الرئيسية / مقالات رأي / مصر وقناتها.. صفعة للمارقين

مصر وقناتها.. صفعة للمارقين

بقلم: د.سالم حميد – صحيفة “الاتحاد”


الشرق اليوم – كعادتها، لم تنتظر طهران طويلاً؛ فقد قامت عبر سفيرها في روسيا بالاصطياد في الماء العكر، حيث نشر السفير الإيراني تغريدة يحث فيها موسكو على تفعيل «ممر شمال – جنوب» وإكمال البنى التحتية فيه ليكون بديلا عن قناة السويس. وقال إنه يختصر الزمن بـ20 يوماً و30% من التكاليف، وهو طريق بحري يربط آسيا عبر الهند ومن ثم موانئ إيران ليتحول إلى طريق بري فيها، ومن ثم إلى روسيا عبر أراضٍ أذرية ليصل ميناء بطرسبرغ ومنه بحراً إلى كل أوروبا.
والحقيقة أن ذلك التصريح الإيراني يعكس ما يضمره الإيرانيون للعرب، وتحديداً لمصر، فهم لا يتركون فرصة إلا ويستثمرونها لضرب الدول العربية ومحاولة السطو على مقدراتها، وهذا ما يفعلونه في الدول التي عانت من أزمات طاحنة مثل سوريا والعراق واليمن وحتى لبنان، فهم لا يسعون لاستقرار تلك الدول، بل إلى استمرار أزماتها، حيث إن الفوضى والأزمات تشكل حبل النجاة لإيران التي تتغذى من الصراع والفوضى، وتتيح لها المجال لسرقة مقدرات تلك الدول ولتصدير أزمتها الداخلية.
مصر ليست كغيرها، فهي التي صفعت إيران وغيرها من مرتزقة «الإخوان» الذين سارعوا عبر منابرهم إلى التهكم على قناة السويس ومنجزاتها ومنجزات مصر وقدرتها الكبيرة في مجالات عدة. والمفارقة أن هؤلاء المتهكمين كان أولى بهم الوقوف مع أهل بلدهم، فتلك القناة يعيش من خيرها الآلاف، وهي شريان مهم، ولا يجوز أن يتمنى مصري لأخيه أن يتوقف مصدر رزقه، لكن هؤلاء المرتزقة لا يحملون أي ولاء لأوطانهم، ومصر نجحت في رد كيد كل من تمنى لها الشر، فقد استطاعت أن تعيد العمل في القناة في وقت قياسي، فقطرت السفينة التي سدت مجرى القناة بجهود وخبرة مصرية، وهذا يحسب لها ولقيادتها، فحجم الخبرة في العمل بقناة السويس لا يستهان به، وبهذا تكون أخرست كل تلك الألسن وحققت نجاحاً مضافاً لما تحققه دائماً.
أثبتت أزمة قناة السويس أهمية هذه القناة عالمياً، وهي التي يمر عبرها ما يقرب من 12% من التجارة العالمية، فهي القناة التي تربط الشرق بالغرب وعمرها يزيد على 150 سنة منذ تم افتتاحها، وقد احتاج إنجازها ما يقرب من 10 سنوات، حيث حُفرت بمعاول وسواعد أبناء مصر، لترتبط بتاريخ مصر وبالتطورات السياسية التي حدثت منذ فترة تأسيسها حتى الآن، فقد افتتحت في عهد الخديوي إسماعيل، وكان صاحب الفكرة ومنفذ المشروع الفرنسي دي لسبس، ومن المعلوم للجميع قصة احتكار القناة 99 عاماً، والتطورات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي حدثت بعد ذلك حتى عادت القناة لأصحابها، ولا تزال تعمل وتدار بكفاءة قل نظيرها.
نجحت مصر في تعويم سفينة الشحن «إيفر جيفن» التي يصل طولها 400 متر وتتجاوز حمولتها 219 ألف طن، وبهذا أثبتت للعالم مقدرة المصريين وكفاءتهم، ليس فقط في تشغيل قناة السويس، بل عبر التحلي بالمسؤولية تجاه القضايا التي تأخذ طابعاً دولياً، حيث عملت الكوادر المصرية ليل نهار لإنهاء الأزمة. كما وجهت مصر صفعة لكل من يريد أن ينال من دورها، سواء «الإخوان» المارقون أو غيرهم.. فمصر بعمقها العربي باقية، ولها وزنها، وستستمر في دعم محيطها العربي. كما أننا جميعاً نقف مع مصر وشعبها في أزماتها التي تنجح دائماً في تخطيها والنهوض من جديد، وهذا ما أثبته التاريخ دائماً، والأكيد هو أن مصر ومكانتها لم تتزعزع، بل ظلت راسخة، وهي جزء مهم من هذا العالم بحضارتها وتأثيرها المستمر دائماً.

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …