الرئيسية / مقالات رأي / Financial Times: نوبة غضب أردوغان الأخيرة علامة على ضعفه

Financial Times: نوبة غضب أردوغان الأخيرة علامة على ضعفه

BY: David Gardner 

الشرق اليوم – في وقت مبكر من صباح يوم السبت الماضي، تصرف الرئيس التركي المتعصب، رجب طيب أردوغان، بشكل مشابه لتصرفات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ولكن بدلاً من نوبات غضب الأخير التي كانت تظهر في تغريدات على حسابه على «تويتر»، قام أردوغان بإصدار عدة مراسيم، والتي كان أولها إقالة محافظ البنك المركزي التركي، وهو ما يعد بمثابة انتحار اقتصادي، أما الثاني فكان الانسحاب من معاهدة منع العنف ضد المرأة، والتي كانت أنقرة أول من وقعت عليها قبل عقد من الزمان، وهو ما يهدد بدفن ما تبقى من سُمعة البلاد باعتبارها دولة ديمقراطية تحمي جميع مواطنيها.

وقد انخفضت قيمة الليرة التركية بشدة في نوفمبر الماضي، مما دفع البلاد باتجاه أزمة العملة الثانية خلال العامين الماضيين منذ تولي بيرات البيرق، صهر الرئيس، وزارة المالية، فقد رضخ الأخير لقناعات والد زوجته بأن أسعار الفائدة هي «أم كل الشرور»، ورفض رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، وحرق أكثر من 100 مليار دولار في دفاع فاشل عن الليرة، وفي النهاية تم الاستغناء عن محافظي البنوك المركزية الذين رفضوا الانصياع له.

وفجأة أصبح البيرق ضحية هو الآخر في نوفمبر الماضي، وقد انتعشت العملة مع تعيين أردوغان سلفه، ناجي أغبال، لرئاسة البنك المركزي، ويقول المطلعون إن الأخير أقنع الرئيس التركى بأن الاقتصاد قد بات في خطر، وأن إرثه وحزبه الحاكم «العدالة والتنمية» سيكون في خطر أيضًا.

ولكن في نهاية الأسبوع الماضي، تم الاستغناء أيضًا عن أغبال، الذي أعاد مصداقية السياسة النقدية لتركيا، مما أدى إلى عمليات بيع للأصول التركية، حيث تراجعت الليرة في البداية بنسبة 14% وسط انخفاضات كبيرة في السندات والأسهم، وتكثر نظريات المؤامرة حول هذا الرحيل المفاجئ، ولكن على الأرجح يبدو أن أردوغان لم تعجبه هذه الأرقام، وكان أغبال قد فاجأ الأسواق، الخميس الماضي، بارتفاع حاد في أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة، حيث تم رفع أسعار الفائدة بمقدار 8.75% إلى 19% منذ نوفمبر الماضي.

ولكن ظل التضخم التركي مرتفعًا، وبالنسبة لأردوغان كان هذا بالتأكيد دليلًا على صحة نظريته القائلة إن ارتفاع أسعار الفائدة بات يتسارع بدلًا من كبح جماح التضخم.

إن العودة إلى السياسات النقدية اللامركزية تحمل في طياتها مخاطر جسيمة، حيث تعاني تركيا من انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، كما تعتمد على صفقات المبادلة المعقدة مع البنوك المحلية، وهي بحاجة إلى إعادة تمويل قروض خارجية بنحو 180 مليار دولار هذا العام، فضلاً عن خلافاتها مع حلفائها الأوروبيين والأمريكيين حول الحدود البحرية في البحر المتوسط، وباعتبارها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن شراء الصواريخ الروسية وخرق العقوبات المفروضة على إيران، يجعلها عرضة أيضًا لإجراءات عقابية.

لكن قنبلة أردوغان النقدية تبدو باهتة إلى جانب انسحابه من معاهدة مجلس أوروبا لمكافحة العنف ضد المرأة، أو ما يُعرف باسم «اتفاقية اسطنبول»، فهذا القرار يعني أن الرئيس التركي، الذي أصبح أكثر استبدادية من أي وقت مضى منذ أن تولى الرئاسة في عام 2014، رفع الحماية الهشة عن نصف سكان تركيا، حيث تُقتل ما يصل إلى ثلاث نساء في اليوم.

وقالت الكاتبة التركية الشهيرة إليف شفق، بعد ساعات من صدور المرسوم: «نحن نمر بنفق مظلم للغاية، فعندما تفقد الديمقراطية، فإن حقوق المرأة وحقوق الأقليات ستكون من بين أول الأشياء التي يتم التضحية بها».

وتعد هذه الخطوة هي أحدث انتهاك لأردوغان لسيادة القانون في الداخل والخارج، حيث قام بسحق استقلال القضاء التركي، كما أنه يتجاهل أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي طالبت بالإفراج عن سجناء سياسيين.

وبعد أن استعان برجال الحاشية بعد إبعاد مساعديه المستقلين، فقد أردوغان تقريبًا القدرة على وضع سياسة متماسكة، كما أنه فقد السيطرة على معظم المدن الكبيرة في تركيا، بما في ذلك إسطنبول وأنقرة، في الانتخابات المحلية لعام 2019، وركز على الاعتماد على ناخبيه الإسلاميين والقوميين المتطرفين، كما بات حزب العدالة والتنمية يشبه المعارضة أكثر من كونه حزبًا حاكمًا على أعتاب عقده الثالث في السلطة، وصحيح أن هذا دليل على القوة، لكنه أيضًا دليل على الضعف.

ترجمة: المصري اليوم 

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …