للملاحة الدولية

Trends: جماعة “الحوثي” والتهديد المستمر للملاحة الدولية

الشرق اليوم- من المتعارف عليه أن ضمان سلامة الملاحة وحريتها في المياه الدولية مسؤولية جماعية يجب أن تتقاسمها جميع دول العالم وفق القوانين والاتفاقيات الدولية المنظمة للعلاقات البحرية بين الدول، والتي تَوافَق عليها المجتمع الدولي، ومن أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، واتفاقية حصانات وامتيازات المحكمة الدولية لقانون البحار لعام 2002.

وبالرغم من أن القانون الدولي يجرِّم بشكل قاطع كل جهة تقوم بأي عمل من شأنه التأثير على استخدام المضايق والبحار والمحيطات استخداماً تعاونياً وسلمياً، فإن التهديدات والعمليات الإرهابية التي تقوم بها جماعة “الحوثي” لم تتوقف منذ عام 2016، مما يشكل تهديداً حقيقياً على الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ويضر بمصالح دول المنطقة والعالم.

وآخر تلك العمليات كانت عندما أحبط التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، أواخر الأسبوع الماضي، هجوماً “حوثياً” باستخدام زورقين مفخخين، وكأن “الحوثيين” ينفذون ما هددوا به في يوليو 2017 بأنهم سيحولون البحر الأحمر إلى ساحة حرب، وذلك باتخاذهم الموانئ اليمنية قواعد للتخطيط والتحضير للهجمات الإرهابية، ومنطلقاً للزوارق المفخخة المُسيَّرة عن بُعد. وتساعد الجغرافيا اليمنية “الحوثيين” على القيام بمثل هذه الجرائم، حيث إن كثرة الجزر اليمنية المتناثرة في البحر الأحمر وغير المأهولة بالسكان تسمح للحوثيين بالوجود فيها واستخدامها مراكز لتخزين الأسلحة وقواعد لانطلاق الهجمات ضد السفن، أو منصات ثابتة لإطلاق قذائف الصواريخ. كما تسمح لهم المرتفعات الجبلية على امتداد المناطق التي يسيطرون عليها قرب السواحل الغربية للبلاد باستخدامها هي الأخرى كمنصات تهدد الملاحة الدولية.

ولا يختلف كثيرون حول حقيقة أن تهديد “الحوثيين” لخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب يرتبط بشكل أو بآخر بأجندة إيران التي تدعمها وتسلحها وتستخدمها كأداة من أدوات إدارة صراعاتها مع القوى الإقليمية والدولية. وهذه الممارسات تفرض على المجتمع الدولي كله التحرك الجاد لمواجهتها والتصدي لها، باعتبار أنها لا تمثل فقط انتهاكاً للقوانين الدولية وتهديداً للأمن والسلم الدوليين، ولكن أيضاً من أجل الحفاظ على المصالح الحيوية لدول المنطقة والعالم، فالبحر الأحمر تمر من خلاله سنوياً بضائع وسلع بنحو 2.5 تريليون دولار تمثل نحو 13% من التجارة العالمية، فيما يعبر من مضيق باب المندب نحو 3.8 مليون برميل نفط يومياً باتجاه أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، كما يمر عبره أكثر من 50 مليون طن من المنتجات الزراعية.

ولا يجوز ترك خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب رهينة لخيارات إيران والميلشيات “الحوثية” التابعة لها، وخاصة في هذه المرحلة التي مازال العالم يواجه فيها التداعيات السلبية لجائحة كورونا. فاستمرار هذه الممارسات من قبل جماعة “الحوثي” يعكس تحديها السافر للمجتمع الدولي واستخفافها بجميع القوانين الدولية وإصرارها على تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تحرك حاسم ومنسق دولياً لمواجهته بالتعاون مع دول المنطقة، التي تحاول لجم هذه السلوكيات وتحقيق الاستقرار المنشود.

شاهد أيضاً

سوريا وروسيا.. الفرص الناشئة

بقلم: عبدالحميد توفيق- العينالشرق اليوم– تدرك موسكو أن سوريا تشكل أحد التحديات الاستراتيجية المهمة التي …