الرئيسية / مقالات رأي / ما الذي حدث مع مطعوم أسترازينيكا؟

ما الذي حدث مع مطعوم أسترازينيكا؟

بقلم: د.فايز أبو حميدان – صحيفة “الدستور” الأردنية


الشرق اليوم – أكثر من 20 دولة أوقفت استخدام لقاح أكسفورد-أسترازينيكا المضادّ لـ”كوفيد-19″ الذي طورته شركة الأدوية البريطانية السويدية (مقرها كامبريدج) بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية بشكل مؤقت إلى أن يتم التأكد من سلامته بشكل أكبر.. لماذا؟ وما هي الأعراض الجانبية؟
الدنمارك كان الدولة الأولى التي أوقفت استخدام مطعوم استرازينيكا في الأسبوع الثاني من شهر آذار عام 2021 وكان تعليل ذلك نشوء تجلطات دموية لدى بعض الأشخاص الذين تم تطعيمهم دون الإدلاء بحيثيات أكثر دقة بشأن هذه المضاعفات، وبعد عدة أيام اتبعت معظم الدول الأوروبية هذا النهج وكان تعليل المانيا ظهور تجلطات دموية في الجهاز العصبي والدماغ، وقد أعلنت هولندا بعد ذلك عن تعليق استخدام المطعوم احترازياً على خلفيّة مخاوف سببها نشوء أنواع نادرة من التجلطات بعد اخذ المطعوم، ثم اتبع ذلك أكثر من 15 دولة أوروبية منها فرنسا وإيطاليا والنمسا التي توفيت لديها ممرضة بعد أخذ المطعوم، ومن هنا أصبح تلقي هذا اللقاح مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالتجلطات الدموية، وهذا ما دعا مؤسسة الغذاء والدواء الأوروبية EMA إلى البدء في دراسة الموضوع عن كثب للتأكد من صحة هذه التكهنات.
شركة استرازينيكا ومنظمة الصحة العالمية WHO تنفيان وجود علاقة سببيّة بين تلقّي اللقاح والإصابة بالتجلطات الدموية بل شدّدت على أنه لم يتمّ التأكيد بشأن اللقاح وازدياد خطر التعرّض لجلطات في الدم بالإضافة إلى عدم وجود دراسات علمية تثبت ذلك حتى هذه اللحظة، كما أن كثير من الخبراء ينصحون بأخذ المطعوم رغم هذا الخطر الضئيل والذي يساوي 5-6 حالات من كل 1.5 مليون شخص مستقبل للمطعوم، وفي بريطانيا والتي استخدمت مطعوم استرازينيكا أكثر من الدول الأخرى فقد تم تسجيل 3 حالات للمليون شخص الذين تلقوا اللقاح، أن حدوث الجلطات في الوضع الطبيعي يكون 2-4 حالات لكل مليون نسمة في السنة الواحدة.
الخطورة من تجلط الوريد الرئيسي في الدماغ يؤدي إلى عواقب وخيمة قد تؤدي الى الشلل وبعض الأحيان الى الموت وذلك لأن هذا الوريد ينقل الدم من الدماغ الى القلب للتزود بالأكسجين وتغذية الدماغ وأعضاء أخرى. والخطر الآخر لوحظ انخفاض عدد الصفائح الدموية لدى متلقي اللقاح مما يؤثر أيضاً على تنظيم تجلط وتميُّع الدم. الأعراض التي قد تحدث عند تلقي اللقاح هي أوجاع الرأس، تشنجات، تشوش الرؤية، التقيؤ، التلعثم في النطق وأحياناً ظهور بقع جلدية زرقاء ونزيف تحت الجلد. ومن جانبٍ آخر فإن ما يميز هذا المطعوم عن غيره هو سعره البالغ 3-4 دولارات مقابل 25-35 دولار للمطاعيم الأخرى، يضاف إلى ذلك إمكانية تخزينه في ثلاجات عادية فهو من أسهل اللقاحات توزيعاً كون تخزينه لا يحتاج إلى درجات حرارة شديدة البرودة، عدا عن كونه آمن وفعال فقد تم إعطائه لكبار السن في كثير من الدول وهو مناسب للشباب والأطفال أكثر من المطاعيم الأخرى.
إن الفائدة من عدم الإصابة بالفيروس أكبر بكثير من خطورة المضاعفات وهذا ما دفع بعض الدول مثل أستراليا بالاستمرار في تطعيم المواطنين، وقد علق أحد خبراء المطاعيم بأن إمكانية الإصابة بجلطة بسبب حبوب منع الحمل أعلى من الإصابة بها من جراء اخذ المطعوم، لذا فإن الإيقاف الاحترازي لتطعيم الناس بهذا اللقاح سوف يعرقل السرعة في التطعيم والحد من انتشار الفيروس.
فعلى الرغم من أن إمكانية الإصابة بجلطة جراء أخذ المطعوم ضئيلة إلا أن فوائد اللقاح ما زالت أعلى من مخاطره ويمكن الاستمرار في إعطائه، لكن المسؤولين في كثير من الدول التي أوقفت التطعيم لم يكن لديهم الاستعداد لتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عند إصابة المواطنين بأية مضاعفات جانبية.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …