الرئيسية / مقالات رأي / Geopolitical Futures: «القاعدة» ومستنقع الحرب الأفغانية

Geopolitical Futures: «القاعدة» ومستنقع الحرب الأفغانية

الشرق اليوم – يجب ألا ينسى أحد أن هجوم 11 سبتمبر حصل في معظمه داخل الولايات المتحدة، فالإرهاب العابر للأوطان يتجاوز حدود الدول، ولن تتمكن الولايات المتحدة من كبحه بكل بساطة حتى لو كانت أفغانستان معقلاً له.
أقدمت الولايات المتحدة على غزو أفغانستان منذ عشرين سنة، بعد هجوم 11 سبتمبر 2001 بوقتٍ قصير، وبحلول 2008، دعا الرئيس باراك أوباما إلى فصل الولايات المتحدة عما يُعرَف باسم “الحروب الأبدية”، ثم أطلق خلفه دونالد ترامب وعداً مماثلاً لكنه فشل في تحقيقه أيضاً، وفي الفترة الأخيرة، أعلن الرئيس جو بايدن بدوره انسحاب القوات الأميركية هذه المرة في ذكرى هجوم 11 سبتمبر.
لا يمكن مناقشة الحرب في أفغانستان من دون التطرق إلى تنظيم “القاعدة” الإسلامي الذي قاده سابقاً أسامة بن لادن، ابن رجل يمني ثري جداً كان قد نقل عائلته إلى المملكة العربية السعودية، فأراد بن لادن تجديد الخلافة الإسلامية، ولتحقيق هذه الغاية، أطلق هجوماً ضد الولايات المتحدة، ما أسفر عن سقوط عدد هائل من الضحايا وهز العالم أجمع، فإذا كانت الولايات المتحدة معرّضة للهجوم، فذلك يعني أنها ضعيفة، وإذا امتنعت واشنطن عن الرد، سيكون تصرفها إثباتاً على ضعفها أو جُبنها، برأي بن لادن، كان يمكن تحقيق الهدف نفسه في الحالتَين: الوحدة الإسلامية.
كان الهدف النهائي من الغزو الأميركي يتعلق بتدمير قيادة “القاعدة”، حتى أن “الغزو” قد لا يكون المصطلح المناسب في هذه الحالة، فلم يحصل أي غزو مُخطّط له لأن تنفيذ هذا النوع من العمليات مستحيل خلال ثلاثين يوماً، ونُفّذت العملية الأولية على يد عملاء ينتمون إلى وكالة الاستخبارات المركزية ولديهم معارف في أفغانستان، بالإضافة إلى فِرَق العمليات الخاصة التي نفذت جميع الاعتداءات ضد “القاعدة”، فكان الاحتلال وتغيير النظام أحداثاً عرضية.
كانت العملية الأولى مبهرة من حيث الأهداف التي حققتها، وربما فشلت في إلقاء القبض على العدو، لكنها أفسدت توازنه بما يكفي كي تكسب الوقت وتسمح للاستخبارات الأميركية بتكوين فكرة واضحة عن الوضع ومتابعة مضايقة التنظيم ومنع أي اعتداءات إضافية ضد الأراضي الأميركية، ثم ارتكب الأميركيون أكبر خطأ في عملياتهم العسكرية، فقرروا توسيع التدخّل بما يتجاوز هدفه الأصلي، فقبل ظهور “القاعدة” في أفغانستان، كانت الولايات المتحدة تستطيع تحمّل المُلا عمر ولم تكن تهتم كثيراً ببلده. ظنّت الولايات المتحدة أنها ستنسحب ثم تطارد عناصر “القاعدة” الهاربين في أي مكان من العالم، لكن لم يحصل ذلك، ومن بين جميع الدول التي يمكن أن تتجه إليها “القاعدة”، اعتُبِرت أفغانستان مهمة على نحو استثنائي لدرجة أن تتطلب نشر قوة متعددة الأقسام لإعادة إرساء الهدوء هناك، لكنّ هذه الفكرة خاطئة، فلم تكن القوة الأميركية كبيرة أو مناسبة بما يكفي يوماً كي تحتلّ أفغانستان التي كانت قد هزمت السوفيات والبريطانيين، وقد رفضت حركة “طالبان” المشاركة في قتال مباشر، فانسحبت وتفرّقت قبل أن تعيد حشد صفوفها، ثم حارب عناصرها الولايات المتحدة إلى أن أوصلوها إلى طريق مسدود، فإذا انسحب الأميركيون، سيتركون أفغانستان في قبضة “طالبان”، وهو وضع مشابه لما كان سيحصل في ديسمبر 2001.
وفق المعسكر الذي يعارض الانسحاب، يمكن استعمال أفغانستان كقاعدة لشن اعتداءات إرهابية، فهذه الفكرة صحيحة، لكن يجب ألا ينسى أحد أن هجوم 11 سبتمبر حصل في معظمه داخل الولايات المتحدة، فالإرهاب العابر للأوطان يتجاوز حدود الدول، ولن تتمكن الولايات المتحدة من كبحه بكل بساطة حتى لو كانت أفغانستان معقلاً له.
توصّل أوباما وترامب وبايدن إلى الاستنتاج نفسه، إذ يخلط منتقدوهم دوماً بين الرغبات المنشودة والأهداف القابلة للتنفيذ ويعتبرون أفغانستان مصدر خطر فريد من نوعه، لكنّ الواقع مختلف، إذ يجب أن يتذكر الجميع حقيقة ما حصل لفهم المنطق الذي أطلق حرباً تحمل هدفاً لا أحد يستطيع تحقيقه، ولا حتى الإسكندر الأكبر حين كان في ذروة قوته، فقد يكون عزل أفغانستان ممكناً، لكن لا يمكن فرض إرادة الآخرين عليها.
ترجمة: الجريدة

شاهد أيضاً

روسيا التي لا تساند أحداً… علاقة غير عادلة مع إيران

بقلم: يوسف بدر – النهار العربي الشرق اليوم– في مقالته في صحيفة “وول ستريت جورنال” …