الرئيسية / مقالات رأي / تقييم أداء بايدن

تقييم أداء بايدن

بقلم: جوناثان برنستين – الشرق الأوسط

الشرق اليوم – منذ شهر، كانت التقديرات المبدئية الخاصة بمستوى الرضا عن أداء جو بايدن طبيعية بالنظر إلى وضعه كرئيس جديد.

لكن ما من شيء آخر هناك يميزها. مع ذلك، الأمر غير الاعتيادي كان هو التقديرات الأولية لعدم الرضا عن أداء بايدن، حيث كانت أعلى من التقديرات الخاصة بأداء أي رئيس باستثناء ترامب في فترة استطلاعات الرأي الأولية لأداء الرؤساء. وبعد مرور شهر، بالكاد تشير بيانات برنامج الاستطلاع الخاص بالموقع الإلكتروني «فايف ثيرتي إيت» باتجاه الرضا عن أداء بايدن، حيث تم تقدير نسبة الرضا عن أدائه بـ54.2 في المائة حينها، ووصلت إلى 54.4 في المائة الآن.

على الجانب الآخر، ارتفع مستوى عدم الرضا عن أدائه من 34.7 في المائة في نهاية شهر يناير / كانون الثاني إلى 38.3 في المائة مطلع شهر مارس / آذار. ربما لا يعدو ذلك كونه مجرد إزعاج إحصائي، فقد بدأ بايدن فعلياً عند 36 في المائة، وتحسن قليلاً خلال الأيام القليلة الأولى، ثم بدأ في التراجع ببطء منذ ذلك الحين؛ لكنه في كل الأحوال لم يقترب من مستوى ترامب، الذي بلغت نسبة عدم الرضا عن أدائه 50.1 في المائة في بداية مدته الرئاسية، لكن يظل مستوى عدم الرضا عن أدائه في الوقت ذاته أعلى مقارنة بغيره من الرؤساء في بداية فتراتهم الرئاسية.

كما قلت منذ شهر، فإن الأمر يتعلق بالاستقطاب إلى حد كبير لا ببايدن شخصياً. في وقت من الأوقات كان الرضا عن أي رئيس جديد أمراً معتاداً ومتوقعاً بدرجة كبيرة؛ فحتى أكثر الناخبين المنتمين لحزب لم يكونوا يقدمون رأياً محدداً حيال هذا الأمر في استطلاعات الرأي. لذا كانت نسبة الرضا عن أداء الرؤساء الأربعة المنتخبين حديثاً حينها، والذين عاصروا حقبة استطلاعات الرأي، وهم دوايت آيزنهاور وجون كينيدي وريتشارد نيكسون وجيمي كارتر، تصل إلى 60 في المائة على الأقل في تلك المرحلة، لكن الأهم هو أن مستوى عدم الرضا عن أداء أي منهم لم يصل إلى 10 في المائة. وكانت نسبة عدم الرضا عن أداء رونالد ريغان 17 في المائة، وبعد ذلك لم تتجاوز نسبة الساخطين على أداء أولئك الرؤساء خمس المشاركين في استطلاعات الرأي. لذا من الواضح أن عدد المنتمين إلى الفئة التي تتريث في تكوين رأي محدد يتراجع. كذلك بلغت نسبة الرضا وعدم الرضا إجمالا في نهاية شهر فبراير / شباط 75 في المائة، في حين كان لـ90 في المائة على الأقل من المشاركين في استطلاعات الرأي رأي محدد في كل من أوباما وترامب وبايدن. من المحتمل أن كلاً من ترامب وأوباما وكلينتون وريغان قد شهدوا ارتفاعاً أكبر في مستوى عدم الرضا عن أدائهم منذ بداية فترة رئاستهم حتى نهاية فبراير / شباط مقارنة ببايدن حتى هذه اللحظة.

ليس معنى ذلك أن مستوى عدم الرضا يرتفع دوماً باستمرار، فقد تجاوزت نسبة عدم الرضا عن أداء كلينتون وريغان 50 في المائة خلال فترتهم الرئاسية الأولى، لكن عمل كل منهما على زيادة عدد اللقاءات الجماهيرية، ما ساعد في تراجع مستوى عدم الرضا عن أدائهما بمقدار النصف. كذلك وصل مستوى عدم الرضا عن أداء جورج بوش الابن إلى نحو 36 في المائة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول، لكن ذلك لم يمنع ارتفاع مستوى الرضا عن أدائه إلى أكثر من 80 في المائة بعد تلك الأحداث. ويعني ذلك تحول عدد من الناس من الرفض إلى القبول. مع ذلك يبدو أن ما يحدث هو أن عدداً أكبر من الذين لا ينتمون إلى حزب الرئيس يعتقدون أن أداءه سيئ عوضاً عن الانتظار ليروا ما سيفعله.

بطبيعة الحال عندما يرفض الرئيس المنتهية ولايته حضور حفل تنصيب الرئيس الجديد، ويزعم تزوير الانتخابات، بدلاً من تهنئته وتمني التوفيق له، مثلما فعل كارتر مع ريغان، وفعل بوش الأب مع كلينتون على سبيل المثال، فلن يكون من المستغرب أن يعترض كثير من الجمهوريين على أداء بايدن منذ الوهلة الأولى.

كذلك يُحكى أنه في الماضي اعتاد أعضاء الحزب الذي لا يحكم، الانتظار والتريث قبل توجيه انتقادات لاذعة إلى الرئيس الجديد، ولا يكون ذلك بالضرورة بدافع احترام الأعراف الديمقراطية، بل لأنهم لا يريدون وضع أنفسهم موضع الجانب المقابل لجانب الأغلبية، أو على الأقل الجزء الأكبر من الناخبين الذين اختاروا الرئيس الجديد. لم يكن لدى الديمقراطيين خلال عامي 2001 و2017 ذلك السبب للتأني في إطلاق الأحكام نتيجة الانقسام بين المجمع الانتخابي والتصويت الشعبي في الانتخابات آنذاك. أقنع الجمهوريون خلال انتخابات 1993 و2009 و2021 أنفسهم بأن خسارتهم الانتخابية لم تكن حقيقية، أو رأوا أنهم مهتمون فحسب بكسب رضا أقوى مؤيديهم في كل الأحوال، أو الأمرين معاً. من المؤكد أن ذلك لم يلحق ضرراً بالجمهوريين في بداية حكم كل من كلينتون وأوباما، وأظن أننا سنرى ما إذا كان ذلك سيحدث هذه المرة أم لا.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …