الرئيسية / مقالات رأي / النووي الصيني والولايات المتحدة

النووي الصيني والولايات المتحدة

بقلم: محمد خليفة – صحيفة “الخليج” 

الشرق اليوم – تحاول الصين أن تتقدم نحو قيادة العالم من دون استعراض العضلات، وتعمل بسياسة الباب المفتوح مع مختلف الدول، وعلى الرغم من أنها دولة كبيرة؛ سكانياً واقتصادياً وعسكرياً، فإنها لم تسعَ يوماً لفرض قراراتها قهراً على الدول الأخرى، كما تفعل بعض القوى؛ بل تقيم علاقاتها على أساس التعاون والاحترام المتبادلين.

وتعد الصين إحدى القوى النووية الشرعية؛ حيث إنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ومع ذلك فهي تمارس سياسة الغموض، فيما يخص برنامجها النووي، وخاصة ما يتعلق بعدد الرؤوس النووية التي تمتلكها.

وكان البرنامج النووي الصيني قد بدأ عام 1951 عندما قرر ماوتسي تونغ امتلاك السلاح النووي، فوقعت الحكومة الصينية اتفاقية سرية مع الاتحاد السوفييتي السابق، قدمت الصين، من خلالها، خامات اليورانيوم مقابل المساعدة السوفييتية في المجال النووي. ووقع الصينيون والسوفييت اتفاقاً حول التكنولوجيا الجديدة؛ للدفاع الوطني شملت: توفير مساعدات نووية سوفيتية إضافية، وكذلك توفير بعض صواريخ أرض – أرض وصواريخ أرض – جو.

وقد التزمت الصين بمواصلة تطوير الأسلحة النووية؛ لكسر “احتكار الدول الكبرى للأسلحة النووية”؛ لضمان الأمن الصيني ضد التهديدات الخارجية، وزيادة الهيبة الصينية وقوتها على المستوى الدولي.

وعلى الرغم من أن عدد الرؤوس النووية في ترسانة الصين هو سر من أسرار الدولة، لكن هناك تقديرات متفاوتة لحجم هذه الأسلحة. ويقدر اتحاد العلماء الأمريكيين بأن لدى الصين، ترسانة تضم نحو 260 رأساً حربياً، وقد نشرت الصين ورقة بيضاء دفاعية، كرست سياساتها النووية؛ للمحافظة على الحد الأدنى من الردع مع تعهد بعدم الاستخدام الأول. ومع ذلك، لم تحدد الصين بعد ما تعنيه بـ “الحد الأدنى من موقف الردع”. ويقيّم اتحاد العلماء الأمريكيين أن الصين لديها ما لا يقل عن ستة أنواع مختلفة من القنابل النووية.

وفي تقرير سنوي قدمته وزارة الدفاع الأمريكية إلى الكونجرس، عن التطورات العسكرية والأمنية في جمهورية الصين الشعبية، صرّحت فيه بأن ترسانة الصواريخ الصينية ذات القدرة النووية تتكون من إجمالي 50-60 من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ICBMs، والتي يمكن تزويدها بحمولة نووية، تعمل بالوقود السائل، وتمتلك الصين أيضاً، الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (SRBMs)، وتقدر وزارة الدفاع أن جميع الذخائر من صواريخ SRBM الصينية منتشرة بالقرب من تايوان. وفي الآونة الأخيرة، نشرت الصين أول صاروخ من طراز MIRV، المضاد للسفن، وهي تقوم حالياً بتطوير نظام تحديد الاتجاه الخاص بالطرق المتنقلة. وهناك جهد مستمر للتحول من الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل إلى الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب. ووفق تقارير استخباراتية أمريكية، فقد واصلت الصين تطوير مواقع إطلاق صواريخ جديدة ومرافق تخزين تحت الأرض في المناطق الداخلية النائية، بما في ذلك صحراء جوبا في منغوليا وفي هضبة التبت؛ لكن لا يوجد دليل على نشر صواريخ بعيدة المدى في هذه المواقع الجديدة.

وتأخذ الولايات المتحدة على الصين أنها تمارس الغموض بخصوص قدراتها النووية، وتريد منها أن تنفتح في هذا المجال؛ من أجل تعزيز الثقة بين الدولتين؛ لكن الصين تقول: إنها “لا تحوز السلاح النووي للتهديد به؛ بل فقط من أجل الردع”، ومع تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية في العام الماضي؛ بسبب رغبة الولايات المتحدة في تقليم أظافر كوريا الشمالية، بنزع سلاحها النووي؛ وجدت الصين نفسها في قلب مواجهة لا تستطيع الفكاك منها، وأدركت ضرورة العمل على تحديث ترسانتها النووية؛ حيث جاء في تقرير نشرته صحيفة جيش التحرير الشعبي الصيني في يناير / كانون الثاني 2018، أن الجيش الصيني أعرب عن رغبته في تعزيز أسلحته النووية “في ظل عدم القدرة على التنبؤ بعالم اليوم، ومن أجل الارتقاء بقدرات استراتيجية الردع؛ لدعم موقف الصين القوي”.

والواقع أن وثيقة مراجعة الوضع النووي الأمريكي التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية، قد أكدت بما لا لبث فيه، أن الصين تمثل تحدياً للمصالح الأمريكية في آسيا. وهذا الإعلان الرسمي الأمريكي؛ سيدفع الصين تلقائياً للسير بعيداً في تصنيع مختلف أسلحة التدمير؛ بهدف المحافظة على وجودها كقطب دولي جديد في العالم.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …