الرئيسية / مقالات رأي / مخاطر استمرار ديبي في حكم تشاد لفترة رئاسية سادسة

مخاطر استمرار ديبي في حكم تشاد لفترة رئاسية سادسة

بقلم: منصور الحاج – الحرة

الشرق اليوم– بعد إعلان الحزب الحاكم في تشاد قرار ترشيح الرئيس إدريس ديبي إتنو لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر أبريل المقبل، والتي بات في حكم المؤكد أن يفوز فيها بفترة رئاسية سادسة، أطلقت العنان لمخيلتي لاستقراء تداعيات ذلك القرار على الوضع السياسي في البلاد على المدى القريب والبعيد. 

وبينما أنا غارق في التفكير، لم تتوقف مخيلتي عن عرض قصص الصراعات غير المتكافئة التراثية منها والحقيقية والدرامية والكرتونية، التي تبشر المتنمرين الذين لا يجرأون على استعراض قوتهم إلا أمام الضعفاء وقليلو الحيلة بسوء العاقبة ولو بعد حين. 

ولكن المشهد الانتخابي في تشاد على أرض الواقع لا يختلف كثيرا عن تلك الصراعات غير المتكافئة بين المتنمرين والضعفاء. فالرئيس الذي يحكم البلاد منذ عام 1990 ويتحكم هو وحزبه وعشيرته والمقربون منه بمقدرات البلاد وثرواتها، لا يرى غضاضة في لعب دور المتنمر والتنافس مع أحزاب لا تحظى بعشر ما يملكه هو وحزبه من إمكانيات وليس أمامها أي فرصة حقيقية، وإن اتحدت جميعها ضده واتفقت على منازلته بمرشح واحد، في الفوز في الانتخابات.  

ويلاحظ المتابع للشأن السياسي في تشاد أن الانتخابات باتت لعبة ديبي المفضلة، لأنها تتيح له فرصة استعراض عضلاته أمام خصومه الضعفاء واسقاطهم بالضربة القاضية في كل مرة باسم الديمقراطية التي يدعي أنه جلبها للشعب التشادي، ولكنه بعد قضاء أكثر من 30 عاما في سدة الحكم، لا يزال يؤمن بأنه الأقوى والأفضل والأصلح والأنسب لهذا المنصب.

ومن الحقائق التي يتعمد أنصار ديبي تجاهلها، ادعاؤه بأنه ثار على سلفه حسين هبري بسبب حكمه القمعي واستئثاره بالحكم لنفسه، ولكن ديبي يمارس نفس سياسات هبري ويسير على نهجه ولكن باسم الديمقراطية، فيبقي نفسه حاكما أوحدا للبلاد لمدة أطول من سنوات حكم جميع الرؤساء الذين سبقوه مجتمعين، مما يجعله المستفيد الوحيد من الديمقراطية وكأنه لم يأت بها للشعب وإنما من أجل تحقيق مصالحه الشخصية. 

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إن لم يكن ديبي يستغل الديمقراطية من أجل مصالحه الشخصية، كيف يمكن تفسير سيطرته وحزبه وعشيرته والمقربون منه على جميع أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والعسكرية والأمنية وتحكمهم على وسائل الإعلام والصحافة ومفاصل التجارة والاقتصاد في البلاد؟ 

لا أعتقد أن من الاجحاف القول إن قلب ديبي متعلق بحب السلطة، فالنفس البشرية مجبلة على ذلك، ومن الواضح أنه لا يرغب إطلاقا في التخلي عنها ما دام على قيد الحياة وبالتالي فقد لا يدرك العواقب الخطيرة التي قد تترتب على استمراره في الحكم لفترة رئاسية سادسة.

حرص ديبي خلال فترة حكمه على تمكين أفراد أسرته والمقربين منه، الأمر الذي يفسره الكثير من المراقبين على أنه مخطط لتوريث للسلطة لأحد أبنائه وهذا إن حدث فمن المتوقع أن يقابل برفض شعبي كبير، وقد يقود إلى انشقاقات داخل الجيش بسبب تركيبته القبلية والعودة إلى مسلسل الحروب الأهلية بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة. 

قد يرى أنصار ديبي، بل وحتى الكثير من معارضيه، أن له الفضل في الحفاظ على استقرار البلاد في أغلب فترات حكمه من خلال سياساته البراغماتية وحرصه على إبقاء باب التفاوض مفتوحا مع المعارضين، الذين استطاع تحييد الكثير منهم وشراء ذممهم بالأموال والمناصب، ولكن يحسب عليه أنه لم يعمل بالقدر الكافي على إرساء دعائم الديمقراطية في البلاد وترسيخ نهج التداول السلمي للسلطة في حياته الأمر الذي يعني إمكانية عودة البلاد إلى نقطة الصفر بعد مماته.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …