الرئيسية / مقالات رأي / هل إفريقيا مهمة للولايات المتحدة؟

هل إفريقيا مهمة للولايات المتحدة؟

By: Charles A. Ray – Eurasia Review

الشرق اليوم- لدى معظم الأمريكيين عموماً صورة من صورتين لإفريقيا: موطن بدائي للمجاعة والمرض والحرب الأهلية، أو وطن شاعري جداً. وليست أي من الصورتين صحيحة تماماً. ففي حين أن إفريقيا لها نصيبها الكبير من المشاكل فهي موطن العديد من الأمريكيين، وهي قارة متنوعة تضم أكثر من 50 دولة ومئات الأعراق واللغات؛ وتعد إفريقيا أيضاً القارة الأكثر حداثة في العالم ولديها مجموعة من الاحتمالات المستقبلية. وبخلاف هؤلاء الأمريكيين من أصل إفريقي، هل هذا مهم لشعب الولايات المتحدة؟ ولماذا نحتاج إلى طرح هذا السؤال؟ الواقع أننا نادراً ما نرى مقالات حول ما إذا كانت أوروبا أو آسيا تهم الولايات المتحدة أم لا. ولعدد من الأسباب، الإجابة على هذه الأسئلة هي نعم.

  ويعود تاريخ الارتباط الأمريكي بإفريقيا إلى ما قبل تأسيس الدولة، وقد حان الوقت لاستبدال المفاهيم الخاطئة لدى الأمريكيين حول إفريقيا بالواقع المتنوع والمعقد.

وإفريقيا مهمة من حيث الحجم وعدد السكان ومعدل النمو السكاني. وهي القارة الأكثر تضرراً حالياً بسبب تغير المناخ وإن تدمير هذا النظام البيئي المهم يمكن أن يزيد من تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري. ونظراً لأن سكان المنطقة يتواصلون بشكل متزايد مع حيوانات الغابة المطيرة، فقد تكون هذه المنطقة أصل الوباء الفيروسي التالي في العالم.

وسكان البلدان الإفريقية هم أيضاً من الشباب بأغلبية ساحقة. وما يقرب من 40٪ من الأفارقة تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفي بعض البلدان، يكون أكثر من 50٪ أقل من 25 عاماً. وبحلول عام 2050، سيكون اثنان من كل خمسة أطفال مولودين في العالم في إفريقيا، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة ثلاث مرات. هذه التطورات لها تأثيرات إيجابية وسلبية محتملة على الولايات المتحدة وبقية العالم. فقد تخطى الشباب الأفارقة، في الغالب، العصر التناظري تماماً وأصبحوا يعيشون في العالم الرقمي بشكل مباشر وهم مرتاحون مع التكنولوجيا، ويشكلون سوق عمل واستهلاك ضخم.

وقبل الحرب العالمية الثانية، لم تكن سياسة الولايات المتحدة تجاه إفريقيا نشطة كما كانت تجاه أوروبا أو آسيا أو أمريكا اللاتينية. وخلال الحرب الباردة، كان يُنظر إلى السياسة الإفريقية في المقام الأول من منظور تنافس القوى العظمى.

والولايات المتحدة، مع العديد من القضايا المحلية والدولية التي يتعين عليها التعامل معها، لا يمكنها تحمل الاستمرار في تجاهل إفريقيا. وللمضي قدماً، يجب أن تتضمن سياسة الولايات المتحدة نظرة صارمة على المكانة التي تتناسب فيها إفريقيا مع أولويات السياسة.

  وستواجه إدارة بايدن القادمة عدداً من القضايا والتحديات المهمة وهي تطور سياستها تجاه إفريقيا. والقضايا الأكثر إلحاحاً هي ما يلي:

  تغير المناخ التي تؤثر تأثيرا متزايدا في القارة الإفريقية، حيث يصيب الفئات الأشد ضعفاً ويساهم في انعدام الأمن الغذائي ونزوح السكان والضغط على موارد المياه.

وسيادة القانون والتخفيف من الفساد: فمن العوامل الأساسية للتنمية الإفريقية، وبالنظر إلى التوسع الحضري المتزايد، والزيادات السكانية، وفتوة سكان القارة، سيكون هناك زيادة في الاستثمار المحلي والدولي لبناء الصناعات التي يمكن أن توفر فرص عمل ذات مغزى وتحسين المعايير المعيشة. ولكي ينجح ذلك، ستحتاج الدول الإفريقية إلى معالجة قضايا سيادة القانون والفساد.

  التطرف العنيف والإرهاب حيث يعاني عدد من الدول الإفريقية حالياً تصاعد الحركات المتطرفة. في حين أن الحركة الجماعية للأشخاص الذين يفرون من العنف وتعطيل النشاط الاقتصادي هي قضية محلية في المقام الأول، ولها القدرة على التأثير سلباً على بقية العالم.

  منافسة القوى العظمى: حيث يمكن للغرب أن يتنافس بشكل أفضل من خلال التفوق على الصين في مجالات القوة وتوفير السلع والخدمات الأكثر تفوقاً. وفي الوقت نفسه، لا يزال يتعين اعتبار روسيا، التي لم تبتعد تماماً عن إفريقيا في نهاية الحرب الباردة كما يعتقد الكثير في الغرب، عاملاً مهماً في المشهد الإفريقي.

  وإفريقيا تهم الولايات المتحدة وبقية العالم. ويمكن الشعور بآثارها خارج حدود القارة، ولكن إذا تم التعامل معها كشريك وليس كراعٍ، مع التركيز على مساعدة الدول الإفريقية على تحسين الحوكمة، وتعزيز البنية التحتية الحيوية، والاقتصادات المحلية، وتوفير الخدمات الأساسية للجميع ما يعني أنه يمكن لإفريقيا أن تكون مساهماً إيجابياً على المسرح العالمي.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …