الرئيسية / مقالات رأي / Financial Times: الوحدة أو التغيير.. على بايدن أن يختار

Financial Times: الوحدة أو التغيير.. على بايدن أن يختار

BY: Janan Ganesh

الشرق اليوم – في حفل تنصيبه، الأسبوع الماضي، كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أقل عاطفية من جمهوره، حيث شهد الحفل تدفقًا لاهتمام إعلامي كان مكبوتًا منذ آخر مرة تولى فيها ديمقراطي رئاسة البيت الأبيض، فقد رأى أحد المذيعين أن الأضواء الموازية للناشونال مول كانت بمثابة الذراع الرئاسية “التي تحتضن أمريكا”، فيما رأى إعلامي آخر أن النظرة العاطفية للسيدة الأولى لزوجها هي التي رطبت عيون الحضور.

ولكن هناك مشكلتين على الأقل مع هذا الحماس المبالغ فيه، إحداهما أنه يؤكد شكوك الأمريكيين المحافظين، حيث إن نظرتهم للنخبة الليبرالية باعتبارهم متآمرين ضد الشعب هي صورة خاطئة وخطيرة، كما أنه من الصعب التخلي عن مشاعرهم التي تذوب عندما يحكم الديمقراطيون.

والمشكلة الأخرى المتعلقة بالتنصيب هي رفعه الآمال المستحيلة، فقد هلل الليبراليون لمناشدة بايدن للوحدة الوطنية، كما احتفلوا برؤيته للتغيير التدريجي، ولكن من الضروري تحديد هذين الهدفين بشكل منفصل لتوضيح عدم إمكانية التوفيق بينهما، فإذا كان بايدن يقصد أن يكون الرئيس الأكثر يسارية منذ الستينيات، فإنه سيعزل الجمهوريين ويقسم الولايات المتحدة، وإذا كان التآزر القومي هو الحلم الأعلى فعليه أن يتخلى عن الكثير من بنود برنامجه الداخلي أو يخفف منه، ولنكن واضحين: أي من الخيارين سيكون مشرفًا، لكن عليه اختيار أحدهما.

ومن أجل فهم مدى عناد الجمهوريين، فإنه يجب أن نضع في اعتبارنا أسرار أروقة مجلس الشيوخ، حيث يريد ميتش مكونيل، زعيم الحزب الماكر، من الديمقراطيين الالتزام بالحفاظ على المماطلة، فقد هدد بتعليق الاقتراح الذي يعطي التأثير الكامل لسيطرة الديمقراطيين على الشيوخ.

وقد جاءت هذه الوقاحة بعد هزيمة انتخابية، وحصار الكابيتول في 6 يناير والذي كان الجمهوريون متواطئين فيه عن غير قصد، وحفل التنصيب الذي شهد تقديم غصن زيتون من قبل رئيس جديد محبوب وكان صديقًا شخصيًا لمكونيل نفسه منذ عقود، فإذا كان هذا هو الموقف الجمهوري الآن، فعلينا أن نتخيله العام المقبل، عندما تكون الإدارة ملوثة بعار عهد دونالد ترامب، أو حتى الشهر المقبل عندما يحاكم مجلس الشيوخ الرئيس السابق بتهمة التحريض على العصيان.

ولن يكون هناك فقط مساعدة من الجمهوريين في توسيع الدولة، بل ربما يكون هناك حزب شاي جديد أيضًا، كما سيتم تأطير التوسع في خدمات الرعاية الطبية ووصول معدل ضريبة الشركات لـ28% على أنهما يتبعان “الماوية” -نظرية شيوعية ثورية تستند إلى أفكار ماركس ولينين وستالين، وبخلاف الأحزاب الشيوعية التقليدية تبرز هذه النظرية أفكار القائد الشيوعي الصيني ماو تسي تونج، وتعتبرها تطويرًا خلاقًا للماركسية اللينينية- وهو أمر مثير للضحك ولكنه مقنع بالنسبة للملايين، فهذه السياسات وغيرها من سياسات بايدن الأخرى تحظى بتأييد نسبة كبيرة من الأمريكيين، لكن إذا كنا قد تعلمنا أي شيء في السنوات الأخيرة، فهو أنه يمكن لأقلية شرسة أن تعكر صفو الأمة، فأولئك الذين يحثون الرئيس الجديد على العمل الجاد والسريع، وهم كثيرون، يجب أن يعلموا أن ذلك سيلغي الوعد بالسلام المدني.

وقد كانت أفضل حجج اليسار ضد ترشيح بايدن دائمًا تكتيكية وليست أيديولوجية، حيث يرون أن الرجل الذي دخل واشنطن عام 1972 لن يتكيف أبدًا مع صعود الأحزاب المتعددة، كما أن ثقته في حسن نوايا خصومه ستجعله صيدًا سهلًا بالنسبة لهم، وكذلك أنه ملتزم بوحدة أمريكا، لدرجة أنه يفضل أن يحظي برئاسة لطيفة على رئاسة نشطة، ويبدو أنه بالنظر إلى مسيرته المهنية التي تصل لنصف قرن فإنهم ربما يكونون على حق، لكن المنصة التي يركض عليها الآن بايدن والتي مازال يتبناها تشير إلى الاتجاه المعاكس تمامًا، حيث تتوقف السنوات الأربع التالية على صحته وعلى ما إذا كان يدرك حجم التوترات الموجودة في البلاد أم لا.

وكما يقول بايدن “بالوحدة يمكننا أن نفعل أشياء عظيمة”، فبعيدًا عن الحرب، أو في الواقع السيطرة على الوباء، فإنه بدون الوحدة على وجه التحديد لن يمكننا القيام بأشياء عظيمة، ولكن كانت الصفقة الجديدة (مجموعة من البرامج الاقتصادية التي أطلقت في الولايات المتحدة بين عامي 1933- 1936، وتضمنت هذه البرامج مراسيم رئاسية أو قوانين قام بإعدادها الكونجرس أثناء الفترة الرئاسية الأولى للرئيس فرانكلين روزفلت) مثيرة للانقسام بشكل كبير، وذلك حتى مع روزفلت، سياسي القرن، الذي قاد هذه الصفقة، كما كانت الحقوق المدنية مثيرة للجدل لدرجة أنها غيرت الجغرافيا الانتخابية للبلاد.

ولكن لا توجد طريقة متناغمة للوصول لنوع المجتمع الذي يرغب الديمقراطيون في بنائه، فبعد سنوات ترامب، يحق لهم أن يشعروا بالفتور تجاه آفاق الوحدة أو آفاق الإصلاح، وليس كليهما.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

الأردن: معركة محور التّطرف!

بقلم: محمد صلاح – النهار العربي الشرق اليوم- ليس سراً أن مصر والأردن خسرا كثيراً …