الرئيسية / مقالات رأي / Bloomberg: مشاكل إيطاليا لا تحل بالمال

Bloomberg: مشاكل إيطاليا لا تحل بالمال

By: Ferdinando Gigliano

الشرق اليوم- تركزت آمال قادة الاتحاد الأوروبي خلال أكثر من 18 شهراً، على الخلاص من مشاكل إيطاليا الدولة العضو في الاتحاد، لكن المواجهة المستمرة بين رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، ورئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي، تؤكد أن الافتقار إلى حكومة مستقرة وفعالة في روما لا يزال أحد أكبر التحديات التي تواجه أوروبا.

لم يتمكن كونتي من الفوز إلا من خلال تصويت بالثقة في مجلس الشيوخ الإيطالي قبل أيام، بعد أن قرر رينزي سحب وزرائه من التشكيلة الحكومية السابقة. وقد حصل على دعم 156 من أعضاء مجلس الشيوخ، أقل من الأغلبية المطلقة من 161 صوتاً، بينما عارضه 140 صوتاً. ويمكن لرئيس الوزراء  الذي حصل على أغلبية ضئيلة في مجلس النواب  البقاء في السلطة وفقاً للدستور الإيطالي. 

ومع ذلك، يواجه كونتي الآن، احتمال أن يصبح بطة عرجاء، بينما يحاول تشكيل ائتلاف حاكم جديد لمساعدته على تمرير أجندته وسط التعقيدات اليومية للحياة البرلمانية.

ولا شك في أن الاتحاد الأوروبي يتابع هذا المشهد المؤسف بقلق. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كانت إيطاليا الحلقة الأضعف في منطقة اليورو، حيث كانت تصارع مزيجاً ساماً من النمو البطيء والسياسات الشعبوية. وقررت دول الاتحاد خيار ضخ الأموال لإنقاذها. فإيطاليا هي المستفيد الرئيسي من صندوق الاتحاد الأوروبي للتعافي من كوفيد  19 البالغة قيمته 750 مليار يورو (911 مليار دولار). وقد لجأ البنك المركزي الأوروبي إلى تعديل قواعد شراء الأصول مؤقتاً، حتى يتمكن من دعم السندات الحكومية للدول الأعضاء عند الضرورة. نتيجة لذلك، اقتربت السندات الحكومية الإيطالية الآن، من أدنى مستوياتها القياسية. ويتوقع المستثمرون أن يستمر البنك المركزي الأوروبي ودول أخرى في دعم روما.

ويكشف ضعف أداء الحكومات الإيطالية المتعاقبة عقم استراتيجية الاتحاد هذه. وبعد تكرار الشكاوى من نقص في تضامن الاتحاد الأوروبي، يسعى كونتي جاهداً إلى وضع خطة متماسكة لإنفاق المنح والقروض (تصل قيمتها إلى 209 مليارات يورو) التي من المقرر أن تحصل عليها إيطاليا. ولم تتشدق حكومته إلا بفكرة إصلاح النظام الإداري البيزنطي في البلاد، والذي يستمر في إعاقة الاستثمار في البنية التحتية، وإثارة روح المغامرة في ريادة الأعمال. وبينما سعى رينزي إلى استبدال السلطة التنفيذية الحالية ببديل أكثر ديناميكية، يبدو أنه حالياً يفتقر إلى القوة السياسية والشعبية لإسقاط كونتي.

والنتيجة الإجمالية هي أن أموال البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي تساعد اللاعبين السياسيين الحاليين على البقاء في السلطة. 

ومع ذلك، ستبقى تلك المساعي بلا جدوى؛ لأن الحكومات المتعاقبة تفشل في العمل على رفع معدل الإنتاجية السيئ في البلاد، وإعادة النمو إلى ما يقرب من متوسط معدلاته ​​الأوروبية.

ولم يتخذ البنك المركزي الأوروبي وبقية دول الاتحاد الأوروبي، هذه الإجراءات على وجه التحديد، لمساعدة إيطاليا، وإنما يحاول البنك المركزي من جانبه تحقيق معدل التضخم المستهدف عند أقل من 2%، والذي ثبت أنه بعيد المنال. وتعمل المفوضية الأوروبية على توسيع قدرتها على زيادة الديون في الأسواق المالية، والتي قد تكون ذات يوم مفيدة في وضع ميزانية موسعة للكتلة. ومن دون هذه الإجراءات، سيكون الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، معرضين بشكل خاص للانكماش وعدم الاستقرار المالي، وتستمر اتهامات إيطاليا بعدم تضامن الكتلة معها.

ومع ذلك، تُظهر الحالة الإيطالية أن هذه الأدوات قد لا تكون كافية لضمان التقارب الاقتصادي الكافي بين الدول الأعضاء. وتؤكد معطيات الواقع أن هذه الإجراءات والأدوات يمكن أن تلحق الأضرار بالطبقة السياسية التي تتجنب معالجة القضايا طويلة الأجل التي تواجه بلدانها وإضاعة الوقت في حلقة من الأزمة السياسية، والحكومة غير الفعالة.

وهكذا سيستمر الصراع بين كونتي ورينزي في الأسابيع المقبلة. وسيسعى كونتي إلى نزع الدعم عن حزب «إيطاليا حية» بزعامة رينزي والمجموعات البرلمانية الأخرى، من أجل تشكيل قوة جديدة يمكنها دعم تحالفه المكوّن من الديمقراطيين، و«حركة النجوم الخمسة». وسيسعى رينزي إلى إقناع حلفائه السابقين بأن الوقت قد حان لإجراء تعديل وزاري، وفرض أجندة مختلفة، وربما رئيس وزراء جديد. 

في غضون ذلك، تطالب المعارضة اليمينية بإجراء انتخابات جديدة؛ لأن الأغلبية الحاكمة ضعيفة للغاية.

شاهد أيضاً

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

بقلم: هدى الحسيني- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات …