الرئيسية / مقالات رأي / واشنطن و “الصينوفوبيا”

واشنطن و “الصينوفوبيا”

افتتاحية صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – وكأن طبول الحرب تقرع، والعالم على أبواب مواجهة كبرى. فالحرب الكلامية المتصاعدة بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى، تأخذ شكل الرياح العاتية التي تسبق العاصفة.
هل هذا التهديد والتهويل، وحشد الجيوش وتكثيف المناورات العسكرية، وزيادة الموازنات العسكرية، واللجوء إلى استخدام اللغة الدبلوماسية الخشنة في التعبير عن المواقف، بدلاً من اللغة الدبلوماسية الهادئة، هدفه عض الأصابع والوصول إلى حافة الهاوية فقط، ثم التراجع بعد تحقيق مكاسب معينة، أو أن يتراجع أحد الأطراف عن مواقفه.
لم يعد سراً أن الصراع على قمة النظام العالمي، أو الشراكة في هذا النظام بات صريحاً ومكشوفاً، وأن الولايات المتحدة تخوض المعركة بكل الوسائل الممكنة للحفاظ على موقع القيادة في هذا النظام ضد «عدوين» استراتيجيين ترى فيهما منافسين حقيقيين لها في نظام عالمي بدأ يتشكل بالرغم عنها.
هي تحاول صد الاندفاعة الصينية بكل إمكاناتها، لأن الوقت لا يعمل لصالحها أمام التطور الصيني الاقتصادي والعسكري والتقني الهائل الذي قد لا تستطيع اللحاق به إذا ما عملت على كبحه الآن، كما لا تستطيع مجاراتها في خطط التنمية والتوسع في علاقاتها مع كل دول العالم من خلال شبكة من المشاريع التنموية والاقتصادية والمالية والطرق التجارية التي تربط العالم ببعضه، مثل مشروع «حزام واحد..طريق واحد»، و«البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية».
لا تخفي الولايات المتحدة قلقها من الصين، التي تحولت إلى «صينوفوبيا» بالنسبة للإدارة الأمريكية التي ترى في بكين خطراً استراتيجياً لا بد من مواجهته، وهي وضعت بكين في كل خططها كعدو وخطر على الأمن القومي الأمريكي، من دون أن تغفل روسيا كعدو آخر في أوروبا.
الموازنة العسكرية التي أعلنتها إدارة الرئيس جو بايدن قبل يومين والتي بلغت 715 مليار دولار للعام 2022، وأحالتها إلى مجلسي النواب والشيوخ لإقرارها قبل سبتمبر (أيلول) المقبل، أشارت بشكل مباشر إلى «مواجهة تهديدات الصين وروسيا»، أي أن واشنطن ترى أن هناك احتمالاً لمواجهة عسكرية مع هذين البلدين، ما يستدعي وضع كل الإمكانات اللازمة لدى البنتاجون كي تكون كل الأسلحة البرية والجوية والبحرية والنووية في حال استعداد، مع الإشارة إلى أن هذه الميزانية تشمل تحديث وتطوير السلاح النووي.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، سخرت من حجم ميزانية الدفاع الأمريكية لمواجهة الصين وروسيا ووصفتها بأنها «إفصاح عن ثمن الخوف الأمريكي»، وقالت «تدمير العلاقات مع روسيا والصين سيكلف دافعي الضرائب الأمريكيين 715 مليار دولار إضافية»، هذا إضافة إلى ديون الحكومة الأمريكية التي ارتفعت في سبتمبر (أيلول) 2020 إلى 26.9 تريليون دولار.
الخوف الأمريكي قد لا يظل مجرد حالة نفسية، أو إحساس به. ربما في لحظة ما قد تتحول «الصينوفوبيا» إلى مرض يحتاج إلى علاج فوري.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …