الرئيسية / مقالات رأي / ساركوزي أصبح عبرة!

ساركوزي أصبح عبرة!

بقلم: محمد أمين – المصري اليوم  

الشرق اليوم- عندنا مَثَل مصرى يقول: «الميّة مبتطلعش في العالي».. وهو كلام غير صحيح في فرنسا، فالمية بتطلع في العالى بالقانون، ولو كان الرئيس نفسه.. منذ أيام ألقت المحكمة قنبلة في الوسط السياسى الفرنسى، وحكمت بالسجن على الرئيس ساركوزى لمدة ثلاث سنوات بتهمة استغلال النفوذ ومحاولة التأثير على المدعى العام الفرنسى، وهو ما يهدد مستقبل ساركوزي السياسي في حال عدم إلغاء الحكم.. وليس هذا فقط ولكن تم سجن محاميه بنفس الأحكام.. فأصبح المتهم والمحامى في السجن بذات المدة، وهو ما اعتبره الوسط السياسى قنبلة سياسية ومعنوية، مع أن الحكم لا يمنع ساركوزى من الترشح للرئاسة، ولكنها فضيحة فساد واستغلال نفوذ تمنعه معنويًا من الترشح للرئاسة!.

فالشعب الفرنسي لا يمكن أن ينتخب ساركوزي وهو غير أمين على منصبه، وغير أمين على دستور البلاد الذي يضمن استقلال القضاء، بينما ساركوزي كان يحاول رشوة أحد أعضاء مؤسسة العدالة لخدمة مآربه الشخصية.. وكانت المفاجأة حبس الرئيس السابق ومنع محاميه من مزاولة مهنة المحاماة، أو ما نسميه هنا عدم الصلاحية.. فقد كان يساعده لعدم اقتصاص القضاء منه.. مع أن الرئيس ساركوزى كان ملاحقًا بعدة قضايا، وكان المحامى يندد بمحاولات النيل منه.. وهو ما اعتبرته المحكمة تضليلًا للعدالة!.

وتعتبر قضية ساركوزي القضية رقم اثنين لرئيس جمهورية فى العصر الجمهوري بعد الرئيس جاك شيراك.. وهى القضية الثانية لرئيس سابق في عشر سنوات.. وكان المدعى العام يطالب بالسجن، لأن صورة الرئاسة تضررت بهذه الاتهامات.. وأخيرًا، أسدلت المحكمة الستار على القضية المعروفة إعلاميًا بـ«قضية التنصت»، وكان المحامى يقول إن ما حدث غير قانونى، لأن هناك من تنصت على المحامى وموكله، ووصف الاتهامات الموجهة إلى ساركوزي بأنها أشبه بالقمامة، ويجب أن تُلقى في صندوق النفايات.. فألقت به المحكمة في السجن!.

المهم أن المظاهرات لم تخرج دفاعًا عن ساركوزي.. ولم نسمع هتافات من عينة «بالروح بالدم نفديك يا ساركوزي».. ولم ترتعش يد العدالة وهى تقتص من الرئيس الذي كان يجلس في قصر الإليزيه منذ سنوات.. ولم يتدخل أحد ليوقف السير في القضية، ولم يُصدر عنه الرئيس عفوًا عامًا.. لا شىء من ذلك حدث، ولم يشفع له ماضيه الرئاسى، أو يشفع له حزبه، أو يتدخل وزير العدل الذي كان أحد رجال حكومته.. فقد علّمت المحكمة المحامي أن يكون منضبطًا، لا يتلاعب بالقضية.. وأصبح الرئيس والمحامي عِبرة لمن يعتبر!.

ولا أستغرب مما حدث في فرنسا، بلد الحريات، ولا أشعر بأي مشكلة هنا أبدًا، فقد حاكمنا رئيسين من قبل في سنوات معدودة.. فمبارك ومرسي دخلا السجن وكل قيادات النظام.. ولكن الفرق أنهما دخلا تحت ضغط الثورة وضغط الرأى العام.. إلا أن ساركوزى دخل السجن وحُوكم تحت تأثير القانون ودولة العدل.. وتبقى دولة العدل!.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …