الرئيسية / عام / إثيوبيا تتخبط داخليا وإقليميا

إثيوبيا تتخبط داخليا وإقليميا

بقلم: جويس كرم – الحرة

الشرق اليوم- تخوض إثيوبيا تحديات هي الأصعب منذ انتهاء الحرب الأهلية في 1991، وتهدد في حال عدم إيجاد حلول دبلوماسية لها في إعادة فتح مواجهات دموية تهز منطقة القرن الأفريقي.

بين النزاع في تيغراي وتظاهرات أورومو وأزمة سد النهضة، يجد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، نفسه في موقع شديد الحساسية داخليا وكثير التعقيدات خارجيا، ويستدعي من أديس أبابا قرارات حاسمة قبل هدر نجاحات الأعوام الفائتة.

النزاع في تيغراي هو الامتحان الأصعب أمام إثيوبيا بسبب العوامل الإثنية والإنسانية التي تحيط الأزمة، والتي قد تشعل فتيل حرب في البلاد. أرقام الأمم المتحدة تشير إلى أن 5.2 مليون من أصل ستة مليون في تيغراي هم اليوم بحاجة ماسة للمساعدات فيما ما يقارب الاثنين مليون هجروا بيوتهم أمام تقارير العنف الجنسي والمجازر وقطع الإمدادات الإنسانية.

مشكلة التيغراي تتخطى إطار “تطبيق القانون” التي توعد بها آبي، حين بدأ الحملة العسكرية في الإقليم في نوفمبر الفائت. فهي حول مجموعة إثنية وعرقية تشكل 6.1 في المئة من سكان البلاد وكانت تحظى بامتيازات ومواقع هامة  فيما جرى تهميشها بشكل تدريجي وباتت تشعر اليوم بأن وجودها العرقي والإثني هو مهدد.

حرب آبي في تيغراي كانت خطأ منذ لحظة إعلانها، إنما طلب المساعدة من القوات الإريترية تشكل إجحافا سياسيا بحق جميع الإثيوبيين.  فهذه القوات وكونها لا تحارب على أرضها، ولها ثأر طويل مع سكان الإقليم، قامت بفظائع بحسب منظمات حقوق الإنسان، أكبر بكثير من باقي الفصائل.

اليوم يبدو آبي عاجزا عن إعادة القوات الإرترية إلى بلادها وهو وعد بذلك منذ مارس الفائت. كما يبدو رئيس الوزراء الإثيوبي عاجزا عن إرساء مصالحة داخلية لحل الأزمة. لا بل، وكأنه أشبه ببعض الزعماء العرب حاليا وقديما، يمضي بسياسة البطش والتحدي باستكمال العمليات العسكرية وإجراء انتخابات في 21 يونيو ستزيد الانقسام والتشرذم بين المجموعات الإثنية في إثيوبيا.

فاندلاع مظاهرات الأورمو في الإقليم المجاور لتيغراي لا يوحي بحلول قريبة ويعكس قصر نظر آبي باعتقاده أن هناك حلول عسكرية لأزمات هي في العمق سياسية واثنية في البلاد.

نهج التحدي نفسه يمارسه آبي مع مصر والسودان في أزمة سد النهضة والذي تستعد إثيوبيا لملئه مرة ثانية، والذي قد يؤجج نزاعا أكبر مع الجوار. لا جدل أن السد هو في الأراضي الاثيوبية إنما رعاية مصالح الجوار والسلام الإقليمي والاتفاقيات التاريخية هو أهم من استخدام مسألة السد لحشد الدعم الانتخابي. آبي الذي حاز على جائزة نوبل للسلام في 2019 أجج نزاعات غير قادر على اطفائها منذ ذلك الوقت.

تراكم أزمات آبي وتعنته بدأ يؤذي إثيوبيا دوليا بين عقوبات فرضتها واشنطن تتعلق بتيغراي، وتنسيق أوروبي-أميركي للحد من الأزمة الإنسانية هناك. أما مشاكله مع كل من السودان ومصر فكانت لها ردة فعل عكسية بتقريب هؤلاء من واشنطن، بعد اتصالين من الرئيس جو بايدن لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وتحسن كبير في علاقة واشنطن بالخرطوم.

آبي أحمد يواجه أكبر أزمة في حكمه اليوم ويقف على منعطف حاسم بين الذهاب بخيارات دبلوماسية تنقذ إثيوبيا أو الاستمرار بالنهج الحالي، وإشعال أزمات إثنية وإقليمية قد تعيد أديس ابابا إلى مرحلة الحرب الأهلية.

شاهد أيضاً

الشباب السعودي يحسم بشكلٍ نهائي صفقة راكيتيتش

الشرق اليوم– أكد فابريزيو رومانو الصحفي الإيطالي الشهير المختص بأخبار انتقالات اللاعبين على حسم نادي …