الرئيسية / مقالات رأي / China Daily: الصين وأوروبا.. انتقادات في غير محلها

China Daily: الصين وأوروبا.. انتقادات في غير محلها

By: Qin Weihua

الشرق اليوم- كثيرا ما اشتكى المسؤولون وقادة الأعمال الذين التقيت بهم في بروكسل على مدار العامين الماضيين، من بطء وتيرة المفاوضات بشأن الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الصين، والاتحاد الأوروبي، لدرجة أن البعض لم يكن متفائلاً بشأن نهاية إيجابية للمحادثات على الرغم من تعهد قادة الصين والاتحاد الأوروبي مراراً، ببذل قصارى جهدهم لاختتامها بحلول نهاية عام 2020.

 ولكن في النهاية اتفق الجانبان على اختتام المفاوضات في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأشاد قادة الصين والاتحاد الأوروبي بالاختراق الذي تحقق.

 ومع ذلك، لا يزال بعض من اعتادوا على توجيه الانتقادات للصين، بمناسبة، ومن دون مناسبة، يتساءلون عن سبب اختتام الجانبين للمحادثات بهذه السرعة.

فإذا كانت 35 جولة من المحادثات التي استمرت سبع سنوات تعتبر متسرعة، فلماذا يتوقع هؤلاء الناس أن تتغير الأمور في الصين، وهي دولة نامية يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، بين عشية وضحاها؟

 من جهة أخرى، يتساءل البعض عن سبب عدم استشارة بروكسل لواشنطن قبل اتخاذ القرار، أو الانتظار حتى تتولى الإدارة الأمريكية المقبلة مهامها، اليوم الأربعاء. مثل هذه الحجج تتحدى قواعد استقلالية القرار الذاتي الاستراتيجي، فضلاً عن حكمة وبصيرة القيادة الجديدة للاتحاد الأوروبي. فمتى ستدرك هذه المجموعة أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء السبعة والعشرين، لا تحتاج إلى إذن من الولايات المتحدة في العمل على حماية مصالح الكتلة؟

 وقد قال رئيس الوزراء البرتغالي، أنطونيو كوستا، الذي تولت بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في الأول من يناير/ كانون الثاني، إن عرقلة المفاوضات بين الاتحاد والصين، أو انتظار موافقة الآخرين عليها، أو سيرها وفقاً لشروطهم «أمر مروع».

 و ينقسم منتقدو الاتفاق، على الرغم من قلة عددهم، حول ما إذا كان الاتحاد الأوروبي هو الذي منح الفوز للصين، أو ما إذا كانت الصين قدمت الكثير من التنازلات. والحقيقة أن كلاً من الصين والاتحاد الأوروبي اتفقا على اختتام المحادثات، ما يعني أنهما يعتقدان أن النتيجة معقولة ومقبولة، على أقل تقدير.

 لوا شك في أن الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي كان لديها فرصة أن تكون أكثر شمولاً وكمالاً. لكن في أي مفاوضات، لا تعني الصفقة انتصاراً متساوياً لجميع الأطراف ولا أحد يحصل على كل شيء.

أما أولئك الذين يجادلون بأن المفاوضات بين الصين والاتحاد الأوروبي كان ينبغي أن تشمل كل شيء، من حقوق الإنسان إلى منطقة هونج كونج ذات الإدارة الخاصة، فقد غاب عنهم إدراك نقطة مهمة، وهي أنها مجرد صفقة استثمار. والعجيب أنهم لم يثيروا مثل هذه القضايا عندما تم إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وفيتنام في عام 2019 والتي دخلت حيز التنفيذ في أغسطس/ آب الماضي.

 وبدلاً من القول إن المحادثات اختتمت على عجل في وقت حرج، كان من الأفضل أن يعترفوا بأنها جاءت في الوقت المناسب لكلا الجانبين، والعالم. ولا شك في أن فوائد توحيد معاهدات الاستثمار التي أبرمتها الصين مع كل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باستثناء إيرلندا في معاهدة واحدة، واضحة تماماً. فهي ستؤدي إلى زيادة ثقة المستثمرين، من خلال خلق المزيد من الفرص وتوفير حماية أفضل لاستثماراتهم في أسواق الجانبين.

 ولا يمكن نكران حقيقة أن توقيت الاتفاقية كان ممتازاً، لأسباب ليس أقلها أن كلاً من الاتحاد الأوروبي والصين يواجهان تحديات اقتصادية كبيرة بسبب وباء كورونا، وستظل الصين محركاً رئيسياً للتعافي الاقتصادي العالمي. كما أن حلول الصين محل الولايات المتحدة في عام 2020 كأكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي يبشر بالخير أيضاً لمزيد من التعاون المثمر لكلا الجانبين.

 وتحرص الصين على التعاون مع مختلف دول العالم، حيث وقعت في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي ضمت 14 اقتصاداً آخر في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وهي تدرس الانضمام إلى الاتفاقية الشاملة للشراكة عبر المحيط الهادي، التي نشأت من الشراكة عبر المحيط الهادي التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، والتي لم تدخل حيز التنفيذ، حيث انسحب الرئيس الحالي للولايات المتحدة منها عام 2017.

 وتعد الاتفاقيات بين الصين والاتحاد الأوروبي مؤشراً على أن الصين تؤمن بقوة بقضايا التعددية، والتجارة الحرة والاستثمار، والاقتصاد العالمي المفتوح. وبالطبع، ستكون هذه أخباراً سيئة لأولئك الذين يحرضون على احتواء الصين.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …