الرئيسية / مقالات رأي / رئاسة إيران حُسمت… قبل الانتخابات

رئاسة إيران حُسمت… قبل الانتخابات

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- حسم الزعيم الإيراني المرشد علي خامنئي معركة الانتخابات الرئاسية الإيرانية قبل أن تجري. ولا تفسير غير ذلك، لقرار مجلس صيانة الدستور برفض ترشيح رئيس مجلس الشورى السابق على لاريجاني، المحسوب على التيار المحافظ المعتدل، وكذلك نائب الرئيس الحالي حسن روحاني، إسحق جهانغيري المحسوب على التيار الإصلاحي.

ولأن الظروف التي تعيشها إيران لا تحتمل المفاجآت، قرر خامنئي قطع الطريق على أي حسابات غير متوقعة، كأن يتكتل المعتدلون والإصلاحيون خلف لاريجاني أو جهانغيري، فيخسر المرشح الأساسي للتيار المتشدد إبراهيم رئيسي الذي يتولى الآن رئاسة السلطة القضائية، على غرار ما حصل في انتخابات 2017، عندما فاز عليه روحاني من الدورة الأولى.

ومن خلال إقصاء لاريجاني وجهانغيري، بقي سبعة مرشحين، خمسة منهم متشددون، لكن أبرزهم رئيسي. ولذلك، من المتوقع فوزه بسهولة، لا سيما أن الإصلاحيين قد يتجهون إلى مقاطعة الانتخابات التي ستجرى في 18 حزيران (يونيو) المقبل. وهذا ما فعله الإصلاحيون عندما قاطعوا انتخابات مجلس الشورى عام 2020، احتجاجاً على عدم سماح مجلس صيانة الدستور للمرشحين الإصلاحيين بالترشح. وبذلك، سيطر المتشددون على المجلس. لكن اللافت هو أن نسبة المقاطعة بلغت رقماً قياسياً هو 57 في المئة. وهذا أمر غير مسبوق منذ عام 1979، تاريخ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران.

وبرر النظام عدم الإقبال على الاقتراع بالتفشي الواسع لجائحة فيروس كورونا في البلاد، بينما واقع الأمر يفيد بأن اقتصار الترشيحات على المتشددين، لم يحفز مؤيدي التيار الإصلاحي على الذهاب إلى مراكز الإقتراع، فضلاً عن أن الإيرانيين جميعاً كانوا يرزحون تحت عقوبات “الضغط الأقصى” التي أعاد فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

اليوم، يعيش الإيرانيون على أمل أن تنجح مفاوضات فيينا في عودة متبادلة لإيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وتالياً رفع العقوبات التي أثقلت كاهلهم وأنهكت البلاد اقتصادياً.

ومعلوم أن الاصلاحيين والمعتدلين يؤيدون العودة إلى الاتفاق النووي، نظراً للمنافع الاقتصادية التي ستعود على الإيرانيين، بينما يقف المتشددون منذ البداية ضد إبرام الاتفاق، ويطالبون بالمضي في المواجهة مع الولايات المتحدة، معتبرين أن أمريكا تمارس الخداع وأن ذلك ثبت بالملموس عندما أقدم ترامب على سحب واشنطن من الاتفاق وعاود فرض العقوبات. وهذه المرة لا شيء يضمن إذا عاد الرئيس الديموقراطي جو بايدن إلى الاتفاق ورفع العقوبات، أن لا يعمد الرئيس الذي سيليه إلى فعل ما فعله ترامب.

لكن في حالة إيران المنهكة اليوم اقتصادياً، لم يكن من بديل أمامها سوى عودة الإنخراط في مفاوضات، ولو غير مباشرة، مع أمريكا بهدف رفع العقوبات عنها. وحتى المرشح إبراهيم رئيسي يرى أن أولوياته ستكون في حال فوزه في الانتخابات، هي العمل من أجل رفع العقوبات.

ومن المهم الإشارة أيضاً إلى أن القرار الأخير في قضايا مصيرية من هذا النوع، تبقى في يد خامنئي نفسه، وليس في يد أيٍ من المسؤولين الآخرين. والمفاوضات الدائرة في فيينا اليوم، ما كانت لتقبل بها إيران، لو أن خامنئي رأى العكس. وبناء على هذا السياق، فإن المتعارف عليه في إيران أن الرؤساء سواء كانوا إصلاحيين أو متشددين، فإنه يتعين عليهم في نهاية المطاف العودة إلى خامنئي عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة.

هذا لا يعني أن المقاطعة المحتملة للانتخابات الرئاسية لا تؤرق النظام. ولهذا، أطلق خامنئي مناشدة حارة للإيرانيين للمشاركة، بينما تزداد على مواقع التواصل الاجتماعي الدعوات إلى المقاطعة.

ومن أجل حسم مبكر للأمور، جُعلت المنافسة بين المتشددين، وتجاهل خامنئي دعوة من روحاني كي يعيد النظر في قرار مجلس صيانة الدستور، لأنه الوحيد المخول كسر قرار المجلس. لكنه لم يفعل.

شاهد أيضاً

سوريا وروسيا.. الفرص الناشئة

بقلم: عبدالحميد توفيق- العينالشرق اليوم– تدرك موسكو أن سوريا تشكل أحد التحديات الاستراتيجية المهمة التي …