الرئيسية / مقالات رأي / ردم الهوّة بين بايدن وإيران ليس قريباً

ردم الهوّة بين بايدن وإيران ليس قريباً

بقلم: هشام ملحم – النهار العربي

الشرق اليوم- بدأت الأجهزة المعنية بشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية عملية مراجعة السياسة الأمريكية تجاه إيران، بما في ذلك المشاورات والتنسيق مع الحلفاء الاوروبيين الذين وقعوا الاتفاق النووي مع ايران في 2015، وأيضا مع القادة الديموقراطيين في الكونغرس، في الوقت الذي دعا  52 مشرعاً جمهورياً الرئيس بايدن الى مواصلة العمل بسياسة “الضغوط القصوى” التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب ضد ايران.

وليس من المتوقع الاعلان عن أي قرارات بهذا الشأن لان المشاورات والمراجعة لا تزال في بدايتها. وحتى الأن لم يصادق مجلس الشيوخ على أبرز تعيينات الرئيس بايدن للمسؤولين الذين سيلعبون دورا هاما في رسم وتنفيذ  السياسة الأمريكية تجاه إيران وخاصة ويندي شيرمان التي عينها بايدن نائبة لوزير الخارجية انتوني بلينكن، ووليام بيرنز الذي رشحه بايدن لادارة وكالة الاستخبارات المركزية (السي أي أي) . وكان بيرنز بصفته مسؤولاً بارزاً في وزارة الخارجية في ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما، هو الذي بدأ المفاوضات السرية مع إيران والتي جرت في عمان ومهدت للمفاوضات اللاحقة الى ادت الى اتفاق 2015. كما كانت ويندي شيرمان وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية في إدارة الرئيس أوباما، وبهذه الصفة كانت المسؤولة عن إدارة المفاوضات النووية مع إيران وغيرها من الإطراف الموقعة على الاتفاق.

وأضافة الى ويندي شيرمان ووليام بيرنز، يشمل الفريق الأمريكي الذي سيكون مسؤولا عن السياسة تجاه إيران، مسؤولين مخضرمين لهم خبرة في التعامل مع إيران، من بينهم مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، الذي كان مساعدا للرئيس بايدن خلال ولاية الرئيس أوباما، وروبرت مالي الذي عينه بايدن المبعوث الخاص لإيران، والذي كان عضوا في الفريق الذي ترأسته ويندي شيرمان في المفاوضات مع إيران.

جاءت هذه التطورات على خلفية تسريبات من مصادر حكومية تحدثت عن احتمال اتخاذ إدارة الرئيس بايدن لبعض الإجراءات الإنسانية تجاه إيران من بينها دعم قيام صندوق النقد الدولي بتوفير القروض لإيران للحصول على المساعدات الطبية لمكافحة جائحة كورونا. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن مسألة إلغاء العقوبات التي تسمح لإيران بيع نفطها ليست واردة في أي وقت قريب.

 ويوم الجمعة أجرى وزير الخارجية انطوني بلينكن، اجتماعا افتراضيا (إلكترونيا) مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا كانت إيران الموضوع الرئيسي على جدول الأعمال الذي تضمن أيضا تنسيق سبل مكافحة الجائحة.

وللمرة الأولى عقد مجلس الأمن القومي جلسة خاصة يوم الجمعة لمناقشة قضايا ونزاعات الشرق الاوسط، وكانت مسألة كيفية إحياء الاتفاق النووي مع إيران وسبل تطويره من أبرز القضايا. ولم يشارك الرئيس بايدن في الاجتماع الذي ترأسه مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، لأنه كان لمناقشة الخيارات المتوفرة وليس لاتخاذ قرارات محددة كما قالت الناطقة باسم البيت الأبيض.

ولم يرشح الكثير عن اجتماع بلينكن بنظرائه الأوروبيين، أو عن اجتماع مجلس الأمن القومي، ولكن مصادر غير حكومية مقربة من بعض المسؤولين في مجلس الأمن، قالت إن الرئيس بايدن وكبار مساعديه إضافة الى الفريق المعني بالسياسة تجاه إيران يدركون كليا أن إحياء اتفاق 2015  لن يكون كافيا وسوف يواجه معارضة قوية في الكونغرس ليس فقط من الجمهوريين ولكن أيضا من مشرعين ديموقراطيين، إذا لم يشمل الاتفاق المعّدل البرنامج الصاروخي الإيراني، وإذا لم تشمل المفاوضات السياسات السلبية والتخريبية لإيران في العراق وسوريا واليمن. أحد الأعضاء البارزين في الفريق الجديد الذي سيتفاوض مع إيران والذي لعب دورا في المفاوضات السابقة التي أدت الى اتفاق 2015، كان قد قال في حوار خاص معه، إنه حض الرئيس الأسبق أوباما على ضرورة التصدي لنشاطات إيران السلبية في العراق وسوريا، ولكن أوباما – الذي وضع الاتفاق النووي مع إيران في طليعة أولوياته في الشرق الاوسط-  كان يتخوف من أن التصدي للسلوك الإيراني التخريبي في المنطقة سيدفعها للانسحاب من المفاوضات.

وقبل أيام بعث 52 مشرعاً جمهورياً برسالة الى الرئيس بايدن وحذروه من مغبة العودة الى ما اعتبروه سياسة “استرضاء” إيران، “التي خلقت الاضطرابات في المنطقة”. وأضافوا أن التخلي عن سياسة الضغوط القصوى التي فرضها الرئيس ترامب واستبدالها “بسياسة التنازلات القصوى، سوف يخدم إيران”.

وتبين هذه التطورات، أن إدارة الرئيس بايدن تعتبر مسألة احياء وتطوير الاتفاق النووي مع إيران في طليعة أولوياتها الملحة في الشرق الأوسط. وتصر إدارة بايدن على أن تعود إيران الى الالتزام بالبنود المتعلقة بالقيود المفروضة على تخصيبها لليورانيوم كشرط ضروري لاستئناف المفاوضات، بينما تصر إيران على  إلغاء العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس ترامب، كشرط أولى لاستئناف المفاوضات. وليس من الواضح كيف ستتعامل إدارة الرئيس بايدن مع إيران إذا نفذت تهديدها بوقف السماح لفرق التفتيش التابعة لوكالة الطاقة النووية الدولية بالقيام بأعمال التفتيش المفاجئة، مع حلول الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وهو ما نادى به البرلمان الإيراني. وكانت إيران بعد انسحاب إدارة الرئيس ترامب من الاتفاق في 2018 قد بدأت بزيادة تخصيب اليورانيوم بكميات تفوق الكمية التي سمح لها اتفاق 2015.

وفي خطوة متوقعة، سوف تلقى صدى إيجابيا في إيران، أعلنت الخارجية الأمريكية أنها ألغت قرار إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، تصنيف حركة الحوثيين في اليمن كتنظيم إرهابي، لأن ذلك سيعرقل عمليات إغاثة اليمنيين، خاصة وأن أكثريتهم تعيش في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الحوثية.

حتى الآن يمكن وصف مواقف وبعض إجراءات الرئيس بايدن، مثل إلغاء تصنيف الحوثيين كتنظيم إرهابي، وحديثه عن العودة للمسار الديبلوماسي  مع إيران، وسحب حاملة الطائرات “نيميتز” من منطقة الخليج، على أنها وفاقية. ولكن موقف إيران، كما عبر عنه وزير الخارجية جواد ظريف هو مطالبة واشنطن بالعودة الى الاتفاق مدعيا بأن “الوقت ينفذ بالنسبة الى الأمريكيين، بسبب قرار البرلمان، والمناخ الانتخابي”، في إشارة الى الانتخابات في إيران في حزيران (يونيو) المقبل. ردم الهوة بين الطرفين لبدء المفاوضات لن يكون سهلا أو قريباً.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …