الرئيسية / مقالات رأي / Washington Post: ما بعد ميركل.. كيف ستكون ألمانيا؟

Washington Post: ما بعد ميركل.. كيف ستكون ألمانيا؟

الشرق اليوم- عندما تتنحى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد انتخابات سبتمبر المقبل، وبعد أن أمضت 16 عاماً في السلطة، فلن يكون إرثها فقط هو الذي على المحك. ستخضع قيادة ألمانيا لأوروبا للتدقيق. فعلى مدى أربع ولايات ترأست فيها حكومات ائتلافية رائدة، كانت ميركل تدافع عن الاعتدال وعن رؤية عالمية، لكنها تعرضت لهجوم من القوميين في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن انتقاد تعاملها مع «كوفيد-19»، ومقاومة القادة الإقليميين لسياسات الإغلاق الخاصة بها، والصراع غير اللائق داخل تحالفها المحافظ على من يخلفها.. يجعل من غير المؤكد أنهم سيبقون في الحكومة.1. كيف تغير المشهد السياسي؟ في حين أن كتلة ميركل لا تزال تتقدم في استطلاعات الرأي، فقد تراجعت بنحو 10% من بداية فبراير حتى منتصف أبريل، بينما اقترب منها حزب الخضر الذي احتل المركز الثاني. لذا فإن الانتخابات الألمانية ستكون أكثر الانتخابات التي لا يمكن التنبؤ بها منذ عقود، مع احتمال تشكيل العديد من الائتلافات المختلفة بعد انتخابات 26 سبتمبر. 2. من هو مرشح حزب ميركل لخلافتها؟ كان «آرمين لاشيت» (60 عاماً) الذي يدير ولاية شمال الراين-وستفاليا ويشبه ميركل في السياسة والأسلوب، في مركز الصدارة بعد فوزه بقيادة «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» الذي تتزعمه ميركل في 16 يناير الماضي. وبينما كان من الطبيعي أن يصبح مرشح الكتلة المحافظة للانتخابات، فإنه يواجه الآن تحدياً قوياً من «ماركوس زودر» (54 عاماً) زعيم «الحزب الاجتماعي المسيحي»، وهو الحزب الشقيق لـ«الاتحاد المسيحي الديمقراطي» في بافاريا، والذي يتمتع بشعبية أكبر. واصطدم «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» بأسوأ نتائج يحصل عليها في حقبة ما بعد الحرب في انتخابات الولايات في «بادن فورتمبيرج» و«راينلاند بالاتينات» في 14 مارس الماضي. وقد مهّد ذلك الطريقَ أمام زودر لإعلان ترشحه في 11 أبريل بعد أشهر من المناورات، قائلاً إنه من المهم الحصول على دعم واسع بين أعضاء الحزب والجمهور. 3. ماذا يحدث الآن؟ ردت اللجنة القيادية في «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» على تحدي «زودر» بالتعبير عن دعمها لـ«لاشيت» في برلين في 12 أبريل، وأعقب ذلك في غضون ساعات إعلان الحزب الاجتماعي المسيحي دعمه لزودر. وقد يتسبب هذا الانقسام بنشوب صراع يؤدي إلى خلاف داخل التحالف الذي دعم الاستقرار السياسي الألماني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد تساعد الكتلة البرلمانية المشتركة للحزبين، المكونة من 245 عضواً، في تسوية القضية، حيث قال زودر إنه من المحتمل أن يصدر قرار هذا الأسبوع، بينما ذكر لاشيت أن الجميع يريدون حلاً سريعاً. 4. ماذا عن المعارضة؟ من المقرر أن يعلن الخضر، الذين تحولوا إلى التيار الرئيسي تحت قيادة القائدين المشاركين «روبرت هابيك» و«أنالينا بربوك»، أي الاثنين سيكون مرشحاً لمنصب المستشار في 19 أبريل. لم يسبق لهذين الزعيمين أبداً قيادة حكومة وطنية، لكنهما كانا شركاء في الائتلاف مع الديمقراطيين الاجتماعيين بين عامي 1998 و2005، وأدارا ولاية «بادن فورتمبيرج» لمدة عشر سنوات تقريباً، ومن المحتمل أن يكونا من ذوي السلطة والنفوذ، وإما أن يشكلا أغلبية مع «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» و«الحزب الاجتماعي المسيحي»، أو أن يقودا تحالفاً ثلاثياً مع «الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني» و«الحزب اليساري» أو «الديمقراطيين الأحرار الليبراليين». لقد تضرر الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، المنافس الرئيسي للاتحاد الديمقراطي المسيحي، من التحالفات مع ميركل ويمكن أن يدعم حزب الخضر إذا كان أداء الأحزاب جيداً. سيحتاج مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، وهو وزير المالية «أولاف شولتز»، لأن يتجاوز حزبه حزب الخضر وربما ضمان دعم اليسار ليصبح مستشاراً. 5. ما الذي أظهرته استطلاعات الرأي؟ وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة «إنسا» لصحيفة «بيلد» في 12 أبريل، تراجع التأييد لكتلة ميركل، التي قفزت إلى 38.5% في ربيع 2020، إلى 27.5%. واحتل حزب الخضر المرتبة الثانية بنسبة 20.5%، بينما احتل الاشتراكيون الديمقراطيون، الشركاء الأصغر في حكومة ميركل، المرتبة الثالثة بنسبة 17%. وأظهر استطلاع للرأي أُجري في 12 أبريل لصالح محطة «آر تي إل»، أن 36% قالوا إنهم سيدعمون «زودر» لتولي منصب المستشار. أما «هابيك» فحصل على تأييد بنسبة 11%، وحصل كل من بربوك وشولتز على 10% وحصل لاشيت على 3% فقط. 6. ما هي التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة؟ – محاربة الوباء: سيكون التغلب على فيروس كورونا والإشراف على التعافي الاقتصادي الألماني على رأس الأولويات. كما سيحتاج مَن يأتي بعد ميركل إلى تعزيز ثقة الألمان في قدرة الاتحاد الأوروبي على الإنجاز، بعد اتهامات متبادلة بشأن مسؤوليته عن تأخير طرح اللقاح. – توجيه الاتحاد الأوروبي: يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لملء الفراغ القيادي الذي تركته ميركل. لذا، سيحتاج خليفتها إلى مواجهة الخلافات حول المعايير الديمقراطية في بولندا والمجر وارتفاع الديون في جنوب أوروبا، لا سيما في إيطاليا، مع تعزيز الرسالة التي مفادها أن اتّباع مثال المملكة المتحدة وترك الاتحاد الأوروبي ليس حلاً. – إعادة الاتصال بالولايات المتحدة: ألمانيا هي أكبر وأغنى حليف لأميركا في أوروبا، لكنها تعرضت لانتقادات شديدة خلال رئاسة دونالد ترامب. وستتاح لجو بايدن الفرصة لإصلاح العلاقة مع المستشار الألماني المقبل. – إدارة العلاقات مع روسيا والصين: أبقت ألمانيا القنوات الدبلوماسية مفتوحةً لموسكو وبكين، في وقت كانت فيه دول حليفة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أكثر تصادماً. – تعزيز حلف الناتو: قال ماكرون إن الحلف كان يخضع لـ«الموت الدماغي» في عام 2019، وألمانيا لديها دور محوري تلعبه في منحه إحساساً بوضوح الطريق والتأكد من تمويله بشكل كافٍ. – التعامل مع تركيا: قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتمديد تواجد بلاده الإقليمي وزعم أحقيته في مصالح تتعلق بالطاقة والأراضي في البحر المتوسط وبحر إيجة، مما أدى إلى تصعيد التوترات مع اليونان وقبرص. 7. ماذا يعني ذلك بالنسبة لأوروبا؟ خلال رئاسة ألمانيا للاتحاد الأوروبي في عام 2020، ساعدت ميركل في التوسط لإبرام صفقة بشأن صندوق الإغاثة من الأوبئة التابع للاتحاد، والذي وضع حجر الأساس للديون المدعومة بشكل مشترك. في عهد ميركل، تسبب الانضباط المالي لألمانيا في نشوب نزاع مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، لا سيما اليونان، خلال الأزمة المالية، لكن هذا كان بهدف وضع مثال يحتذى به. وبينما أزيلت هذه القيود أثناء الوباء، لا تزال ميركل ترى ألمانيا نموذجاً يحتذى به. وسيكون حجم الإنفاق على الديون الذي تحتاجه ألمانيا لتعويض الفيروس موضوعاً رئيسياً للحملة. 8. ما هو حجم قضية الهجرة؟ نشأت الكثير من المشاكل التي واجهتها ميركل مؤخراً نتيجة لقرارها عدم إغلاق الحدود الألمانية أمام مئات الآلاف من اللاجئين في عامي 2015 و2016. وفي الانتخابات الفيدرالية لعام 2017، حصلت كتلتها على أقل حصة من الأصوات منذ عام 1949. وحصل حزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للهجرة على 12.6% من الأصوات، مما يجعله أول حزب يميني متطرف منذ عام 1953 يفوز بمقاعد في مجلس النواب (البوندستاج). ومنذ ذلك الحين، دفع الوباء الهجرة لتحتل مركزاً متأخراً على جدول الأعمال، وشهد «حزب البديل من أجل ألمانيا» انحساراً في دعمه. 9. ماذا عن تغير المناخ؟ خططت ميركل لخروج ألمانيا من الطاقة النووية بعد كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان عام 2011، ولا يزال هناك دعم قوي في ألمانيا للعمل البيئي. ومع سعي الاتحاد الأوروبي لحشد الزخم لدعم الصفقة الخضراء الخاصة به، هناك عناصر للتحول في البنية التحتية للطاقة في ألمانيا والنموذج الصناعي الذي تشغله.

نقلاً عن الاتحاد الإمارتية

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …