الرئيسية / مقالات رأي / مبادئ القانون الدولي العام

مبادئ القانون الدولي العام

بقلم: أيمن سلامة – سكاي نيوز

الشرق اليوم- تعد مبادئ القانون الدولي أحد أهم الصفات الخاصة بذلك القانون، وبالتالي نجد أن هذه المبادئ العامة للقانون الدولي تعكس الخصائص الوصفية من جهة، ومن جهة أخرى تعكس ما يفسر ملكيتها القوة الحقوقية الأكبر، فضلا عن أن هذه المبادئ تمتلك قوه أساسية أدبية وسياسية، بالنظر لكون هذه المبادئ تؤطر العلاقات الدولية بين الدول والمنظمات الدولية أيضا.

وصار الواقع الدبلوماسي ذاته يدمغ مبادئ القانون الدولي بمبادئ العلاقات الدولية.

تأسيسا على ذلك، نجد أن الواقع الدولي الحديث يصور أي خطوة اعتبارية باتجاه اتخاذ قرارات سياسية يمكنها أن تكون مقبولة ومرحبا بها دوليا إذا ما كانت هذه القرارات مرتكزة على المبادئ الأساسية للقانون الدولي، والشاهد على ذلك أن القانون الدولي يعتمد بكامله على المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وهذا الأمر يعتبر أيضا حقيقة راسخة تؤكدها الحياة العملية الدولية.

وبالتالي فإن وجود المبادئ الأساسية للقانون الدولي وفقا لشرط تاريخي يعتبر أمرا ضروريا، من أجل القيام بتوظيف منظومة العلاقات الدولية والقانون الدولي في آن واحد، ومن جهة أخرى، فإن وجود المبادئ الأساسية وعملها يعتبر ضروريا كتلك الظروف التاريخية، وقد أصبح من المؤكد أن مجموعة المبادئ الأساسية للقانون الدولي تعكس الاهتمامات القصوى للدول وللمجتمع الدولي بأسره.

ويعتبر ظهور هذه المبادئ أيضا أمرا مشروطا بمصالح منظومة القانون الدولي بحد ذاتها، وذلك بغرض قيام الاستمرارية الضرورية للتنسيق نحو تشريع أكبر بقدر الإمكان نحو تأسيس مختلف أشكال القواعد الضرورية للقانون الدولي، ولتأمين وحدة منظومة القانون الدولي، وكما هو ثابت فإن وجود أشكال مختلفة من المبادئ في ظل القانون الدولي يعتبر أمرا معلوما وبأشكال مختلفة، بحيث نلاحظ أحد أشكال المبادئ المسمى بمبادئ الأفكار، ويمارس هذا النوع من المبادئ مكانة مهمة ضمن وسط مجموعة المبادئ الأخرى في منظومة القانون الدولي والعلاقات الدولية، ويمكننا أن نذكر بعضا منها مثل: أفكار السلام ، والتعاون، والإنسانية، و الديمقراطية.. إلخ.

ويمكننا أن نجد انعكاسا لهذه الأفكار في مواثيق دولية مختلفة مثل ميثاق منظمة الأمم المتحدة، والعهد الخاص بحقوق الإنسان، فضلا عن مواثيق دولية كثيرة أخرى، وبالتالي فإن حجم الفعل التنظيمي لمبادئ الأفكار هذه يعتبر حجما كبيرا يتم إنجازه من خلال العمل التنفيذي لقواعد محددة بشكل تقوم فيه هذه القواعد المحددة بالتعبير عن هذا النوع من المبادئ، وتعكسهم في مضمونها وتصورهم في المنحى الذي يكونوا فيه نافذين.

لا مرية أن السياسة الوطنية الدولية والعالمية أيضا لا يمكنها أن تقوم من دون أفكار مثالية مستوحاة من الفكر السياسي لبعض الفلاسفة الإغريق، مثل أفلاطون وسقراط وغيرهم، أو من النصوص العظيمة للكتب المقدسة من التوراة والإنجيل والقرآن وغيرها عبر مسيرة التاريخ الطويلة، وذلك بهدف إنشاء منظومة أهداف مثالية مستندة إلى قاعدة المصادر الأفضل للإنسانية جمعاء.

يمكن أن نلاحظ أيضا أن ذكر المبادئ الأساسية وتعدادها قد بدأ بشكل غير موحد، لكن ورغم هذا فإننا نجد تطابقا في المواثيق الأكثر أهمية التي تحمل الطابع العالمي “العام”، فعلى سبيل المثال، نجد أن ميثاق منظمة الأمم المتحدة والوثيقة الصادرة عن الجمعية العمومية التي تهدف إلى تطوير الحالة التي وردت فيها بخصوص المبادئ الأساسية القانون الدولي، التي تتطرق إلى علاقة الصداقة والتعاون بين الدول وبما يتناسب مع ميثاق الأمم المتحدة عام 1970، فنجد أن هذه الوثيقة تسرد هذه المبادئ التالية: عدم استخدام القوة والتهديد، حل المنازعات بالطرق السلمية، المساواة وحق تقرير الشعوب، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، التعاون الدولي، حسن النية والنزاهة بتنفيذ التزاماته وفقا للقانون الدولي، المساواة في سيادة الدول.

أيضا، نجد البيان الختامي المشترك لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا في عام 1975، أضاف إلى وثيقة المبادئ الأساسية الصادرة عن الأمم المتحدة، 3 مبادئ جديدة هي حرمة الحدود والسلامة الإقليمية واحترام حقوق الإنسان، ومن الواضح أن المبدأين الثاني والثالث من هذه الوثيقة لم يكونا مستقلين في وثيقة منظمة الأمم المتحدة في عام 1970، لكن تم التعبير عنهما من خلال مضمون مبادئ أخرى.

تضطلع مجموعة المبادئ بتنفيذ وظائف مهمة، ولعل من أهمها تحديد العلاقات الأساسية بين مختلف الدول، كما تعمل من جهة أخرى على ترسيخ الحقوق والالتزامات الأساسية للدول.

وكما هو واضح فإن مجموعة المبادئ التي تقوم أيضا بعملية التعبير للمحافظة على مجموعة القيم الإنسانية وبالأخص تلك التي تعتبر من القيم الأهم مثل السلام والتعاون وحقوق الإنسان، ويمكننا أن نعتبر أن هذه المبادئ قائمة على خدمة الأسس الموحدة الموجهة لتوظيف وتطوير القانون الدولي.

وتعد مبادئ القانون الدولي الدعامة الأساسية والأهم للاستقرار الدولي لأنها تقوم على تحديد مظهره الشرعي والسياسي، وبالتالي فيمكن أن نعتبر أن مجموعة المبادئ هذه تشكل المادة النقية القانونية الدولية أو الشرعية الدولية.

من المؤكد أن مجموعة مبادئ القانون الدولي تتموضع في موقع مركزي لمنظومة القانون الدولي، إذ تمارس أيضا عملية التنظيم والمعالجة العامة، ذلك في حال ظهور أشخاص جدد للقانون الدولي أو عند ظهور سياقات جديدة للتعاون، وبالتالي فإن ظهور دولة جديدة يعتبر أمرا مرتبطا مع مجموعة مبادئ أخرى من القانون الدولي التي من شأنها معالجة مثل تلك الحالات الطارئة.

شاهد أيضاً

هل تنجح طهران خارج محور المقاومة؟

بقلم: عادل بن حمزة- النهار العربيالشرق اليوم– دخلت منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديداً من التصعيد …