الرئيسية / مقالات رأي / Time: أعمال الشغب بالكونغرس تشكلت عبر سنوات.. تعرف على أسباب انقسام أمريكا

Time: أعمال الشغب بالكونغرس تشكلت عبر سنوات.. تعرف على أسباب انقسام أمريكا

BY: Ian Bremer

الشرق اليوم- لا توجد دولة ديمقراطية صناعية متقدمة في العالم أكثر اختلالا وانقسامًا سياسيا مما عليه الولايات المتحدة اليوم، فكيف وصلت أقوى دولة في العالم إلى هذه النقطة؟

إن أعمال الشغب التي اجتاحت الكونغرس يوم الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني الجاري، لم تكن وليدة سنوات من الإعداد فقط بل وليدة عقود، ويعود ذلك لثلاث سمات تميّز المجتمع الأمريكي تجاهلها السياسيون الأمريكيون زمنا طويلا، وهي: الإرث العرقي المستمر، والطبيعة المتغيرة للرأسمالية، وانقسام المشهد الإعلامي الجمعي بالولايات المتحدة.

الإرث العرقي

على الرغم من أن الولايات المتحدة ليست البلد الوحيد الذي لديه تاريخ مضطرب من العلاقات العرقية، فإن تعاطيها مع معالجة الإرث العرقي والعنصرية المستحكمة كان بطيئا، حيث استغرقت المصادقة على قانون الحقوق المدنية لعام 1964 قرابة قرن بعد نهاية الحرب الأهلية، على سبيل المثال لا الحصر.

وقد اتخذت بعض الخطوات خلال العقود الأخيرة لمعالجة هذا الإرث بشكل جدي، من ضمنها قوانين مكافحة التمييز وبعض الجهود العملية الأخرى، التي أثمرت في وضع الأميركيين السود على طريق مساواة أكثر، ومهدت الطريق أمام انتخابات أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة.

ولكن كما أوضحت احتجاجات حركة “حياة السود مهمة” خلال الصيف الماضي، لا يزال هناك الكثير من العمل غير المكتمل في هذه القضية.

الجزء الثاني من القصة

ما تطرق إليه آنفا لم يكن سوى جزء من القصة، أما جزؤها الآخر فيتعلق برد الفعل العنيف على قضية تسوية الإرث العرقي، حيث ترى مجموعة من الأمريكيين البيض، معظمهم من أهل الريف، أن وضعهم في المجتمع أصبح مهددا نتيجة للتركيبة السكانية والحسابات العرقية الأخيرة.

وقد تجلى ذلك في السياسة، على سبيل المثال، في شكل مخططات إعادة تقسيم الدوائر، وقمع الناخبين، والعنف الذي كان مبنى الكونغرس مسرحا له مؤخرا.

هذا القلق وإن أسهمت في وجوده عوامل اقتصادية سنتطرق إليها فيما بعد، فإننا نفهمه بشكل أفضل بالنظر إليه من بعده الأوسع المتعلق بالهوية، وفقا للكاتب.

وبعد سنوات من تشكّل هذا الاتجاه، وصلت مشاعر الاستياء تلك إلى ذروتها في سنوات ترامب، وبلغت ذروتها في أعمال الشغب المميتة التي استهدفت مبنى الكونغرس الأسبوع الماضي.

الرأسمالية المتقلبة

هناك أيضا عامل الطبيعة المتقلبة للرأسمالية، فقد مكنت الرأسمالية والنمو الاقتصادي الذي جلبته الولايات المتحدة من أن تصبح القوة العظمى الأبرز في العالم خلال النصف الأخير من القرن العشرين.

لكنْ هناك جانب آخر للرأسمالية الأمريكية، فقد ولد هذا النظام الاقتصادي الفردي ثروات هائلة ولكنه أيضًا أدى إلى وجود عامل أمريكي متوسط الدخل بشبكة أمان اجتماعي أقل، خاصة بالمقارنة مع نظرائه الأوروبيين، كما ولد نظامًا سياسيًا أكثر عرضة للسيطرة عليه من قبل أصحاب المصالح الخاصة والممولين.

وما ذكر آنفا ليس عاملا جديدًا ظهر فجأة مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، فرغم أن الرأسمالية الأمريكية قد سمحت منذ أمد بعيد بوجود عدم مساواة في العوائد المادية، فإن السنوات الثلاثين الماضية شهدت ارتفاعًا في عدم تكافؤ الفرص أيضا. وهذا الشكل الأخير أكثر تدميرا عندما يشعر الناس أنهم لم يحصلوا حتى على فرصة للمنافسة، ناهيك بالنجاح، فمن شأن ذلك أن يثير غضبهم.

دور الإعلام

الثورة التكنولوجية، وما جلبته من سرعة وانتشار لوسائل الإعلام، أسهمت في تسريع وتعميق وتيرة الانقسام الذي تشهده أمريكا، خاصة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن العنصر التخريبي حقًا الذي أدخلته شركات التكنولوجيا هو الخوارزميات المصممة بنشاط لجذب المزيد من عائدات الإعلانات والمتابعين، وغالبًا ما يتم تحقيقها عن طريق الترويج للمحتوى المتطرف والمضلل، وكل ذلك كان على حساب المواطنة السليمة والمستنيرة.

إن هناك تحديات عديدة تنتظر الرئيس المنتخب جو بايدن عندما يتولى منصبه، وعلى الرغم من أن القضاء على وباء كورونا قد يكون التحدي الأكثر إلحاحًا بالنسبة له، فإنه ليس التحدي الأصعب. إذ يمكن للقاحات أن تفلح في القضاء على الأوبئة، ولكن لا يوجد لقاح للقضاء على انقساماتنا السياسية.

ترجمة: الجزيرة

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …