الرئيسية / مقالات رأي / جيوبولتيكس المحيطات.. المحيط الهندي

جيوبولتيكس المحيطات.. المحيط الهندي

بقلم: سالم سالمين النعيمي – صحيفة “الاتحاد”


الشرق اليوم – المحيط الهندي؛ هو ثالث أكبر محيط بين محيطات الأرض، ويغطي حوالي 20% من المياه على سطح كوكبنا. وأهمية المحيط الهندي الجيواستراتيجية تأتي من خلال أهمية الدول المطلة عليه مع حدوث تغير في ديناميكية الأمن بمنطقة المحيط الهندي والاستخدام المتزايد لمصطلح «المحيط الهندي-الهادئ» – والذي يشير بدوره إلى جميع البلدان المتاخمة للمحيط الهندي والمحيط الهادئ – بدلاً من «منطقة آسيا والمحيط الهادئ»، حيث أصبحت محيطات آسيا على نحو متزايد ساحة للتنافس على الموارد والنفوذ.
وتكمن أهمية المحيط الهندي كذلك في أنه يُشكل حلقة اختناق استراتيجي من خلال المضائق والمعابر الحيوية كمضيق هرمز، وباب المندب، وأغلب الممرات المائية الضيقة موجودة في المحيط الهندي مثل، مضيق لومبوك، ومضيق ملقا ومضيق بالك. والتأثير على حركة التجارة والنقل البحري، وحركة السفن التي تنقل الطاقة من بترول وغاز من الشرق الأوسط نحو الغرب، أو منه نحو الشرق الأقصى، إلى الصين واليابان، خصوصاً وهي تشكّل حوالي 70% من حركة نقل الطاقة عبر البحار.
كما أن المحيط يشكّل اليوم مسرحاً لحركة الأساطيل البحرية لمختلف دول العالم، خصوصاً الدول الكبرى التي تعمل على حماية أساطيلها التجارية أو تلك التي تنقل الطاقة، لذلك فإن المحيط الهندي تحوّل اليوم إلى ساحة عالمية دولية لحماية الأمن القومي لعدد كبير من دول الغرب، وفي مقدمها أميركا وأوروبا، وحتى أفريقيا وآسيا الشرقية، وخصوصاً الصين والهند واليابان.
والتنافس الدولي على منابع الطاقة، وتأمين وصولها إلى الغرب فَرَضَ وجود أساطيل ضخمة لهذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وبعض الدول الأوروبية وروسيا، بالإضافة إلى أساطيل الصين والهند. ويعد أمن المحيط الهندي اليوم وأهميته لا يرتبطان فقط بالدول المشاطئة أو صاحبة الحاجة إلى المواد الأولية المنقولة عبره، بل يمتدان حتى إلى تلك الدول البعيدة عن الشاطئ، والتي يتم نقل الطاقة منها عبر خطوط الأنابيب، التي تصب على شواطئها والبعيدة عنها آلاف الكيلومترات كدول آسيا الوسطى مثلاً أو السودان ومصر وبعض دول أفريقيا وآسيا الشرقية، كما تعتبر مرافئ المحيط الآسيوية نقاط إخلاء للطوارئ لنفط بحر قزوين، أو القوقاز.
ومن جهة أخرى، فإن الاستثمارات الإقليمية المتنامية للصين في المنطقة لها تداعيات استراتيجية على الهند، حيث إن إنشاء الموانئ، والمراكز اللوجستية، ومرافق التخزين، ومناطق التجارة الحرة تزيد من استعراض الصين لقوتها الناعمة في المنطقة. والاتفاقيات مع دول الشرق الأوسط لتوسيع المشاركة البحرية في مكافحة القرصنة ومهام الأمن البحري، وعمليات واسعة النطاق لإنقاذ مواطنيها ساعدت الصين على تقدم أوراق اعتمادها كقوة مشروعة في المحيط الهندي. مع احتمال إنشاء قواعد عسكرية صينية عديدة في غرب المحيط الهندي. وتحول المحيط الهندي إلى جبهة جديدة في التنافس بين الهند والصين.
وبالنسبة لدول المنطقة لدينا فإن فرص التعاون مع الجانب الهندي على الرغم من كل التحديات، قائمة دائماً وحيوية لأمن ومستقبل دول الشرق الأوسط، ولا سيما دول الخليج، فخبرات القوات البحرية الهندية الفريدة في مراقبة غرب المحيط الهندي تجعل الهند شريكاً ملائماً في الحرب ضد الجريمة العابرة للحدود. وقد تدفع التحديات الأمنية غيرالتقليدية، ومنها القرصنة والمخدرات والاتجار في البشر والإرهاب البحري اللامتماثل في غرب المحيط الهندي إلى توسيع عمليات انتشار السفن البحرية الهندية وبناء القدرات المشتركة. وفي عالم ما بعد كوفيد-19، فإن مجالات التعاون المحتملة بين الطرفين سيتمحور حول إدارة الأمن الإقليمي، وبناء شبكات أمنية مرنة لمواجهة غموض التهديدات الناشئة على ساحة الصراعات الدولية.

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …