جائحتان

الشرق اليوم- مع اتساع رقعة جائحة كورونا، وانتشار سلالات أكثر عدوى، وارتفاع الإصابات لتصل إلى حوالى 100 مليون إصابة، والوفيات إلى حوالي مليونين وربع المليون وفاة، والعودة إلى المزيد من الخطوات الاحترازية والإغلاق في معظم دول العالم، فإن العالم في الحقيقة أمام مفترق طرق، إذ بات عليه أن يحدد الخطوات التي عليه اتخاذها لإنقاذ الحياة على هذه الأرض، بعدما وصلت البشرية إلى مرحلة مصيرية تستدعي المسارعة إلى العمل الجماعي في مختلف الميادين قبل أن يفوت الأوان، وتصبح تكلفة البقاء أكثر صعوبة، وربما مستحيلة.

 جائحة كورونا التي يصعب التكهن بموعد انتهائها، أو ما إذا كانت وطأتها سوف تخف أو تستفحل، هي مجرد واحد من الأخطار المحدقة بالعالم، إذ إن الخطر الآخر يتمثل بازدياد الاحتباس الحراري الذي يضرب الكرة الأرضية، ما قد يجعل الحياة عليها مستحيلة في قادم الأيام إذا لم يسارع العالم إلى اتخاذ خطوات سريعة وجذرية لوقف الانبعاثات المتزايدة لغازات الدفيئة وتأثيرها على الحياة، مثل ارتفاع سطح البحار، وذوبان الجليد القطبي، والأعاصير، والسيول، والجفاف، وتراجع المحاصيل الزراعية، وانكماش غابات الأمازون، وانقراض أنواع من الكائنات الحية.

 وفقاً لتقرير منظمة “جيرمن ووتش”، فإن نحو نصف مليون شخص قضوا في كوارث طبيعية مرتبطة بظواهر مناخية قصوى في السنوات العشرين الماضية. وتدفع أكثر الدول فقراً الثمن البشري الأكبر لهذه الظواهر، رغم أنها لا تسهم إلا بنسبة ضئيلة جداً من الانبعاثات. وكانت الدول الغنية وعدت بزيادة مساهمتها المناخية للدول النامية إلى 100 مليار دولار سنوياً اعتباراً من العام 2020، لكنها لم تفِ بوعودها حتى الآن.

 ويحذر البنك الدولي من أن “التغييرات المناخية تهدد بغرق نحو 100 مليون شخص في الدول الفقيرة بحلول عام 2030″، كما أن “ارتفاع درجة الحرارة بين درجتين إلى ثلاث درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، سيضع 150 مليون شخص آخرين في دائرة الإصابة بالملاريا وحدها في الهند، كما يمكن أن يؤدي إلى دخول 45 مليون شخص إلى دائرة الفقر بحلول عام 2030 جراء تغير المناخ”.

 وتؤكد الدراسات أن ارتفاع منسوب مياه البحر جراء زيادة درجات الحرارة، وذوبان ثلوج المحيط المتجمد الشمالي سوف يؤديان إلى غرق العديد من الجزر المأهولة والمدن الساحلية. ويقول مارك سيريز، مدير المركز الوطني الأمريكي لبيانات الجليد والثلوج “نحن نسير نحو محيط متجمد شمالي بلا جليد موسمي”.

 لأن الخطر داهم بيئياً وصحياً، نظمت هولندا يوم أمس الأول قمة عالمية عبر الفيديو لجعل كوكب الأرض أكثر قدرة على مواجهة تأثيرات ظاهرة تغير المناخ، بحضور العديد من قادة العالم وأمين عام الأمم المتحدة جوتيريس. وهذه أول قمة تبحث آثار تغير المناخ، حيث أطلق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مبادرة “أدابشين أكشن كوالشن”، وتضم بريطانيا ومصر وبنجلاديش ومالاوي وهولندا والأمم المتحدة.

 لكن، ورغم ضعف مردود هذه الاجتماعات إلا أنها تبقي على الوعي بالخطر، والبحث عن حلول ممكنة.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …