الرئيسية / مقالات رأي / «حياة – فاكس».. سبق إماراتي

«حياة – فاكس».. سبق إماراتي

بقلم: د.عبدالله محمد الشيبة – صحيفة “الاتحاد”


الشرق اليوم – مع تفشي فيروس “كوفيد – 19” في جميع أنحاء العالم بنهاية العام 2019 وحتى الآن، تعرفنا على دول كبرى تفاقمت فيها أزمة الفيروس، ووصلت إلى مرحلة «الكارثة» في ظل تدهور بنية القطاع الصحي لديها، بسبب ضعف نواحي التخطيط والاستعداد لمواجهة تلك الأوبئة.
ووجدنا دولاً أخرى ما زالت تفرض إجراءات غلق كلية أو جزئية على عدة مناطق فيها، بينما توجد فئة ثالثة من الدول لم تجد بعد المنهاج الأمثل لاستمرار القطاعات الاقتصادية فيها بالعمل والتصدي في الوقت نفسه لمخاطر انتشار الفيروس في مجتمعاتها. وبالرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد اتبعت كافة الإرشادات والتعليمات الخاصة بمواجهة الفيروس والصادرة عن منظمة الصحة العالمية، إلا أنه لا يمكن تصنيفها ضمن أي من فئات الدول المذكورة آنفاً، وذلك لسبب جوهري، ألا وهو التميز في الرؤية الاستراتيجية لمواجهة تلك الأوبئة وغيرها.
فدولة الإمارات شرعت منذ عام 2007، في تطبيق إجراءات تقييم المخاطر من كافة الجهات الاتحادية والمحلية، تحت إشراف «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث»، التي عملت على تنسيق جهود وبرامج تلك الجهات لتقييم المخاطر التي قد تهدد مكتسبات الوطن، بالتوازي مع إعداد خطط الاستجابة الوطنية لكافة المخاطر المتوقع حدوثها. كما عملت الهيئة على وضع وتنفيذ برامج التدريب التخصصية ثم إجراء التمارين الشاملة للتأكد من صحة ودقة خطط الاستجابة للطوارئ. وكانت ثمرة ذلك العمل الدؤوب الشاق هو وقوف خطر «كورونا» عند مرحلة «الأزمة»، والتي لم يتجاوزها إلى مرحلة «الكارثة»، كما حدث في العديد من دول العالم. وبالتالي، فإن اقتصاد الإمارات أو البنية التحتية أو الخدمات في الدولة لم تتأثر، إذ استمر التعليم والعمل عن بعد مع استمرارية جميع الأعمال في الدولة بفعالية، الأمر الذي انعكس على عدم فرض إجراءات غلق كما هو معمول به في العديد من دول العالم الآن. ونتيجة لذلك نجحت الإمارات في إيجاد المنهاج الأمثل لاستمرار القطاعات الاقتصادية بالعمل في ظل مواجهة مخاطر الوباء بجانب العمل على تطعيم جميع سكان الدولة باللقاحات المعتمدة دولياً ومحلياً.
ولم تقف قيادة الدولة عند ذلك الحد، بل تجاوزته إلى مرحلة إنتاج أول لقاح محلي الصنع على مستوى المنطقة باسم «حياة- فاكس»، بهدف تعزيز برنامج التطعيم في الدولة، ومساعدة الدول الأخرى أيضاً. وسيدخل المصنع الجديد المخصص لإنتاج اللقاح مرحلته التشغيلية خلال العام الجاري في مدينة خليفة الصناعية، حيث ستبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 200 مليون جرعة سنوياً، عبر ثلاثة خطوط تعبئة وخمسة خطوط تغليف آلية، ولكن البداية ستكون في مصنع الخليج للصناعات الدوائية «جلفار» بطاقة أولية تبلغ مليوني جرعة شهرياً.
وتعكس تلك الخطوة عدة مؤشرات استراتيجية تحقق المصلحة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة. المؤشر الأول يُثبت متانة وقوة اقتصاد الدولة، والذي أضاف قطاعاً جديداً ضمن قطاعات تنويع القاعدة الاقتصادية ألا وهو إنتاج اللقاحات المضادة للأوبئة العالمية. أما المؤشر الثاني، فيؤكد مدى جاهزية بنية القطاع الصحي والمنشآت التابعة له، وتحديداً مصانع إنتاج الأدوية، لإنشاء خطوط إنتاج جديدة خاصة باللقاحات. أما المؤشر الثالث، فهو ترسيخ ريادة الإمارات إقليمياً ودولياً في مجال الصناعات الدوائية، والمؤشر الأخير والأهم، هو تعزيز سياسة التوطين في المجال الطبي، وذلك بالاستعانة بالكوادر الوطنية المتخصصة في قطاع الصناعات الدوائية، والتي ستتمكن من اكتساب الخبرة والمعرفة والمهارات عند العمل جنباً إلى جنب مع الشريك الاستراتيجي الدولي في مجال إنتاج لقاح «حياة – فاكس».

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …