الرئيسية / مقالات رأي / Washington Post: كوريا الجنوبية تحتاج مزيداً من السكان

Washington Post: كوريا الجنوبية تحتاج مزيداً من السكان

By: Daniel Moss

الشرق اليوم- استقبلت كوريا الجنوبية العام الجديد بتسجيل أول انخفاض سنوي في عدد السكان. ولسوء الحظ، تواجه الحلول المعتادة بعض التحديات العملية في ظل جائحة «كوفيد-19». وقالت وزارة الداخلية والسلامة، الأسبوع الماضي، إن عدد الموظفين انخفض بشكل طفيف إلى 51.8 مليون موظف العام الماضي. وكان التراجع نتاجاً لانخفاض بنسبة 10.6% في عدد المواليد، إلى جانب زيادة بنسبة 3.1% في عدد الوفيات. وبذلك تنضم الآن كوريا الجنوبية إلى جارتها اليابان في المعاناة من انخفاض فعلي في عدد السكان، بعد معدلات نمو متناقصة ميزت السنوات الماضية. وذكرت وكالة الأنباء الوطنية «يونهاب» أن الوزارة دعت إلى «تغييرات جوهرية» دون تقديم تفاصيل.

وتنبع التحديات الديموغرافية في كوريا جزئياً من تدابير تنظيم الأسرة التي فرضتها الإدارات المدعومة من الجيش في الستينيات، والتي تهدف إلى القضاء على الفقر. وبحلول مطلع القرن، كان هناك تناقص في عدد السكان يلوح في الأفق، لكنه ليس وليد الصدفة.

وتصارع كوريا الجنوبية مع زيادة في حالات كوفيد-19 التي تهدد بتقويض بعض التوقعات الاقتصادية الوردية لعام 2021. ويتعين على الأمة أن تتعامل مع منافسة تجارية مريرة بين الولايات المتحدة، الضامنة للأمن القومي لكوريا الجنوبية، والصين أكبر شريك تجاري لها.

وتبدو الإصلاحات التي دافع عنها الكثير من الناس في عام 2019، أي قبل جائحة فيروس كورونا المستجد، ومنها تشجيع الأزواج على إنجاب المزيد من الأطفال وزيادة الهجرة.. تبدو الآن غير واقعية. فحدود العديد من البلدان مغلقة بسبب الجائحة. وقد فرضت كوريا الجنوبية نفسها ضوابط صارمة على حركة السفر والعبور. كما أن ارتفاع معدلات البطالة والقيود المفروضة على التواصل الاجتماعي، مستجدات لا تشجع على النمو السكاني، بغض النظر عن الحوافز التي تقدمها الدولة. ولطالما اشتكى سكان سيول من تكلفة تربية الأطفال حتى قبل الجائحة وما ترتب عليها من انكماش اقتصادي.

ومما فاقم الانخفاضَ السكاني، الهجرةُ من الريف إلى سيؤول التي ارتفع بالفعل عدد سكانها وسكان المناطق المحيطة بها، حيث أصبح يتركز حوالي نصف سكان البلاد.

ومما يثير الدهشة أن العديد من سكان الريف قالوا إنهم مرتاحون للهجرة إلى العاصمة. وأثناء زيارتي، لاحظت أن القليل من النوادل في المطاعم من السكان المحليين. وحثت لافتةٌ في مقاطعة أويسونج بوسط البلاد الناسَ على الزواج من الكوريين الشماليين. ويوجد بقاعة الكنيسة مكتب مزدحم يدعم العرائس من جنوب شرق آسيا الذين يتزوجون من المزارعين المحليين.

إن مشكلات كوريا الجنوبية ليست فريدة من نوعها في المنطقة، فبينما شنت اليابان حملة منذ فترة طويلة للقيام بتغييرات ديموغرافية عميقة، حدثت تحولات مماثلة في أماكن أخرى في شرق آسيا. فالصين التي كان يُنظر إليها ذات يوم على أنها تجمع غير محدود للعمالة الرخيصة، لديها الآن سوق عمل محدود إلى حد ما. أما معدلات الخصوبة في هونج كونج وتايوان فهي منخفضة للغاية. وفي سنغافورة انخفض عدد السكان لأول مرة منذ عام 2003. وبينما يُعزى الانخفاض بالأساس إلى مغادرة الأجانب نتيجة للركود العميق، تحاول هونج كونج منذ سنوات زيادة معدل المواليد. وتضمنت إجراءات التحفيز، العام الماضي، تقديم مكافآت لتشجيع الأزواج على إنجاب الأطفال.

ولا يمكن أن تتحول هذه القوى بين عشية وضحاها. فقد مثل التباعد الاجتماعي حافزاً إضافياً للأتمتة المتزايدة، وهي ظاهرة أشعرت الناس بالراحة في كوريا الجنوبية واليابان، وكلاهما مصدِّران رئيسيان لتكنولوجيا العمل من المنزل. وكانت الروبوتات في البلدين تقوم فعلا بمزيد من الوظائف في المطارات. وفي سنغافورة، يمكن للروبوتات صنع الكابتشينو في المقاهي العصرية والتنظيفَ في مراكز الباعة المتجولين. وقد أفاد المنتدى الاقتصادي العالمي في أكتوبر الماضي بأن أكثر من 40% من الشركات التي شملها الاستطلاع ستعمل على تقليص قوتها العاملة بسبب دمج التكنولوجيا. وبحلول منتصف هذا العقد، سيكون الوقت الذي يقضيه البشر والآلات في المهام الحالية متساوياً.

واستجابةً للظروف والتحولات المستجدة في الميادين الصحية والديموغرافية والتكنولوجية، أقر رئيس كوريا الجنوبية «مون جاي ان» العديد من الميزانيات التكميلية في عام 2020، وهو يخطط للاقتراض بمستوى قياسي هذا العام. ويحدث ذلك عندما تكون أسعار الفائدة منخفضةً للغاية، حيث يتم احتواء ديون كوريا الجنوبية نسبياً بالقياس لمعظم أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكن في مرحلة ما، يجب التخلص من هذه الأموال السهلة جزئياً على الأقل. وتجد اليابان نفسها ترفع ضريبة الاستهلاك كل بضع سنوات، مما يؤدي عادة إلى الركود، لمواجهة الاعتماد على الرسوم ذات الصلة بالدخل. وليس من الصعب رؤية كوريا الجنوبية تحذو حذوها في مرحلة ما. لقد مضى وقت طويل منذ أن بدأ المعلقون يتحدثون عن «العائد الديموغرافي» لآسيا، وهو مصطلح يطلق على السكان الديناميكيين الذين من شأنهم قيادة معدلات النمو الاقتصادي القوية.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …