الرئيسية / مقالات رأي / أصل الوباء

أصل الوباء

افتتاحية صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – بعد عام ونيف على ظهور وباء «كورونا» الذي اجتاح العالم، وقتل أكثر من 2.7 مليون شخص حتى الآن، وخنق الاقتصاد العالمي، وجعل الدول في حالة استنفار دائم، وغيّر نمط حياة البشرية والعلاقات الاجتماعية، ولا يزال يصول ويجول بأشكال مختلفة، ويفرض على البشرية حالة من الخوف على الرغم من اكتشاف لقاحات متعددة لمواجهته.
وعلى الرغم من النظريات التي تحدثت عن مؤامرة كونية، والقول: إن الوباء مصدره المختبرات أو هو نتيجة للتطورات المتعلقة بتكنولوجيا الجيل الخامس، وتأثيراتها السلبية على البشر، وعلى الرغم من الحرب الكلامية التي اندلعت بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والصين؛ ووصفه الوباء بـ«الوباء الصيني».. بعد كل ذلك، فإن دراسة مشتركة بين منظمة الصحة العالمية والصين، تحسم كل الفرضيات السابقة، وتستبعد تفشي الوباء من مختبر، مرجحة انتقال الفيروس من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان آخر؛ أي أنه لم يخرج من مختبر مدينة ووهان.
واقترح الفريق الذي يضم خبراء وعلماء في الأوبئة والطب والمختبرات، من منظمة الصحة العالمية والصين، القيام بالمزيد من الأبحاث في كل مجال، باستثناء فرضية تسرب الفيروس من أحد المختبرات. ووضع الباحثون أربعة سيناريوهات، وخلصوا إلى أن انتقال الفيروس من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان ثالث أمر «مرجح للغاية»، وقالوا: إن الانتشار من خلال منتجات غذائية مجمدة وملوثة في سوق مدينة ووهان ممكن، ولكنه غير محتمل. وقال عضو الفريق عالم الأوبئة ونائب مدير الأبحاث في معهد «باستور» في سان بطرسبرج بروسيا، فلاديمير ديدكوف: «كانت جميع ظروف انتشار العدوى موجودة في سوق ووهان؛ لذلك على الأرجح كانت هناك عدوى جماعية لأشخاص مرتبطين بالمكان».
وهكذا، بعد طول انتظار، قدم العلماء صورة عن أصل الوباء، يمكن أن تفيد في توفير قاعدة علمية لكيفية التعامل معه، بعد استبعاد نظرية المؤامرة، والفعل البشري المباشر. إن هذه الاستنتاجات التي تستند إلى أبحاث استمرت عدة أشهر؛ تقتضي جهداً دولياً؛ لتعزيز التعاون والتواصل وتبادل المعلومات، والتخلي عن استخدام اللقاحات وسيلة للضغط أو الابتزاز، أو تبخيس، أو التقليل من شأن لقاحات على حساب لقاحات أخرى، في إطار صراع سياسي لا أخلاقي، على حساب صحة البشر وسلامتهم. كما لا يجوز أن تكون المصلحة المادية للشركات المنتجة للقاحات هي الأولوية، فيما العالم ينتظر أن تكون اللقاحات متوفرة للجميع من دون استثناء؛ من أجل التسريع في القضاء على الوباء، وهي مسؤولية المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول المنتجة له.
لعل الأزمة بين الدول الأوروبية وبريطانيا حول لقاح «إسترازينكا»؛ من جرّاء فشل الإمدادات في مواعيدها، وعدم تمكن بعض الدول الفقيرة من الحصول على اللقاحات؛ هي مثال على عدم إعلاء الحس الإنساني على الأنانية والصراعات السياسية.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …