الرئيسية / مقالات رأي / الطاقة والبيئة… بين الواقع والأحلام!

الطاقة والبيئة… بين الواقع والأحلام!

بقلم: أنس بن فيصل الحجي – اندبندنت عربية

الشرق اليوم- ما يجمع هؤلاء شيء واحد وهو ليس البيئة، وإنما ضرورة التدخل الحكومي والسيطرة على سلوك الشركات والأفراد… وهذا هو الأمر المخيف في حراك التغير المناخي. هم يريدون السيطرة على “الآخرين” بالكامل. إنه نوع جديد من “العبودية”. يريدون إعادة برمجة البشر كي يكونوا “روبوتات” بشرية. المثير في الأمر أنهم يعارضون أي تكنولوجيا جديدة تسهم في حماية البيئة، ولكنها تعطي الناس حرية أكبر! لذلك تراهم يعارضون الهيدروجين ويهاجمونه بشدة، ويعارضون تحسين كفاءة محركات السيارات، ولكنهم يستخدمون تحسن الكفاءة عندما يخدم مصالحهم، ويعارضون التحول من الفحم الملوث للبيئة إلى الغاز الطبيعي، أقل مصادر الوقود الأحفوري تلويثاً، كما يعارضون استخدام الغاز المسال كوقود، مع أنه أنظف وقود للسفن وناقلات النفط على وجه الأرض حالياً.

محاكمة شركات النفط بتهمة كونها مسؤولة عن التغير المناخي، هي طريقة أخرى للسيطرة… والهجوم المتواصل على الدول النفطية وقياداتها، طريقة أخرى للسيطرة، وتوجيه الاتهام لأوبك من وقت لآخر يصب في هذا المجال أيضاً.

محاولة السيطرة على إدارة مؤتمرات الطاقة حتى داخل دول الخليج، وتحديد من يشارك ومن لا يشارك، هي وسيلة أخرى للسيطرة، وترويج بحوث معينة وإخفاء أخرى، من طرق السيطرة.

مع هذه السيطرة يظن البعض أنه لابد من المسايرة، ولكن سيأتي الوقت الذي سيصنفون فيه ويهمشون. “البيئيون الجدد” (على نمط تعبير “المحافظين الجدد” في عهد جورج دبليو بوش) ليس لديهم أي خطوط حمراء.

سيطرة الوقود الأحفوري

ما لا يدركه حماة البيئة، خصوصاً المتطرفين منهم، أنه لا يمكن على الإطلاق التخلص من الوقود الأحفوري. كما يحاولون إخفاء حقائق كثيرة، ويهاجمون من يكشفها.

فقد شن أوروبيون عليّ هجوماً شديداً على “تويتر” يتجاوز كل الأعراف المهنية، لأني ذكرت أنه لو حُولت كل السيارات في الاتحاد الأوروبي إلى سيارات كهربائية، وكانت كل الكهرباء التي تشحن بها هذه السيارات من الطاقة الشمسية والهوائية، فإن هذا سيخفض انبعاثات الكربون العالمية اثنين في المئة فقط. وشن علي أحدهم هجوماً بألفاظ نابية، مطالباً بالمصدر،  وعندما أشرت إلى أنه هو المصدر ولى مدبراً من دون أن يعتذر.

يحاولون أن يخفوا حقيقة أن مشروع الرئيس جو بايدن لتحويل كل سيارات الحكومة الفيدرالية، وعددها 645 ألف سيارة، إلى سيارات كهربائية، سيخفض الطلب على النفط بأقل من 20 ألف برميل يومياً. لو عطس مهندس سعودي بجانب بئر نفط سعودي لغيرالإنتاج بـ20 ألف برميل يومياً. أقول ذلك على صيغة المبالغة، فقط لتبيين مدى المبالغة في الحاجة لهذه القرارات الرئاسية، والضجة الإعلامية التي صاحبتها، ونتائجها، وإذا نظرنا إلى كمية الانخفاض في انبعاثات الكربون لو حُولت كل السيارات الحكومية إلى كهربائية بحسب ما يريد بايدن، فإن انبعاثات الكربون العالمية ستنخفض بمقدار 0.05 في المئة. ولتوضيح هذه النسبة بالريال السعودي، فإنها تمثل جزءاً من 20 من الهللة!

الواقع أن بايدن لا يستطيع تغيير كل أسطول السيارات الحكومي، لأسباب عدة، أهمها أن أغلب السيارات من السيارات العائلية الكبيرة وشاحنات “البيك-أب”، ومثيلها من السيارات الكهربائية لا توجد بكثافة في الأسواق، وكما تقول التقارير الحكومية فإنها مرتفعة السعر، خصوصاً أن المواطن أو الشركات يحصلون على إعانات فيدرالية لشراء هذه السيارات، ولكن الحكومة الفيدرالية لا تعطي نفسها إعانات وعليها دفع السعر الكامل. إلا أن الجزء الأكبر من أسطول السيارات الحكومية تابع للبريد، ويمكن الانتقال إلى السيارات الكهربائية بسهولة.

ويحاولون إخفاء حقيقة اعتماد الدول الصناعية على الوقود الأحفوري في إجمالي استهلاك الطاقة، كي يظهروا نجاح برامجهم في مجال الكهرباء، إلا أن واقع الاعتماد على الوقود الأحفوري، على الرغم من الإنفاق الهائل على الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، يشير إلى أن الواقع ليس ما يريدون، وهذه أرقام ذكر أغلبها في مقال الأسبوع الماضي:

هولندا 90 في المئة، اليابان 88.2 في المئة، الولايات المتحدة 81 في المئة، إيطاليا 80 في المئة، بريطانيا 78 في المئة، ألمانيا 75 في المئة، كندا 75 في المئة، إسبانيا 72.4 في المئة، بلجيكا 70.5 في المئة، الدنمارك 59 في المئة، فرنسا 46 في المئة (هي الأقل بسبب تبني الطاقة النووية).  من ناحية أخرى، فإن اعتماد الصين على الوقود الأحفوري 88 في المئة، والهند 76 في المئة.

الفرق بين “زيادة الكفاءة” و”ترشيد الاستهلاك”

زيادة الكفاءة في إنتاج واستهلاك الطاقة تسهم في تخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، من دون أن تؤثر سلبياً في مستوى معيشة الفرد، بل على العكس، قد تؤدي زيادة الكفاءة في الإنتاج والاستهلاك إلى تحسن دخل الفرد وخلق الوظائف ورفع معدلات النمو الاقتصادي.

ترشيد الاستهلاك والإنتاج هو تخفيض استهلاك الطاقة أو إنتاجها بهدف توفيرها، الأمر الذي يؤثر سلباً في حياة الفرد ورفاهيته، كما يؤدي إلى انخفاض مستويات الدخل ومعدلات النمو الاقتصادي ووقف المشاريع التنموية، بما في ذلك انتشار المدارس والجامعات والمستشفيات.

ما يريده حماة البيئة في أوروبا ما يلي: الأولى لهم، والثانية لبقية العالم! والله المستعان!

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …