الرئيسية / مقالات رأي / رسائل مصر والسودان.. وحدة المصالح والأمن القومي

رسائل مصر والسودان.. وحدة المصالح والأمن القومي

بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع

الشرق اليوم – العلاقة بين شعب وادي النيل في مصر والسودان تستعيد قوتها بفضل إدراك البلدين لوحدة المصير والمصالح.
البلدان من دول الجوار لليبيا تتأثران بما يجري فيهما، أمن مصر القومي في الغرب، وللسودان من الشمال والغرب، وتتفق البلدان في دعم جهود الاستقرار في ليبيا من خلال الليبيين أنفسهم، ونفس الأمر فيما يتعلق بأمن البحر الأحمر، الذي يمثل أهمية لمصر والسودان وجنوب السودان، وبالتالي فإن التحالفات أو الاتفاقيات العسكرية مع مصر بمثابة إشارة بأن أمن السودان عمق استراتيجي للأمن القومي المصري.
ونفس الأمر، فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي، الذي يمثل ملئه من دون اتفاق أضرارا واضحة بمصالح مصر والسودان المائية، وبالطبع فإن التنمية والتعاون والتكامل الاقتصادي هو أحد أهداف التعاون بين البلدين لصالح شعب وادي النيل.
من هنا، جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للسودان بعد الكثير من الزيارات لمسؤولين من البلدين، وهي الأولى من نوعها عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، والحكومة الانتقالية الجديدة، ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وإعادة العلاقات مع مؤسسات التمويل بعد الإصلاحات الاقتصادية.
السودان يشق طريقه في مرحلة انتقالية ليست سهلة، يستعيد فيها قدراته التنموية والسياسية بشكل كبير، وعليه أن يعبر هذه المرحلة وسط مساع لقوى وتنظيمات تسببت في الكثير من الأذى، وتحاول تعطيل المسيرة، وأن يستعيد السودان قدراته وثرواته ويديرها لصالح التنمية العادلة، وبالرغم من الصعوبات، نجح السودان في عبور المرحلة استعدادا لانطلاق نحو المستقبل.
والتعاون والتكامل بين شعب وادي النيل هو مطلب شعبي مستمر، ومع توفر الإرادة، يمكن للكثير من أحلام التنمية أن تصبح واقعا، وتأتي مشروعات التعاون الاستراتيجي بين مصر والسودان لتمثل مصلحة مشتركة، ولهذا كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للخرطوم تتويجا لجهود طويلة من العمل لترجمة المطالب وتحويلها إلى واقع.
وتمثل البنية الأساسية أهم نقاط الارتكاز في التكامل الاقتصادي بين البلدين، ربط الطرق والسكك الحديدية والكهرباء هي أسس تسهل أي استثمارات أو مشروعات اقتصادية وتجارية، فضلا عن أهمية الاستثمار الزراعي في السودان، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وفوائض للتصدير بما يعود على الاقتصاد بثمار مهمة.
لكن الانطلاق الاقتصادى يتطلب التأكيد على حقوق السودان في أمنه وحدوده ومياه النيل، كأحد دول المصب، التي تتضرر مثل مصر من ملء خزان سد النهضة الإثيوبي، من دون اتفاق يضمن تنظيم عمليات الملء، ويحفظ المشروعات المائية وحقوق المياه في السودان ومصر.
قدمت مصر والسودان النية الحسنة مع عدم قبول أي إضرار بالمصالح المائية لدولتي المصب، وحاولت إثيوبيا تجاهل هذه الأضرار التي ظهرت بشكل واضح من الملء الأول في العام الماضي، الذي تسبب في أضرار واضحة على المشروعات المائية والكهربائية للسودان.
حرصت مصر دائما على الشفافية، وأعلنت دعم حق إثيوبيا في التنمية بشرط ألا يكون هذا على حساب بلدي المصب السودان ومصر، وحاول الجانب الإثيوبي التأجيل والتملص أو التعامل بوجهين، ومر الملء الأول في العام الماضي، بعد رفض توقيع اتفاق تم بمعرفة الولايات المتحدة، بالرغم من أنه تم باتفاق الأطراف الثلاثة.
مؤخرا، اقترح السودان توسيع مظلة التفاوض بإضافة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الاتحاد الأفريقي في دورته الجديدة، برئاسة دولة الكونغو الديمقراطية، ويرمي الاقتراح السوداني إلى عدم تكرار تجربة الماضي القريب، وطول المباحثات دون إحراز أي تقدم في حل الخلافات الفنية والقانونية بين الدول الثلاث.
وجاءت زيارة الرئيس السيسي للسودان وسط حراك دبلوماسي وعسكري بين البلدين، وتوقيع اتفاقية للتعاون في مجالات التدريب والتنسيق العسكري، وتأكيد الرئيس السيسي «أن أمن السودان واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن مصر واستقرارها، وأن مصر تساند جهود تعزيز السلام والاستقرار في السودان خلال تلك المرحلة الدقيقة».
وتنطلق مصر والسودان من إدراك وحدة المصالح والأهداف، في البلدين، وحسم المواقف بشكل يكشف النوايا، وينهي البقاء في وضع ضبابي، مع تأكيد البلدين أن قضايا الأمن القومي لا تحتمل العبث والتسويف والتلاعب، وهي رسائل واضحة.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …