الرئيسية / مقالات رأي / الصحوة الأمريكية

الصحوة الأمريكية

بقلم: دعاء العبادي – صحيفة “الدستور” الأردنية

الشرق اليوم – قد يكون إنهاء عصر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، دون تأخير أكبر هواجس الرئيس الجديد جو بايدن، الذي قد يكرس قدرا كبيرا من جهوده الأيام المقبلة في محاولة لتغيير سياسات سلفه السابق الفصول الأولى على أجندته ستكون هي الأزمة الصحية والطوارئ المناخية والانتعاش الاقتصادي وسياسة الهجرة، مع مراعاة أن هناك قضايا عالقة ستبقى عصية على التغيير.. فهناك جوانب من سياسة أميركا تغيرت بشكل لا رجعة فيه.


لم يستشعر الشعب الأميركي خطورة رئيسهم إلا في نهاية فصل الرواية.. طوال أربع سنوات كان قسم كبير من الأميركيين سعيد بالإنجازات الإيجابية التي حققها ترامب خاصة على المستوى الاقتصادي بعد تحصيله مئات المليارات من الدولارات لصالح الخزينة الأمريكية.


بداية الصحوة الأمريكية كانت مع بدء جائحة كورونا والتخبّط في أداء الإدارة الأميركية في كيفية محاولة علاج الأزمة، وانتهاجها بدل ذلك سبيل المكابرة وتراشق الاتهامات بدل الانتباه لخطورة الجائحة والاستهزاء بإجراءات السلامة للحدّ من انتشار الفيروس، والتركيز على مسؤولية الصين في التسبّب بها في الوقت الذي كانت مستويات الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة في ارتفاع ومعها أعداد الوفيات.


فشل الإدارة الأميركية على رأسها الرئيس السابق دونالد ترامب، في الحدّ من انتشار فيروس “كورونا” كان عاملاً مهمّاً في سقوطه في الانتخابات، لكنه لم يتّعظ بل واصل عجرفته لرفض نتائج الانتخابات، واتهام القائمين عليها بما فيها وسائل الإعلام بالتزوير ومواصلة تكرار الادعاء بأنه الفائز.


استمر تقبّل الأميركيين لتصرفات ترامب والصبر عليها باعتبار أنها الأيام الأخيرة في موقع الرئاسة سيصبح بعدها ترامب صفحة من التاريخ … لكن ما لم يستطع الأميركيون تجاوزه هو ما قام به قبل أيام على رحيله بحشد مؤيديه وتحريضهم على اقتحام الكونغرس لتعطيل جلسة التصديق على نتائج الانتخابات، الأمر الذي تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى وفوضى عمّت مبنى الكابيتول، وتسجيل سابقة في تاريخ الولايات المتحدة بالإساءة للسلطة التشريعية التي يفاخر بها الأميركيون أمام العالم بأنها معقل الديمقراطية.

قدّم ترامب في سنوات حكمه لأكبر قوة اقتصادية في العالم نموذجاً فاشلاً للديمقراطية، وذريعة سيستخدمها فيما بعد كلّ رافض للديمقراطية.


فترامب لم يصل إلى البيت الأبيض بانقلاب عسكري، ولم يزوّر الانتخابات، بل وصل بطريقة حرّة ونزيهة وبأصوات أغلبية الأميركيين، لكن رغم ذلك لم يكن أداؤه لمصلحتهم وشكل تهديداً لكل العالم، وكشف أن خيار أغلبية الأميركيين كان خاطئاً، وأنّ مصلحة الشعوب لا تتحقق بالضرورة من خلال خيار أغلبية أفرادها.


فقد تنخدع الشعوب وتندفع لأسباب عاطفية أو دينية أو اجتماعية، أو بفعل تعرّضها لضغوط في ظروف محدّدة تؤثر على خياراتها، وتقوم بمنح ثقتها للشخص غير المناسب، وتمنحه تبعاً لذلك صلاحيات ونفوذ لايستحقه فتجربة الأميركيين مع ترامب خير برهان يؤكد أن خيار الأغلبية ليس دائماً على حق، وفي أحيان كثيرة يكون خاطئاً.

شاهد أيضاً

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

بقلم: هدى الحسيني- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات …