الرئيسية / مقالات رأي / فرصة تاريخية للسلام

فرصة تاريخية للسلام

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – هناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن القضية الفلسطينية عادت بقوة إلى دائرة الضوء، وتبدو هناك مقاربات جديدة لإحياء مسار المفاوضات لتحقيق سلام عادل وشامل يمكن البناء عليه، ويطوي عقودا من صراع مزمن عطل المنطقة وجعلها رهينة تجاذبات وحروب لا تنتهي، وما يدفع إلى التفاؤل بأن أمراً ما يتبلور هو هذا الحراك الدبلوماسي النشيط بين عواصم المنطقة الذي انخرطت فيه الولايات المتحدة على أكثر من صعيد منها جولة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل ورام الله والقاهرة وعمّان.

زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى الأردن ولقاؤه الملك عبد الله الثاني، تأتي في صلب هذا الحراك الخلاق، وتأكيداً للدور القومي الذي تلعبه الإمارات في خدمة القضايا العربية وفي صدارتها القضية الفلسطينية، ومن منطلق نهجها الداعم للتعايش والوئام وإيمانها بأن السلام هو ضمانة المستقبل الأفضل للمنطقة وشعوبها، فقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مسبقاً أن الإمارات على استعداد للعمل مع الفلسطينيين والإسرائيليين للحفاظ على التهدئة في غزة واستكشاف مسارات جديدة لخفض التصعيد وتحقيق السلام، كما أن الإمارات منخرطة في التعاون والتنسيق   مع الأردن ومصر والولايات المتحدة وكل القوى الخيّرة في العالم من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المشروعة على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، وبما يضمن الأمن لإسرائيل ضمن حل نهائي يقوم أساسا على مبدأ الدولتين. 

معالم المرحلة الجديدة بدأت تتضح من خلال الدعوات المتطابقة بين الفاعلين في المشهد على ضرورة استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فمن دون ذلك لن تعرف منطقتنا الاستقرار وسترث الأجيال اللاحقة ما تكبده الآباء والأجداد من معاناة وآلام، والسلام في الشرق الأوسط لن يكون ما لم تعترف إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني، وتتوقف عن التوسع الاستيطاني، وتحترم الوضع التاريخي والقانوني للقدس الشرقية المحتلة ودرّتها المسجد الأقصى المبارك. 

وقد كانت الأحداث الأخيرة، بكل ما عرفته من جرائم وتجاوزات وما طرحته من أسئلة عن المستقبل، مدعاة للتدبر والتفكير في هذا الوضع، ومن ثم التحرك العملي الصادق لتغيير هذه الوضع وبناء معادلة جديدة تقوم على الدفاع عن قيم السلام وثوابت الاستقرار الإقليمي.

من الواضح أن الأيام المقبلة حبلى بالتطورات الإيجابية على هذا الصعيد، ومن الواضح أيضا أن كل هذه التحركات الدبلوماسية والمشاورات الماراثونية والعمل المشترك ستسفر عن نتيجة، ويمكن للدور المصري بما يحوزه من ثقل سياسي فعال أن يساعد بقوة على بلوغ الأهداف المرجوة، ولكن قبل ذلك وبعده يجب على الفلسطينيين توحيد مواقفهم وتثبيت مرجعية وحيدة تتعامل مع الحراك الدبلوماسي وتخاطب المجتمع الدولي بلغة واقعية تأخذ في الحسبان كل التغيرات. أما الجانب الإسرائيلي فعليه أن يفهم ويستوعب أن الاعتماد على القوة والبطش لن يحقق السلام، بل يجب عليه التفاعل مع الواقع الإقليمي واعتبار هذه اللحظة فرصة تاريخية للسلام قد لا تتكرر أبداً.

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …