الرئيسية / مقالات رأي / إفريقيا قارة الأزمات

إفريقيا قارة الأزمات

بقلم: محمد خليفة – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – تتوالى فصول الأزمات في دول إفريقيا رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومات تلك الدول لتحقيق الاستقرار، وتعزيز سبل التنمية الشاملة لمجتمعاتها. إلا أنّ هناك جملة من التحديات تواجه جميع دول القارة، يأتي في مقدمتها انتشار مرض «كورونا»، فالقارة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، يعاني نحو مليون ونصف المليون نسمة من سكانها الإصابة بالفيروس، وفقاً لبيانات جمعتها جامعة جون هوبكنز.

وبالإضافة إلى هذا المرض هناك الملاريا التي تنتشر بكثافة في دول جنوب الصحراء، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن هذا المرض يقتل آلاف الأشخاص سنوياً في تلك القارة التي تعج بالفقر والمرض، على الرغم مما تحويه من كنوز وثروات.

وهناك أيضاً مرض الأيبولا الذي ظهر عام 2014 في دول غرب القارة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أن الجائحة تشكل حالة طوارئ صحية عامة تسترعي الاهتمام الدولي على مستوى العالم. وليست الأمراض وحدها التي تهدد دول إفريقيا؛ بل هناك أيضاً الإرهاب. وتُعدّ دول إفريقيا جنوب الصحراء الأكثر تضرراً من العمليات الإرهابية، ووفق تقرير مؤشر الإرهاب الذي أصدره «معهد الاقتصاد والسلام»، ومقره مدينة سيدني الأسترالية، بالتعاون مع «مركز مكافحة الإرهاب والتطرف» بجامعة ماريلاند الأمريكية العام الماضي، فقد سقط في هذه المنطقة نحو 41 في المئة من القتلى على مستوى العالم، في هجمات إرهابية منسوبة لتنظيمي «داعش» و«بوكو حرام» الإرهابيين، ومن المتوقع أن يشهد العام الجديد تصاعداً في العمليات الإرهابية في جغرافيا متوسعة من إفريقيا، بعدما وجدت «داعش» فيها ملاذاً مناسباً. وبالإضافة إلى حركة «بوكو حرام» النيجيرية التي مازالت هي الحركة الأكثر تأثيراً في القارة، وقد أعلنت ولاءها لتنظيم «داعش». ونفذت عدداً من الهجمات الإرهابية، كان من بينها عملية وُصِفت بأنها الأبشع، حيث ذبحت فيها 43 مزارعاً كانوا يعملون في حقول الأرز في مدينة مايدوعوري في شمال شرق نيجيريا، بحجة اتهامهم بالتواصل مع الحكومة.

ورغم الجهود الدولية والمحلية الرامية لمكافحة الإرهاب في القارة، فإنه يزداد تمدداً وخطورة، مستغلاً الأحداث السياسية والاقتصادية. وتبقى الحروب الأهلية سمة مميزة في الكثير من دول القارة، ولعل أخطرها اليوم ما جري في إثيوبيا التي تعتبر نموذجاً للنمو الاقتصادي، حيث جرت فيها، في أواخر العام الماضي، أحداثاً مؤسفة في إقليم تيجراي، وتتمثل خطورة هذا الصراع في أنه يجري تحت إطار عرقي يهدد استقرار هذه الدولة، ومستقبل تعايش جماعاتها الإثنية البالغة 85 جماعة عرقية، ورغم أن الحكومة نجحت في القضاء على التمرد، وأحالت قادته إلى التحقيق والمحاكمة، إلا أن القوة وحدها لا تكفي لتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

ويبقى الصراع في الصومال على حاله رغم مرور ثلاثة عقود على تفجره، وهناك أيضاً صراعات أخرى في بعض دول جنوب الصحراء مثل سيراليون، وأيضاً في منطقة البحيرات العظمى، التي ترسخت فيها الحروب الأهلية في بوروندي وراوندا والكونغو الديمقراطية. ويطرح حجم المجازر التي انتشرت هناك ضد المدنيين واستمرار الحروب، وانهيار بنى الدول، ونزوح اللاجئين، والاضطراب الإقليمي الناتج عن ذلك، تساؤلاً مشروعاً عن أسباب هذه الحروب وسرعة اشتعالها، وبرودة التعامل الدولي معها، وفشل المبادرات الإقليمية في إيقافها. وكذلك الانقلاب في مالي يوم 25-5-2021، حيث تم تجريد الرئيس ورئيس الوزراء من صلاحياتهما، وتم اعتقالهما فيما يشبه انقلاباً ثانياً خلال تسعة أشهر.

وتعيش مالي تحت وطأة الصراعات بين القومية العربية وبين القوميات الإفريقية، ورغم أن هذه الدولة كانت مثالاً تضربه دول الغرب بنهجها الديمقراطي على الرغم من فقرها، لكن سرعان ما تبخر هذا النموذج، وكشفت الأحداث فيها طوال السنوات الماضية مدى هشاشة ذلك النظام، وأن الديمقراطية لم تكن فيها إلاّ مجرد خدعة. 

وتبقى قارة إفريقيا تعيش حالة الانقسام والمخاوف من تجدد العنف بسبب التدخلات الإقليمية. ويبدو أن هذا الصراع لن ينتهي بشكل سلمي، بل ربما هناك جولات مسلحة ستحصد المزيد من أرواح الأبرياء، وسط صمت المجتمع الدولي الذي يصم أذنيه عن مآسي هذه القارة التي تطفو على بحر من الثروات، والتي تستفيد منها الشركات الأوروبية ذات النصيب الأكبر من كعكة خيرات هذه القارة.

شاهد أيضاً

روسيا التي لا تساند أحداً… علاقة غير عادلة مع إيران

بقلم: يوسف بدر – النهار العربي الشرق اليوم– في مقالته في صحيفة “وول ستريت جورنال” …