الرئيسية / مقالات رأي / Geopolitical Futures: رؤية الصين الاستراتيجية

Geopolitical Futures: رؤية الصين الاستراتيجية

الشرق اليوم – تواجه الصين اليوم مشكلتَين أساسيتَين: الحفاظ على وحدتها وتجنب الاضطرابات الاجتماعية؛ لذا تحتاج إلى احتواء الأحداث على طول الحدود مع التِبَت وشينجيانغ، والتطورات الأقل وطأة في منغوليا الداخلية، وفي الوقت نفسه يجب أن يسيطر البلد على الانقسام الاقتصادي الذي نشأ بين الصين الساحلية والغربية وأجّج ثورة ماو تسي تونغ في الماضي، حيث يُعتبر النمو الاقتصادي جزءاً من عناصر الحل لمعالجة هذه المشكلة، والذي تسارع منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنه أدى في المقابل إلى اضطراب النخبة الاقتصادية الصينية.
لهذا السبب، تميل الصين إلى التركيز على شؤونها الداخلية، لكن الوضع يزداد تعقيداً لأن الاستهلاك المحلي لا يستطيع الحفاظ على النمو الاقتصادي وبات الوصول إلى الأسواق العالمية ضرورة استراتيجية، فالصين تتكل على سهولة وصولها إلى الممرات البحرية المرتبطة بموانئها الشرقية، وفي المقابل لم تصل الأفكار المتعلقة بعمليات النقل البرية إلى أوروبا و”مبادرة الحزام والطريق” الشهيرة إلى مرحلة كافية من النضج كي تصبح خياراً بديلاً.
على صعيد آخر، لا تستطيع الصين أن تتحمّل كلفة مواجهة القوات الأميركية مباشرةً، وتفتقر قواتها البحرية إلى الخبرة اللازمة في الحروب وقد اقتصرت تدريباتها على عمليات الأساطيل المضادة، فقد تتمكن الصين من هزم الأسطول الأميركي، لكنها ليست واثقة من قدرتها على فعل ذلك وستكون أي هزيمة من هذا النوع كارثية على النظام.
يجب أن تثبت الصين إذاً قوتها وقدرتها العسكرية من دون أن تجازف بالتعرّض للهزيمة. بعبارة أخرى، يُفترض أن تهاجم بكين أهدافاً غير مهمة وتتأكد من أن الولايات المتحدة لن تجازف ببدء القتال في مواقع تتركز فيها القوات الصينية، لكن هذه الاستراتيجية تواجه مشكلتَين أيضاً، فحتى لو أرادت واشنطن التراجع، فقد يُحدِث حلفاؤها ضجة كافية كي تعجز عن اتخاذ هذه الخطوة، وهذا الوضع يوضح المشكلة الثانية: يُعتبر أعضاء التحالف جزءاً من القوى التجارية الأساسية، وتكمن إحدى مفارقات الوضع الصيني في اعتبار أكبر المخاطر الاستراتيجية عناصر أساسية من اقتصاد الصين، وقد يؤدي الاستيلاء على إحدى الجزر قبالة تايوان إلى افتعال رد أميركي، لكنه سيقنع أعضاء التحالف بحجم الخطر الصيني ويجبرهم على اتخاذ خطوات اقتصادية بدعمٍ من الولايات المتحدة.
يجب أن تتمسك الصين بنموها الاقتصادي حفاظاً على استقرارها، فلا يستطيع البلد أن يتخذ أي خطوات قد تُصعّب هذا الهدف، ولن يتمكن من مواجهة أي تحرك بحري أميركي محتمل لشلّ الاقتصاد الصيني، ويمكن اعتبار الوضع الاقتصادي الصيني الراهن مُرضِياً، ولا شك أن أي حرب لن تفيده بأي شكل، ومع ذلك يجازف البلد بافتعال تحرك أميركي قادر على شلّ مختلف جوانبه.
يقضي الحل الصيني الأساسي بإيجاد تسوية مع الولايات المتحدة حول أهم المسائل الاقتصادية وإدراك عدم استعداد واشنطن لخوض الحروب إلا إذا تعرّضت لضغوط فائقة من الصين، ويجب أن تُضعِف بكين التحالف المعادي للصين عبر توضيح عدم رغبتها في شن الحروب واستعدادها للتوفيق بين اقتصادها واقتصادات الدول الأخرى، وعليها أن ترفض خيار القتال وتفرض سلاماً اقتصادياً وسياسياً، لكن من دون أن توحي بأنها تتخذ هذه الخطوة بالإكراه.
في النهاية، تُعتبر الصين قوة عظمى، لكن جميع القوى العظمى تملك نقاط ضعف معينة ويجب أن يفهم منافسوها هذا الجانب منها، ومن المعروف أن الخوف والحذر يجعلان القوى تُركّز على نقاط القوة وتُهمِل نقاط الضعف، لكن الدول تميل بهذه الطريقة إلى تضخيم قوة منافسيها، وثمة حاجة إلى إجراء تحليل دقيق وموضوعي لتجنب التوقعات المفرطة والاستخفاف بالآخرين وسوء التقدير.
ترجمة: الجريدة

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …