الرئيسية / مقالات رأي / لا لتصدير الخام ونعم لجني ثمار القيمة المضافة!!

لا لتصدير الخام ونعم لجني ثمار القيمة المضافة!!

بقلم: عيسى إبراهيم – صحيفة التغيير السودانية

الشرق اليوم- أعلنت الحكومة الانتقالية بقيادة رئيس وزرائها د. عبدالله حمدوك أنها بصدد تصدير منتجاتها كمنتج نهائي لتجني ثمار القيمة المضافة لمنتجاتها وهي بذلك تمهد لرفض تصدير منتجاتها في شكلها الأولي كمنتج خام، ولا شك أن هذه فكرة عظيمة ومبشرة، وحتى لا تكون الفكرة العظيمة بلا سيقان، نحاول في ما يلي – وعبر تجربة طويلة في مجال الانتاج الفردي مركوزة في الذاكرة – تقديم مقترحات لتكون للفكرة سيقان تجعلها تمشي بين الناس!!..

السودان إنتاج وفير وهدر غريب:

في الإقليم الغربي، دارفور وكردفان الغرا أم خيراً جوة وبرة وفرة في الانتاج: الصمغ العربي، الابل، البقر، الحصين المحسنة والمرغوبة، الضان، الماعز، السمسم، الذرة، الفول السوداني، البرتقال أبوصرة (جبل مرة – مناخ بحر أبيض متوسط) البطيخ. وأسعار متدنية، في الدمازين حتى سنار، منقة وفيرة، وترحيلات كسيحة، وبطيخ سنار، في الإقليم الشرقي، موز كسلا، والذرة المطري بالقضارف، وطماطم طوكر، وانعدام التسويق. وأسماك البحر الأحمر، والصدف، والغاز الطبيعي المغلق غصباً، في الشمالية – في زمن سابق – أقبل المزارعون على انشاء مزارع الموالح الليمون والبرتقال والقريب فروت وكانوا يلاقون بانتاجهم الباخرة كربكان والجلا ذهاباً إلى دنقلا واياباً إلى كريمة ويبيعون ما تيسر وحينما تغادر البواخر “يدلقون” ما هو مفروش على جوالاتهم حرصاً على الجوالات الأغلى سعراً من منتجاتهم، في الخرطوم بحري معهد علوم الأغذية التابع لكلية الزراعة – جامعة الخرطوم يمكن أن يساعد في استخلاص الأغذية المنتجة حفظا بشتى السبل العلمية، من ذلك التجفيف لليمون، والطماطم، وشرائح الفواكه، وأشير إلى تجربة التنمية الوسيطة بقيادة المرحوم محمد مجذوب والتي تحولت من حيث التسمية لـ “براكتكال آكشن”..

مدخل أول:

خطأ العالم الصناعي عبر تجارب طويلة جعلته يتجه نحو تكسير المصانع الكبيرة واستبدالها بوحدات صناعية صغيرة، حيث أصبح المصنع الأم يشرع في توصيل الخام المطلوب بمواصفات الجودة المطلوبة لصغار المنتجين الذين تم تمليكهم أدوات الانتاج اللازمة (تصنيع الصلصة مثلاً التي تحتاج إلى غلايات ومصافي واضافات حافظة وعلب تعبئة بأحجام مختلفة وكراتين تعبئة المنتج)، وتمر عربات المصنع لجمع المنتج من المصانع الصغيرة تمهيداً للاستهلاك المحلِّي أو التصدير، ويتم الشراء والمحاسبة الفورية لصغار المنتجين، لدينا فرصة كبيرة لانتاج الأعلاف المختلفة ولدينا كل المكونات المطلوبة وحولنا مربو الحيوانات المختلفة، دواجن وابقار وابل وضان وماعز!..

مدخل آخر مهم:

ظهرت معاصر الزيوت الصينية في السودان (بسعة طن وخمسة أطنان)، وكانت سبقتها معاصر الزيوت التقليدية (عصارة الجمل)، وقد تم تطويرها بأيدي سودانية لتعمل بالموتور بدلاً من الجمل، والعصارة التقليدية بالجمل أو الموتور شابها فصور صناعي تمثل في ترطيب الخام بالماء مباشرة مما يجعل المنتج ليس في كفاءة المنتج عبر الترطيب ببخار الماء، الأمر الذي جعل المنتج بالماء المباشر سريع العطب وأقل جودة..

المعاصر الصينية ومشكلة التسويق:

وصلت المعاصر الصينية المتكاملة (عصارة وسخان لتحويل الماء إلى بخار ماء لترطيب الخام وفلتر لتصفية المنتج)، ولما كانت المعصرة لصغار المنتجين؛ للافراد الراغبين، وكان سعر المعصرة الكاملة فوق مقدرة صغار المنتجين، شرع التجار في بيع العصارات مجزءة، المعصرة بلا سخان ولا فلتر، ولا تدريب كافي على التشغيل، من ما جعل التجربة تفشل..

السودان زاخر بالموارد وشعبه عملاق:

فلنبدأ بما لدينا من تكوينات سابقة لمؤسساتنا المعروفة؛ شركة الاقطان السودانية حيث يمكن أن تقوم مصانع اسرية صغيرة للغزول، ولدينا تجربة في تصنيع الأقمشة في شندي وأماكن أخرى وأذكر في طفولتي المترار وهو آلة بدائية لصناعة الغزول القطنية، ولدينا المصانع اليدوية للأقمشة، ولقد دخلت في عهد مايو مصانع للغزل والنسيج أعيدوها لسيرتها الأولى بعد أن بددتها أيدي فترة المخلوع والاسلامويين، ويمكن استيراد ما هو أكثر فعالية في هذا المجال من العالم الصناعي المتطور، تلي ذلك شركة الحبوب الزيتية، والسودان رائد في هذا المجال ولدينا السمسم والفول السوداني وبذرة القطن وفول الصويا وزهرة الشمس وغير ذلك لا يحصى ولا يعد (ومن العار أن يبلغ سعر رطل الزيت في بلادنا 400 جنيه)، فلنشرع في استيراد المعاصر الصغيرة والمنتجة، ولننتج الزيوت، وستنهض صناعة الأعلاف المختلفة على خام الامبازات ولدينا الذرة بأنواعها والسيوبر من المذابح الصناعية، شركة الماشية السودانية، كان لدينا قبل انفصال جنوبنا الحبيب 132 مليون راس من الابل والابقار والضان والماعز، ولا نحتاج الكثير من الجهد لاثبات أن هذا مجال حيوي ينهض بالسودان حين نجني ثمار القيمة المضافة من الجلود والقرون والضلافين، ونودع الى الأبد عملية تصدير الماشية الحية بتكاليفها العالية وعراقيلها المميتة، شركة الصمغ العربي ويكفي لأهميته العابرة للعقوبات أن أمريكا استثنته من عقوباتها على السودان أيام النظام البائد، وتقوم عليه عمليات الفرز والتصنيف والتصنيع المطلوب، هذا نزر يسير من امكانات هائلة تزخر بها البلاد، كل ذلك ولم نذكر الذهب وما أدراك ما الذهب ومافيا الذهب والتهريب، ويكفي أننا مزارعون ورعاة بنسبة 80% من هذا الشعب الكريم، على الانتقالية أن تفجِّر الطاقات وتجلب الصناعات وسنعبر يا حمدوك رغم كيد الفلول المسيئة لكل تاريخنا العظيم!..

كيف نتحول إلى شعب منتج ومصنِّع:

نملك مئتا مليون فدان صالحة للزراعة والرعي، وجلنا يمتهن النشاطين العظيمين، وبدأ التعليم في السودان منذ كلية غردون التذكارية في بداية القرن العشرين، وظهرت جامعة الخرطوم وخرجت الكثيرين في جميع التخصصات وبكفاءات مشهود لها بالتحصيل الممتاز، المهم لدينا الكفاءات والامكانات وعلينا التوظيف في اتجاه الانتاج والتصنيع، على دورنا العلمية والبحثية أن تعمل بجد في رفع الانتاج وتساهم في مكننة التصنيع المطلوب، وعلى مؤسساتنا الدبلوماسية أن تبحث في أماكن تمثيلها عن أدوات الانتاج الصالحة لمنتجاتنا بكفاءة واقتدار، وسيتهض السودان من “مكعبلاته” كما ينهض طائر الفينيق من رماد احتراقه!!..

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …