الرئيسية / الرئيسية / The New York Times: خروج بريطانيا قوّى الاتحاد الأوروبي.. وإدارة بايدن ستواجه حلفاء أوروبيين عازمين على “استقلالهم الاستراتيجي”

The New York Times: خروج بريطانيا قوّى الاتحاد الأوروبي.. وإدارة بايدن ستواجه حلفاء أوروبيين عازمين على “استقلالهم الاستراتيجي”

BY: Roger Cohen

الشرق اليوم – إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيفتح المجال أمام انطلاقة وسياسة جديدة للاتحاد، من شأنها منحه قوة وحضورا جديدا رغم خسارة الجميع بطبيعة الحال من هذا الخروج.

الاتحاد الأوروبي سيشهد تحفيزا في بعض النواحي، كما أننا سنشهد تغلبا على بعض العقبات، وإعادة تشغيل المحرك الفرنسي الألماني للوحدة الوثيقة.

وبحسب فرانسوا ديلاتر، المسؤول في وزارة الخارجية الفرنسية: “إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس خبرا جيدا لأي شخص، لكنه ساهم بلا شك في إعادة توحيد أوروبا، ما أظهر وحدتها طوال المفاوضات”.

وأضاف: “لقد فعل الاتحاد الأوروبي بدافع من خروج بريطانيا مواجهة جائحة فيروس كورونا، ومواجهة عداء ترامب وهي أشياء لم يكن من الممكن تصورها في السابق بصورة أقرب للفيدرالية ولطالما عارضتها بريطانيا دائما”.

إن خروج بريطانيا دفع ألمانيا إلى التخلي عن سياسة التقشف العنيد، حيث أصبحت فيدرالية الديون الأوروبية، التي كانت من المحرمات الطويلة بالنسبة للألمان، ممكنة، كما أنه يمكن للاتحاد الأوروبي الآن الاقتراض كما تفعل أي حكومة – وهي خطوة نحو المكانة السيادية ووسيلة لتمويل صندوق التعافي من الأوبئة البالغة ميزانيته 918 مليار دولار والذي كان من المحتمل أن يعرقله الوجود البريطاني.

وقال كارل كايزر، الرئيس السابق للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية: “لقد جعل بريكزيت أنغيلا ميركل مستعدة للتخلي عن المواقف التي كانت مقدسة.. فلطالما كان هناك نقاش حول توسيع أو تعميق الاتحاد الأوروبي. حسنا، لقد تم تعميقه”.

وجزء من هذه العملية كان إعادة التفكير في دور أوروبا. فيتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الآن كثيرا عن الحاجة إلى “الاستقلال الاستراتيجي”.

وفي قلب هذه الفكرة يكمن الاقتناع بأنه في مواجهة روسيا والصين والولايات المتحدة التي أصبحت عدم موثوقيتها واضحة، يجب على أوروبا تطوير ذراعها العسكرية لدعم السياسات المستقلة.

وقال ماكرون للمجلة الأسبوعية الفرنسية “L’Express” في كانون أول / ديسمبر الماضي: “من كان سيقول قبل ثلاث سنوات إن أوروبا ستلتزم بهذه السرعة بإعادة إطلاق الميزانية من خلال الديون المشتركة، والاستقلال العسكري والتكنولوجي الاستراتيجي؟ هذا ضروري، لأن مصير فرنسا يكمن في أوروبا ذات السيادة”، ملمحا إلى أوروبا المستقلة التي تعمل “إلى جانب أمريكا والصين”، وهو ترتيب له دلالته.

الاتحاد وافق من خلال صندوق الدفاع الأوروبي الخاص به، في عام 2020 على استثمار أكثر من 10 مليارات دولار في تطوير المعدات العسكرية المتقدمة والتكنولوجيا وقدرة أكبر على الحركة، بشكل مشترك، وذلك لم يكن كثيرا، وأقل من المخطط له، ولكنه يكفي للإشارة إلى حالة عقلية أوروبية جديدة، فعندما تخطط فرنسا وألمانيا لصناعة طائرة اليورو المسيرة فإن شيئا ما قد حدث.

ومن شبه المؤكد أن هذا التغيير سيؤدي إلى توترات بين الاتحاد الأوروبي والإدارة القادمة للرئيس المنتخب جو بايدن الذي كما قال أحد المسؤولين إنه يشكل “جزءا من الديكور الأوروبي الأمريكي”.

بايدن، العضو المنتظم في مؤتمر ميونخ للأمن منذ عقود، هو من خلال تشكيله وخبرته رجل ذو رؤية تقليدية للتحالف: الولايات المتحدة تقود، والحلفاء ينتظمون في الصف. ولكن العالم قد تغير. لا يمكن ببساطة التخلص من تأثير سنوات ترامب، وأثر غياب أمريكا خلال الأزمة العالمية التي سببها الوباء.

وبهذا الشأن قالت المحللة السياسية الفرنسية نيكول باشاران: “لا يمكنك أن تفقد الثقة إلا مرة واحدة.. فمتى ذهبت ذهبت. لقد تعلمنا أن الرئيس الأمريكي يمكنه فقط التراجع عن الأمور”.

يمكننا القول إن رحيل ترامب يسعد معظم الحكومات الأوروبية، إنهم يعتقدون أن اللياقة الأمريكية قد عادت مع بايدن. ومع ذلك، فهم لا يوازنون بالضرورة بين ارتياحهم وقضاء شهر عسل طويل، حتى لو كان الرئيس القادم وأنطوني بلينكين، مرشحه لمنصب وزير الخارجية، على دراية بتغير الزمن، وأن حل المشكلات الكبيرة يتطلب الأخذ والعطاء وهو ما تجنبه ترامب.

وفي ما يتعلق بسياسة الصين وإيران والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقضايا المناخ، فستكون أوروبا المحاصرة بتجربة الرئيس الأمريكي الذي احتقر الناتو ودلل روسيا أكثر حزما.

لقد تعاونت فرنسا وألمانيا بالفعل في ملف ضخم يغطي جميع القضايا الدولية الرئيسية وسلمته إلى المسؤولين في إدارة بايدن المستقبلية.

وبطبيعة الحال، لم يتعاف الاتحاد الأوروبي المريض الذي أنتج خروج بريطانيا ولم يتوقف تصاعد القومية.

اتحاد يُنظر إليه على أنه بيروقراطي للغاية وغير ديمقراطي بما فيه الكفاية. لن تختفي الانقسامات التي ابتلي بها كيان مؤلف من 27 عضوا، مع 19 دولة تشترك في عملة لكن لا يتقاسم أي منها حكومة.

ومع ذلك، فقد اندفع الاتحاد الأوروبي نحو إحساس جديد بقيمته، ويبدو أن خروج دولة من الاتحاد الأوروبي لن يتكرر.

لقد رأت دول أوروبا عن كثب أن الطلاق هو دائما هزيمة والمفاوضات التي تكون نقطة نهايتها حواجز جديدة هي أيض كذلك أيضا.

كان قرار بريطانيا بالمغادرة جوهريا. فعل مستوحى من ماض خيالي ويرفعه مستقبل خيالي تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي ويمكّنه تلافي الحقيقة. 

لقد كان فشل حلم “الولايات المتحدة الأوروبية”، في القارة التي ماتت القوات البريطانية والأمريكية لتحريرها من النازيين، وهو ما تحدث عنه لأول مرة ونستون تشرشل في عام 1946. لقد فقد الجميع في أوروبا وبريطانيا شيئا ما. ولكن كما أشار جان مونيه، أحد الآباء المؤسسين لما تشكل الاتحاد الأوروبي: “من الأزمات أوروبا تصنع نفسها”.

ترجمة: عربي 21

شاهد أيضاً

عن الاحتجاجات الطلابيّة في الغرب وعن حدودها

بقلم: حازم صاغية – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ينتظر كثيرون من خصوم الاحتجاجات الطلاّبيّة …