الرئيسية / مقالات رأي / مصر في سباق مع الزمن

مصر في سباق مع الزمن

بقلم: جلال مصطفى السعيد – المصري اليوم

الشرق اليوم – أربع قضايا أساسية تدخل بها مصر الآن في سباق مع الزمن، وقياسًا على نجاحات سابقة في موضوعات مهمة أخرى، تزداد توقعاتنا بالنجاح في القضايا الجديدة أيضًا، شريطة أن نخلص النيات ويتكاتف المصريون حول قياداتهم في شأنها.
وأولى هذه القضايا هي قرب اكتمال بناء سد النهضة، ومخاوف الوصول إلى مرحلة الملء الثاني دون الوصول إلى اتفاق له طبيعة ملزمة لأطرافه كلها، وأولها الجانب الإثيوبي الذي لا يرى ضرورة لأهمية هذا الالتزام ويلعب على عنصر الوقت، وأدخلنا في جولات عديدة من المفاوضات على أصعدة مختلفة تدخلت فيها الإدارة الأمريكية ورئاسة الاتحاد الإفريقي، ولعبت إثيوبيا خلاله على إحداث خلافات مصرية سودانية، ومازالت الأوضاع غير متفق عليها.
إن مصر تطالب فقط بالحفاظ على حصتها التاريخية من المياه، وتقبل بتخفيضات محسوبة ومتفق عليها وبشكل ملزم خلال مرحلة الملء، وقامت من جانبها- ولأن حتى حصتها التاريخية لن تكفيها مستقبلًا- بالبدء في برامج عديدة لترشيد استخدام المياه، ومنها المشروع الضخم لتبطين الترع، ويطالب الكثيرون باللجوء إلى أساليب ضغط جديدة، منها اللجوء إلى مجلس الأمن لإصدار قرارات ملزمة قبل تفاقم الأمور أكثر مما هو عليه الآن.. نحن نقترب الآن من أشهر الفيضانات والملء الإضراري كما حدث العام الماضي، والوقت يداهمنا جميعًا.
مصر أيضًا في سباق مع الزمن بشأن توفير لقاح كورونا، وبكميات تسمح بتطعيم 70 مليون مواطن، ولمرتين، بإجمالي 140 مليون جرعة، في حين أن ما هو في حوزتنا الآن (منتصف فبراير 2021) في حدود 250-350 ألف جرعة، وهناك مجهودات ضخمة في سبيل إبرام تعاقدات جديدة، أعلنت عنها وزارة الصحة مؤخراً ودعت المواطنين للتسجيل عبر موقعها، الأمر جِدٌ خطير، والأولوية الآن في النقاش يجب أن تكون عن توفير اللقاح، وإرجاء النقاشات الدائرة حول المقابل المادي، ومَن يعطى له بالمجان، ومَن يدفع المقابل.. يجب إنهاء الترتيبات المرتبطة بتوفير اللقاح أولًا، ثم إن الأمر وهو يتعلق بصحة وسلامة المجتمع ككل يصبح مسؤولية الدولة في المقام الأول.
مصر أيضًا في سباق مع الزمن بشأن قضية الزيادة السكانية التى تلتهم كل نتائج مشروعات التوسع الزراعي والمشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى رفع مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل، وقد أشار الرئيس إلى ذلك أكثر من مرة، وآخرها في الإسماعيلية منذ أيام قليلة، إن الأساليب التقليدية لن تصلح وحدها، مطلوب التركيز والاستهداف للفئات المنفلتة في هذا الخصوص، لابد من التركيز على الريف والأحياء الشعبية والمناطق العشوائية ومحدودي الدخل وقليلي النصيب من التعليم، هذه كلها فئات فاعلة في زيادة السكان.. وللأسف إنها زيادة ضمن أضعف حلقات المجتمع من حيث إمكانية تحملها تبعات هذه الزيادة، وتحديدًا فيما يخص القدرة على الإنفاق والتعليم، وهي بذلك تلقى بمنتجها الجديد إلى المجتمع ككل، وهو المثقل بالهموم والمشاكل، ولابد من إعادة النظر في معقولية الاستمرار في التوجه الحالي المبني على الإقناع دون مساندة من أدوات تشريعية ممكن استحداثها، وكذلك دون توفير نظام متكامل ومنتشر جغرافيًا والدعم أو التوفير المجاني للوسائل الطبية في تنظيم الأسرة، وهو الأمر الذي ثبت في السابق أن له تأثيرا كبيرا على خفض نسب الإنجاب.
مصر أيضًا في سباق مع الزمن بشأن قضية الأمية، وهي قضية لها ارتباط وثيق أيضًا بالقضية السكانية، وهنا نجد أن الاستهداف مطلوب أيضًا، من حيث منع التسرب من التعليم، وتحسين جودة التعليم الأساسي لضمان عدم إنتاج الأميين ضمن مخرجات التعليم، واستهداف الأصغر سنًا بين الذين تسربوا من التعليم، وإرجاء استهداف من هم فوق الأربعين في الوقت الحالي، والتوجه بشكل واضح وقوى إلى الريف ومجتمعات الفقراء ومحدودي الدخل.
الكل مُجمع على أن موضوعي سد النهضة ولقاحات كورونا يلقيان كامل العناية، وأن طبيعتيهما المُلحّتين استدعتا بالفعل تدخلًا معتبرًا نشعر معه بالاطمئنان، ويبقى أن نرى بشاير النجاح على الطبيعة.
إننى أدعو- وفي إطار البناء على مجهودات سابقة تمت في مجال ضبط الزيادة السكانية أو برامج محو الأمية- أن يتم الاستماع إلى السفيرة مشيرة خطاب (وزيرة الأسرة والسكان السابقة) واللواء أبوبكر الجندي (الرئيس السابق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) والدكتور ماجد عثمان (أستاذ الإحصاء السكاني بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية) والمهندس رأفت رضوان (الرئيس السابق لهيئة محو الأمية وتعليم الكبار).. إن لدى هؤلاء خبرات عظيمة جاهزة للتوظيف الفوري وبنتائج مضمونة.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …