الرئيسية / مقالات رأي / إيران ترفض جزرة بايدن لتجرّب عصاه الغليظة

إيران ترفض جزرة بايدن لتجرّب عصاه الغليظة

بقلم: حازم الغبرا – العرب اللندنية

الشرق اليوم- من الواضح أن صبر الإدارة الأميركية تجاه إيران وتجاوزاتها نفد سريعا، فأتى الرد واضحا عبر الضربة التي وجهتها القوات الأميركية على قاعدة عسكرية تابعة لميليشيات محسوبة على إيران فجر الجمعة الماضي.

وفي هذه الضربة المباشرة التي قامت بها الولايات المتحدة بنفسها ودون الاعتماد على الحليف الإسرائيلي رسالة واضحة لإيران التي فشلت في الاستجابة للفرص التي قدمتها لها إدارة بايدن واعتقدت خطأ أن خسارة ترامب في الانتخابات الأميركية هي فرصة للتصعيد وتجربة صبر القيادة الجديدة في واشنطن، والتي آثرت في أيامها الأولى استخدام قوتها الناعمة قبل إشهار أسلحتها العسكرية والاقتصادية.

الضربة لم تكن خيارا سهلا بالنسبة إلى بايدن الذي انتقد بشدة أسلوب سابقه العنيف واعتقد اليسار الأميركي أنه أفرط في استعمال القوة ضد إيران. وبالفعل أعلن العديد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين عن امتعاضهم من عدم أخذ موافقتهم أو حتى استشارتهم قبل الضربة، مع أن الأمر بها هو من ضمن صلاحيات الرئيس الأميركي الجديد.

لكن، وفي ذات الوقت، لم يرتق هدف العملية العسكرية إلى المستوى الذي أراده الجمهوريون والصقور في الإدارة الأميركية ردا على تصرفات إيران وميليشياتها العدوانية والتي وصلت إلى حد قصف مطار تتعسكر فيه قوات أميركية، مما أدى إلى مقتل مواطن أميركي، ناهيك عن استهداف السفارة الأميركية الذي سبق قصف مطار أربيل.

ففي محاولة من إدارة بايدن تحقيق نوع من التوازن بين يمين السياسة الأميركية ويسارها، كانت الضربة بالفعل محدودة نوعا وكمّا، وتم تأكيد ذلك حسب بيان وزارة الدفاع الأميركية الذي صرّح أن العملية استهدفت أحد أصغر الأهداف المتوفرة على القائمة.

ومع أن رسالة هذه العملية ليست موجهة فقط إلى إيران وعملائها في المنطقة، بل إلى كل الجهات المعادية لواشنطن والتي رأت في بايدن رئيسا ضعيفا قد يسمح لها بالتمدد أو المغالاة في سياستها خلال السنوات الأربع القادمة، لكن على طهران تحديداً قراءة تصريح البنتاغون بتأن وتمعن.

فمقصد القول أن قائمة الأهداف جاهزة، والإدارة الأميركية جاهزة أيضا لاستعمال القوة عندما يقتضي الأمر. لكن الأهم من كل ذلك التوضيح الصريح أن الهدف القادم سيكون أكبر والضربة التالية ستكون موجعة أكثر إن استمرت إيران بتحدي الولايات المتحدة ومصالحها بشكل مباشر أو عبر ميليشياتها وأذرعها في الشرق الأوسط.

والسياسة الإيرانية التي دخلت اليوم مرحلة التصعيد وشطحت عن ضرب حلفاء واشنطن لتصل إلى مستوى استهداف مواطنين ودبلوماسيين أميركيين، قدمت لبايدن الضوء الأخضر الكافي لتحويل قوته الناعمة إلى تحرك عسكري خشن خلال أسابيع معدودة من استلامه زمام الحكم.

ولن يحتاج الرئيس الأميركي للرد على منتقديه من صلب حزبه سوى الإشارة إلى صواريخ إيران التي أتت ردا وقحا على أقصى درجات الليونة التي قدمتها واشنطن لطهران.

تختلف الآراء حول إن كان بايدن وإدارته مقتنعين أصلا بنجاعة سياسة الفرص لتحقيق تغيير ملموس على تصرفات طهران، لكن من الواضح أن النتائج السلبية لهذه السياسة ظهرت بسرعة وفرضت تغييرا فوريا في التوجه الأميركي.

وفي الوقت ذاته يجمع المراقبون أن هذه الضربة قد لا تكفي لتغيير السياسة الإيرانية المبنية أصلا على العدوانية ودعم الإرهاب، وقد تضطر إدارة بايدن في نهاية المطاف إلى التصعيد لمراحل قد تتجاوز ما قام به ترامب لتشمل الأهداف مواقع في العمق الإيراني إن استمر عدوان طهران على المواطنين الأميركيين.

هذا التغيير في سياسة واشنطن يضع زمام المبادرة دون شك بيد القيادة الإيرانية التي قد تكون أدركت اليوم أن قواعد اللعبة لم تتغير بتغير الحزب الحاكم في الولايات المتحدة. فالحوار حول رفع العقوبات واتفاق جديد ما زال مقترنا بشكل كامل بتغيير ملموس في تصرفات إيران تجاه جيرانها والوجود الأميركي في المنطقة.

وفي حال ما زال لدى النظام الإيراني شكوك حول جدّية بايدن، فالهدف التالي محدد مسبقا والعتاد الأميركي في كامل جاهزيته.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …