الرئيسية / مقالات رأي / الفرار من أفغانستان

الفرار من أفغانستان

افتتاحية صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – الانسحاب الأمريكي و«الأطلسي» من أفغانستان بعد عشرين عاماً على غزوها، لم يكن قراراً اختيارياً؛ بل هو قرار فرضته مسيرة الحرب الفاشلة في هذا البلد، وعدم قدرة القوات الأمريكية والحليفة على تحقيق نصر كانت تأمله.
ودفعت الولايات المتحدة في هذه الحرب ثمناً باهظاً جداً، بشرياً ومادياً، من دون جدوى؛ لذلك كان قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الانسحاب من أفغانستان والتمهيد له بالاتفاق مع حركة “طالبان” خلال مفاوضات مباشرة في الدوحة في فبراير / شباط 2020، ومن ثم قرار الرئيس الحالي، جو بايدن، بتحديد الأول من مايو / أيار المقبل موعداً للانسحاب، على أن يستكمل في 11 سبتمبر / أيلول في الذكرى العشرين لهجمات نيويورك وواشنطن.
وتعد هذه الحرب أطول حروب أمريكا في التاريخ وأكثرها استنزافاً للموارد البشرية والمادية التي كلفتها أكثر من تريليون دولار، وأكثر من 3200 قتيل، ونحو 21 ألف جريح، في حين خسرت قوات الأمن الأفغانية نحو 50 ألف جندي وآلاف الجرحى، أما عدد القتلى والجرحى من المدنيين فحدّث ولا حرج؛ لأنه لا توجد هناك أرقام رسمية.
اللافت أن الانسحاب يتم من دون شروط، وهو ما يعني الفرار من ساحة الحرب أمام “طالبان”، وهذا الأمر يعتبر في الحسابات الاستراتيجية هزيمة عسكرية ستوفر لطالبان القدرة على تحديد مستقبل أفغانستان، وهو ما يضع الحكومة الأفغانية برئاسة أشرف غني، أمام وضع خطر، قد لا تتمكن من الصمود طويلاً أمامه.
وقال الرئيس الأمريكي بايدن: «الوقت قد حان لوضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها». إنه انسحاب بلا قيود أو شروط؛ لأن أية شروط للانسحاب سترفضها “طالبان”، وهذا يعني أن القوات الأمريكية ستبقى للأبد، وهو خيار ليس وارداً لدى القيادات الأمريكية السياسية والعسكرية.
لكن ماذا بعد الانسحاب؟
هناك خشية من انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية طويلة، كما أن الانسحاب سيترك الرئيس الأفغاني وحكومته تحت رحمة طالبان، والجيش الأفغاني ليس بمقدوره الصمود طويلاً في مواجهة الحركة، فهو يعتمد بشكل مباشر على دعم القوات الأمريكية و«الأطلسية» في معظم عملياته، إضافة إلى تمويله. ووفق تقرير للمخابرات الأمريكية، فإن الحكومة الأفغانية «ستكافح» للوقوف على قدميها في مواجهة طالبان «الواثقة بنفسها وبقدرتها على تحقيق النصر».
وليست حركة طالبان هي الطرف الوحيد الذي يهدد القوات الأفغانية، فهناك تنظيمات أخرى مثل «داعش» الذي وجد موطئ قدم له في بعض الأقاليم الأفغانية.
بعد الانسحاب الأمريكي، فإن كل الإنجازات السياسية والاجتماعية التي تحققت ستكون في مهب الريح، خصوصاً ما يتعلق بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة وحرية الرأي والانفتاح السياسي؛ إذ إن أفغانستان في حال سيطرت عليها “طالبان”، ستخضع لنظام ديني متطرف لا يعترف بكل هذه الحقوق.
ثم إن الانسحاب سيفسح المجال لقوى إقليمية تتطلع للعب دور أكبر، مثل باكستان والهند والصين وروسيا، وكلها لها مصالح استراتيجية في أفغانستان تستطيع تحقيقها في غياب الولايات المتحدة.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …