الرئيسية / مقالات رأي / البشرية.. هل تحمي نفسها من السلاح النووي؟

البشرية.. هل تحمي نفسها من السلاح النووي؟

بقلم: د. عبدالله جمعة الحاج – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – مر وقت طويل الآن على اختراع الأسلحة النووية واستخدامها الفعلي لمرة واحدة فقط في التاريخ البشري، لكن ما هي ردود الأفعال التي نتجت عن ذلك وقتها؟

نحن حقيقة أجيال لم تشهد تلك الفترات العصيبة من تاريخ العالم، لكن ربما يمكن لنا تخيل المشاعر المضطربة من الرعب الشديد والذهول والارتباك والحيرة التي أصابت البشرية، لكن مع ظهور الحقائق بالتدريج، فإن العالم الغربي والمواطن الغربي بالذات تولد لديه شعور غامر بالارتياح منبعه أن النازية في ألمانيا فشلت في مسعاها لتطوير السلاح النووي قبل الحلفاء وإلا لاستخدمته ضدهم – أو هكذا على الأقل قامت وسائل الإعلام في الولايات المتحدة ودول أوروبا بإيصال الفكرة ومبرراتها إلى شعوبها.

وكان قد تواجد ارتياح أيضاً بأن الحرب في طريقها إلى نهايتها بعد ذلك التفجير الضخم الذي دمر اثنتين من كبريات مدن اليابان عن بكرة أبيهما، في الشرق الأقصى على الأقل.

لكن كلما أمعنت البشرية في التفكير حول ما حدث اتضح أمام أعينها بشكل جلي أن اختراع هذا السلاح المرعب أدى إلى تغير جذري في طبيعة الحرب ذاتها، فهو سلاح أكثر إبادة للحياة بجميع مكوناتها ومعطياتها من بشر وحجر وزرع وضرع وماء وهواء، وأكثر حسماً وقطعية من اختراع البارود والسلاح الناري أو تطوير الطائرة، لأنه وضع في يد الإنسان قوة تدميرية لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر حازه من ذي قبل.

لقد وجدت البشرية نفسها فجأة وهي تواجه ما بدا- بأنه في وقتها- خيار لا مناص منه، وهو إما أن تضع نهاية للحرب بشكل جبري مرة واحدة وإلى الأبد، أو أنه يجب عليها أن تدمر الحضارة الإنسانية عن بكرة أبيها، لو استمرت في خوضها.

لكن مع مرور الوقت، فإن هذه المعادلة السهلة تم نسيانها بشكل واسع، وأخذ العالم في الانجرار مرة أخرى إلى عادة البشر القديمة من الحديث عن الحرب القادمة والإجراءات التي يجب اتخاذها لخوضها وكسبها بشكل مؤكد، وكأنه من الممكن للإنسان أن يكون فرحاً بالمآسي التي تخلفها مخرجات الحروب.

وعليه فما هي الفرص المتاحة أمام البشر للنجاة من حرب نووية قادمة، وحفظ كل ما هو عزيز عليهم بما في ذلك الكرة الأرضية والحضارة الإنسانية القائمة عليها؟ بالتأكيد أنه في ظل تسابق الدول على امتلاك الأسلحة النووية تظل هذه الفرص ضئيلة، لكن لنعود إلى الوراء قليلاً، فبالتأكيد أنه في الأيام التي تلت ضرب هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين قليل من البشر بدوا أنهم في شك لما يمكن أن تكون عليه إجابة السؤال المطروح، لكن ربما يكون من المناسب أن نتذكر بأن العالم أجمع قد توصل إلى نتيجة مفادها أنهم لا حول ولا قوة أمام حماية أنفسهم من القنابل الذرية.

إن الكثير من الانطباعات تطفو على السطح للوهلة الأولى، فكيف تبدو المسألة الآن وقد مر وقت طويل والعديد من المعلومات توفرت لكي تمكن الإنسان العادي من تقييمها بشكل دقيق، وبأن التداعيات السلبية للأسلحة النووية أكثر من فوائدها وفي المطلق؟

لذلك دعونا نأخذ في الاعتبار ما هو معروف حتى الآن عن قوتها التدميرية مقاس ليس بلغة النظريات العلمية، ولكن بما فعلته من دمار فعلي عندما استخدمت. بالنسبة للعلماء الذين اخترعوا القنبلة الذرية وفجروها في تجاربهم الأولى كانت المسألة من وجهة نظرهم «إنجازاً علمياً رهيباً». بالنسبة للبشر من سكان اليابان التي ضُربت بالقنابل كانت حقيقة قاتلة ومدمرة إلى أقصى حد ممكن، ولم يسبق لذلك مثيل في التاريخ البشري، وربما أن الأجيال التي تعيش منهم لا تزال تعاني من تلك الآثار المدمرة إلى هذه اللحظة، فهل البشرية مستعدة لتلقي ضربة أخرى من نفس النوع؟

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …